مذلولة ومنكسة الرأس، هكذا ظهرت الجاسوسة انشراح موسى، على شاشة التلفزيون المصري في الحوار الوحيد الذي أجراه معها الفنان سمير صبري بعد أن أصدر الرئيس محمد أنور السادات أمره بالعفو عنها، مؤكدة أنها أخطأت في حق مصر وأنها لن تفكر أبدًا في خيانتها مجددًا، لكن الحقيقة كانت أبعد ما تكون عن ذلك.
كانت انشراح موسى وزوجها إبراهيم شاهين قد أدينا بالتجسس لصالح إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي، ونفذ بالفعل حكم الإعدام في الأول عام 1977، ويمكنك قراءة قصتهما كاملة بالضغط هنا.
وفي عام 1979، عقب خروجها من السجن، وعقب قولها إنها اتجهت إلى الله وأنها أصبحت مواطنة مصرية صالحة، هربت المصرية إلى إسرائيل هي وأولادها، واعتنقوا جميعًا اليهودية، وغيرت اسمها لـ«دينا بن ديفيد»، كما غير أبناؤها نبيل ومحمد وعادل أسماءهم لتصبح بالترتيب يوسي وحاييم ورافي.
ونشرت «وكالة التليجراف اليهودية» أول حديث لها وأحد أبنائها، بعد 10 سنوات كاملة في إسرائيل، وتحديدًا في 28 نوفمبر عام 1989، ولفتت الوكالة إلى أن «المرأة المصرية التي تجسست يومًا لصالح إسرائيل هي وزوجها كسرت صمتها الذي امتد لعقد كامل عن العملية، مع شكوى من تجاهل السلطات الإسرائيلية لها».
وأضافت الوكالة: «السيدة التي تعيش الآن في إسرائيل، تدعي أن زوجها أعطى إسرائيل إنذارًا مسبقًا عن حرب يوم كيبور (حرب أكتوبر) وقد خلقت قصتها جدلًا حول سبب عدم استعداد إسرائيل للهجمات المصرية والسورية المفاجئة في يوم كيبور 1973، وخسرت حينها إسرائيل 3000 بين قتيل وفقيد في شهر من القتال».
وأعربت انشراح موسى أو انشراح شاهين، كما أطلقت عليها الوكالة، في بداية حديثها عن عدم ندمها للتجسس لصالح إسرائيل، فيما لفتت الوكالة إلى اعتناقها اليهودية وتغيير اسمها.
لكن الندم لم يكن هو ما يشغل الجاسوسة السابقة، بل أحوالها المادية الصعبة، كما أوضحت للصحفيين.
وتحدثت المصرية الهاربة عن نشاطها التجسسي قائلة: «قمت بتصوير كل المطارات، وكل قاعدة عسكرية وكل كوبري في القاهرة، وخبأنا الأفلام في ألعاب أطفال وأرسلناها إلى إسرائيل، كل ستة أشهر كنا نرسل أكثر من 40 فيلم».
وأوضحت انشراح موسى أنها وزوجها كانا يتجسسان من أجل المال، وأنهما كانا يحصلان على 1750 دولارا لكل منهما شهريًا، وبعد الرحيل إلى إسرائيل، أعطت الحكومة لكل من أولادها 25 ألف دولار، لكنها لم تحصل على شيء.
وقالت «موسى» إنها تعمل طباخة مقابل 500 دولار شهريًا، وكذلك يعمل أحد أبنائها، أما ثاني أبنائها فيعمل نادلا، والثالث طالب جامعي.
وتحدث ابنها عادل أو رافي بن ديفيد، حسب اسمه الجديد، قائلًا: «لقد عشنا هنا لعدة سنوات ولا يعرف أحد من نحن أو كيف ساهمنا في دولة إسرائيل، والدي دفع حياته والآن من أجله أريد الدولة كلها أن تعرف من هو إبراهيم شاهين».
أما الجهات الأمنية الإسرائيلية فيبدو أنها لم تبد أهمية لهما، ونقلت الوكالة عن مصدر أمني أنهما تم تجنيدهما لجمع معلومات عامة، وأنهما «لم يرسلا أبدًا أي تحذير واضح عن حرب 1973».