كتب عاموس هرئيل، المحلل العسكري لصحيفة هآرتس : - بدون استطلاعات رأي مسبقة ومضللة، بدون تدخل روسي- انتخابات قيادة حماس التي نشرت نتائجها مساء السبت، كانت الحالة النادرة مؤخراً التي تجسدت فيها توقعات المحللين.
انتخاب اسماعيل هنية لمنصب رئيس المكتب السياسي لحماس من المتوقع أن يستعيد مكانة قطاع غزة الكبيرة، مقارنةً بقيادة حماس الخارج. لكن حسب توقعات الاستخبارات الإسرائيلية فإن فوز هنية لن يلغي كلياً تأثير رئيس المكتب السياسي المنتهية ولايته خالد مشعل والذي قام خلال العام الماضي بما يشبه ورشة تأهيل ليتسلم منصبه خلفا له وجمعه بقادة كثيرين في العالم العربي. هنية سيكون منذ هذه اللحظة وجه حماس الرسمي لكن من المتوقع أن يستمر احتضان مشعل له. سيتوجب على هنية الاستمرار بالتعامل بحذر ومهارة بين الدول المختلفة التي تحاول الإملاء على حماس سياساتها. مشعل وفي ضوء الزعزعة في العالم العربي اضطر لإبعاد الحركة عن المحور الإيراني- السوري من أجل الحفاظ على العلاقات مع الدول السنية الكبيرة وعلى رأسها السعودية وبدرجة معينة مصر.
قيادة الذراع العسكري بغزة وعلى رأسها محمد الضيف لم تكن شريكة في تلك التحفظات واستأنفت العلاقة مع إيران، بالرغم من مخاطر اصطفاف حماس مع المحور الشيعي في المنطقة. وطهران استأنفت أيضاً من جانبها المساعدات المالية للذراع العسكري بغزة، لكن حجم المساعدات انخفض، ومثل جهات أخرى تتلقى دعماً في العالم العربي وعلى رأسها السلطة الفلسطينية، أيضا حماس اضطرت خلال أعوام الماضية إلى الاكتفاء بالقليل نسبياً، بالرغم أن جزء كبيراً من الأموال أُنفقت على زيادة قوتها العسكرية. انتخاب السنوار قائدا لحماس بغزة خلفاً لهنية أُعلن قبل نحو شهرين. يبدو أنه سيتوجب على هنية أيضا أن يناور في هذا المجال، بين أقطاب نفوذ متناقضة، الذراع العسكري داخل قطاع غزة ومشعل المقيم في قطر.
مبدئيا، الذراع العسكري أكثر تطرفاً في التعامل مع “إسرائيل” ويميل إلى رؤية الكفاح الإرهابي- حسب قول الكاتب- تقريبا أنه يمثل كل شيء، لكن في أوقات الأزمات حدث أن الحسابات انقلبت وتغيرت. ففي الحرب الأخيرة بغزة، عملية الجرف الصامد صيف 2014، كانوا بالذات قادة الذراع العسكري هم من سعوا إلى وقف إطلاق النار عشية انتهاء القتال، بسبب الضغط العسكري الذي مارسته “إسرائيل”، في الوقت الذي اعتقد فيه مشعل أنه من الممكن الاستمرار. هنية ابن قطاع غزة ومن يعيش في وسطه طيلة هذه السنوات الطويلة سيكون كما يبدو مندمجاً بواقع قطاع غزة أكثر من مشعل الذي يعيش في قطر وقبلها في دمشق، وولد بالضفة الغربية وتقريبا لم يسبق أن زار غزة.
“إسرائيل” ستتابع باهتمام سؤال، أين سيحدد هنية مكان إقامته كرئيساً للمكتب السياسي لحماس ؟ . تواجد دائم في القطاع سيمنحه كما يبدو شرعية جماهيرية أكبر، ومن جانب آخر هذا التواجد من شأنه أن يبقيه أسيراً داخل غزة وأن يقلص حريته في العمل، وذلك في حال حدوث أزمة جديدة بين حماس ومصر، الذي نظامها العسكري أبعد ما يكون عن تقبل الحركة الفلسطينية. حماس استكملت في الأشهر الماضية عمليتين هامتين بالنسبة لها: جولة الانتخابات لمؤسسات الحركة ومناصبها الكبيرة إلى جانب صياغة وثيقتها الجديدة، بالرغم أنها لم تأتي بديلا عن ميثاقها القديم لكنها ستتيح لها (وخاصة أمام أولئك الذين لم يتعمقوا في النصوص) صورة أكثر براغماتية في نظرتها إلى “إسرائيل”
لكن، هنية لا تزال تنتظره في الفترة المقبلة تحديات عصيبة، سيضطر إلى مواجهتها آخذا بعين الاعتبار موقف السنوار وباقي قادة الذراع العسكري.
مصدري ضغط على القطاع باتت معروفة: خطوات السلطة الفلسطينية بتقليص رواتب موظفيها في القطاع، ووقف المساعدات الاقتصادية عبر وقف دفع ثمن الوقود والكهرباء لغزة، هذين العاملين فاقما البنى المدنية السيئة سوءً في قطاع غزة.
مصدر ضغط إضافي سيُشعر به قريباً، عندما تبدأ “إسرائيل” أعمال هندسية واسعة النطاق على حدود القطاع لبناء العائق لإغلاق الأنفاق الهجومية التي تحفرها حماس. غالبية الجهات الاستخبارية الإسرائيلية تواصل تقديراتها أن وجهة حماس ليست صوب مواجهة عسكرية قريبة، لأن الحركة لا تزال تعيش أزمة استراتيجية ولم تستفيق كلياً بعد من أضرار عملية الجرف الصامد،
هنية يبدو أنه سيبدأ منصبه الجديد في ظروف معقدة، لها قاسم مشترك كبيراً نسبياً مع التطورات التي قادت إلى الحرب قبل ثلاثة أعوام.
المصدر : "هارتس
تجدر الاشارة الى ان الكاتب يقصد بدون تدخل روسي ما حدث في الانتخابات الامريكية الاخيرة حين اتهمت روسيا بانها تلاعبت بنتائج التصويت عبر الاختراق لصالح الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب وما يحدث الان في الانتخابات الفرنسية واتهام روسيا ايضا بشن حملة اختراق منظمة لكي تكون نتائج انتخابات الرئاسة الفرنسية لصالح المرشحة اليمينية المتظرفة مارين لوبان