تدين وزارة الخارجية بأشد العبارات تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أعاد فيها تكرار تمسكه بالاحتلال والاستيطان، قائلا: ( لن يتم إقتلاع أي مستوطن من منزله وسنواصل البناء في كامل يهودا والسامرة، ونخطط لمواصلة البناء في جميع أنحائها، وأتشرف بأنني اول رئيس وزراء يبني بلدة جديدة فيها)، وترجمةً لهذا التوجه الاستعماري، كشفت وسائل اعلام عبرية بأن ما يسمى بلجنة التخطيط العليا في الادارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، وافقت بالأمس على مخططات إقامة مستوطنة يهودية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وتشمل هذه المخططات اقامة أكثر من 1800 وحدة إستيطانية جديدة في مستوطنات الضفة.
تنظر الوزارة بخطورة بالغة لهذا التصعيد في عمليات البناء الاستيطاني وسرقة الأرض الفلسطينية وتداعياته على فرص تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، وتعتبره تحدياً سافرا للمجتمع الدولي واستفزازاً غير مسبوق للشعب الفلسطيني وقيادته، حيث يسمح نتنياهو لنفسه أن يبني في الارض الفلسطينية المحتلة وكأنها ملكاً وحقاً له ويتصرف بها كما يشاء، ويسخرها لصالح الاستيطان.
في السياق، إن الوزارة اذ ترحب بالبيان الصحفي الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيرس"، بمناسبة الذكرى الخمسين للنكسة، الذي قال فيه : (لقد آن الاوان لانهاء الصراع باقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل)، كما ترحب بتصريح منسق الأمم المتحدة للمساعدات الانسانية والانشطة الانمائية، الذي طالب فيه بإنهاء الإحتلال، الا أنها تؤكد هنا أن حماية حق الشعب الفلسطيني في أرض وطنه هي مسؤولية دولية، والوقوف في وجه نتنياهو ومواقفه العنصرية والتحريضية هي مسؤولية مجلس الأمن والأمين العام للامم المتحدة، وتلك الدول التي تحترم القانون الدولي. لقد بات واضحا أن عدم فرض عقوبات دولية على اسرائيل وانتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي يشجعها على مواصلة تدمير فرص تحقيق السلام.
وعليه تطالب الوزارة المجتمع الدولي وبشكل خاص الإتحاد الأوروبي بطرح هذه القضية إنسجاما مع مبادئه التي تأسس من أجلها، وتؤكد أيضا أن كل من يرفض فرض عقوبات دولية على إسرائيل فهو شريك لها في هذه الجريمة ضد الانسانية، كما أن السكوت على تصريحات نتنياهو وأركان ائتلافه اليميني الحاكم، المخالفة للقانون الدولي يعني فشل المنظومة الدولية في الحفاظ على سبب وجودها والأهداف التي تشكلت من أجلها.
ها هي فلسطين لتكون من جديد الاختبار لقدرة المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في التحرك لانهاء الاحتلال والاستيطان، ويبدو أن نتنياهو قد استعجل الأمر هذه المرة بتحديه الكبير للمجتمع الدولي. فهل سيقبل المجتمع الدولي هذا التحدي؟ أم سيسمح لنتنياهو بالانتصار. انتصار لن يدفع المجتمع الدولي ثمنه وانما سيدفع ثمنه الشعب الفلسطيني. السؤال هو: ما الذي سيجعل المجتمع الدولي يتحرك حيال هذه القضية الخطيرة؟ ما هو الثمن الذي سيجبر المجتمع الدولي على التحرك؟