تزامناً مع الذكرى الـ 50 لاحتلال إسرائيل للأرض العربية والفلسطينية، كشفت تقارير إعلامية أجنبية عن تخصيص الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة عشرات مليارات الدولارات لصالح الاستيطان، عبر قنوات مالية خلفية للتحايل على المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، علماً بأن المبالغ المالية التي جرى تخصيصها لتعزيز وتطوير الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة تفوق تلك الأرقام بكثير، في مسعى إسرائيلي رسمي لتهويد وضم أوسع مساحة ممكنة من أرض دولة فلسطين المحتلة، ومحاصرة الوجود الفلسطيني في "كانتونات" معزولة بعضها عن بعض، بما يؤدي الى تقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة الى جانب اسرائيل، وإنشاء نظام فصل عنصري بغيض في فلسطين، وقد حاولت حكومات الاحتلال المتعاقبة الاختباء وراء ذرائع وحجج أمنية لتبرير سرقتها للارض الفلسطينية والاستيطان فيها، وهو ما فندته مواقف عدد من جنرالات الاحتلال في الأيام الأخيرة.
لطالما حذرت وزارة الخارجية المجتمع الدولي والدول كافة من تداعيات هذه القضية ومخاطرها على فرص تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة وأن هذه السياسة اتسعت منذ تسلم نتنياهو الحكم في العام 2009، حيث بادر الى توسيع وتعميق قنوات الدعم المالي الرسمي للاستيطان وجمعياته ومنظماته المختلفة، في إطار مخططات اليمين الحاكم تنفيذ أيديولوجيته الظلامية القائمة على إنكار الحق الفلسطيني في أرض وطنه، وهو ما عكسه بوضوح التصريح العنصري الذي نقله الاعلام العبري مؤخرا، عن الرئيس الاسرائيلي "رئوفان ريفلين"، الذي قال فيه: (إن مستوطنة "كريات أربع" ستبقى في مكانها طوال مئات السنين المقبلة).
ترى الوزارة أن إكتفاء المجتمع الدولي بإصدار قرارات أممية تدين الاستيطان وتدعو الى وقفه، دون آلية تطبيق ملزمة لدولة الاحتلال، أو إصدار بيانات شكلية تدين الإستيطان وتتحدث عن مخاطره، دون أن يكون لها أي مردود سلبي على علاقة الدول بإسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال والاستيطان في فلسطين، بات يشكل غطاءً وتشجيعاً لحكومة الاحتلال على التمادي في تنفيذ سياساتها ومخططاتها الاستيطانية، ويدفعنا الى التساؤل عن مدى إلتزام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في إنفاذ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية على الحالة في فلسطين. إن غياب آلية دولية ملزمة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالاستيطان في فلسطين المحتلة، يشكك في حقيقة الموقف الدولي الداعم لحل الدولتين ومصداقيته. وعليه تطالب الوزارة مجلس الأمن الدولي التحرك العاجل لتنفيذ قراراته بشأن الاستيطان، خاصة القرار الاخير رقم 2334، وقبل فوات الأوان.