حالة من التزاحم والتسابق في التطرف القائم على تزوير الحقائق التاريخية، لتبرير سرقة الأرض الفلسطينية واستعمارها وتهويدها بالقوة، غمرت الساحة السياسية في اسرائيل في الأيام القليلة الماضية، من خلال جُملة من التصريحات والمهاترات التي أدلى بها كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير حربه أفيغدور ليبرمان، اللذان أعلنا بالأمس تمسكهما بتعميق الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، ووعدا جمهورهما من اليمين ببناء المئات من الوحدات الاستيطانية في مستوطنة (بيت ايل)، وتصعيد عمليات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة بكافة الأشكال. نتنياهو الغارق في دوامة الملاحقات الجنائية، حاول التشبث بأكذوبة جديدة من خلال تزوير وتشويه عميق للحقائق التاريخية والعلاقة بالأرض، عبر نشره لصورة (عملة معدنية) وصفها بـ (الاثرية)، على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا: (..هذه عملة معدنية عمرها الاف السنين، وهي شهادة اخرى للعلاقة العميقة بين شعب اسرائيل وأرضه، اورشليم،الهيكل والتجمعات في يهودا والسامرة)!!. لكن، إبحار نتنياهو في خيال أكاذيبه لم يطول، حيث سارعت وسائل اعلام عبرية وبالاعتماد على شهادات لخبراء اثار من الاسرائيليين أنفسهم، الى كشف أكذوبته الجديدة، مؤكدةً أن تلك العملة ليست سوى تذكار أصدره (متحف اسرائيل) وتم توزيعه على الأطفال الذين يقومون بزيارته، مما إضطر نتنياهو الى ازالة هذا المنشور.
هذه الاكذوبة التي حاول نتنياهو تمريرها والترويج لها، تعكس جزءاً من عقلية اليمين الحاكم في اسرائيل وأيديولوجيته الظلامية والعنصرية، التي تبرر إحتلال أرض شعب آخر بالقوة، وتهجيره عن وطنه، وسرقة أرضه ومقدساته، من خلال اللجوء الى عمليات واسعة النطاق من تزوير وتشويه الحقائق والتلاعب في الادلة التاريخية والاثرية من جهة، وعبر إجراءات ميدانية متواصلة للتضييق على حياة الفلسطينيين وهدم منازلهم ومنشآتهم وممتلكاتهم، ومحاولة خلق وقائع جديدة بقوة الاحتلال، تسهل الترويج لأيديولوجية اليمين الحاكم ومواقفه، من جهة أخرى. هنا تؤكد الوزارة، أن الاحتلال وممارساته غير شرعي وغير قانوني، وهو عبارة عن عمليات استعمارية كولونيالية ليس لها أي سند قانوني أو تاريخي، وإنما تعتمد فقط على القوة الغاشمة والبلطجة المنفلتة من أي قانون، ولن تنطلِ على أي جهة كانت.
إن الوزارة اذ تدين الاستيطان بجميع أشكاله ومحاولات تسويقه وشرعنته، فإنها تطالب المجالس والهيئات والمنظمات الأممية، بضرورة إعادة الاعتبار لدورها ومسؤولياتها وقراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية، ليس فقط من خلال ضرورة الإسراع في تنفيذ هذه القرارات وإجبار إسرائيل على احترامها، وإنما أيضا عبر محاسبة ومعاقبة إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في فلسطين، على تعطيلها لتنفيذ تلك القرارات.