د.يوسف: لن ترهبنا تهديدات التجويع وقطع الكهرباء و الرواتب.. لن نستسلم

الخميس 13 أبريل 2017 07:55 م / بتوقيت القدس +2GMT
د.يوسف:  لن ترهبنا تهديدات التجويع وقطع الكهرباء و الرواتب.. لن نستسلم



كتب: د. أحمد يوسف: إن الأيام القادمة تبدو حبلى بالقضايا والأحداث، ولذا فإن على فصائل العمل الوطني  والإسلامي السرعة في التحرك وتحريك الشارع الفلسطيني معها، بهدف إيصال رسالة قوية لجهة القرار، والتي تتهيأ لشدِّ الرحال إلى واشنطن ولقاء الرئيس دولند ترامب في 25 إبريل القادم.

إننا في قطاع غزة لن ترهبنا تهديدات التجويع وقطع المياه والكهرباء، وحتى وقف الرواتب، حيث إن شعارنا الذي نحتنا حروفه من وجع الألم ومحنة السنين: لن نستسلم.. ننتصر أو نموت.

ليس هناك في قطاع غزة من يساوم على كرامته ووطنه، وإذا كان الرئيس يريد حلاً لمأزق الوطن فعليه أن يسمح للجنة وطنية أو دولية محايدة لتضع لنا وله الحلول، وتزودنا بطوق الخلاص، أما اللعب على وتر الوعد والوعيد، فتلك ليست سلوكيات الزعامة والقيادات الوطنية.

نعلم أن المنطقة العربية كلها تعيش على صفيح ساكن، وتتعرض إلى محن وكوارث وطنية، وأن حجم التآمر عليها أكبر من طاقة حكامها وحكمائها، ولم تنجح في الوصول إلى "عقد اجتماعي" ينهى خلافاتها ويلملم جموعها، وتبدو إسرائيل في مشهد المنطقة وكأنها ترسم وتخطط بمعية ترامب وهي من يملي رؤيتها وسياساتها على الجميع، كما أنها من سيفرض شروطها على الفلسطينيين.. ولكن مع كل هذه التخوفات والهواجس، فإن غزة ستظل عصيبة على الخنا والخنوع، وستدافع عن كرامة شعبها وتذود عن حياضه.

إن الأيام والليالي القادمة يجب أن يتحرك فيها الجميع للبحث عن كل الفرص والخيارات، التي تجنب قطاع غزة عدواناً جديداً، وأن تكون رسالة الجميع واضحة للعالم كله، نحن لا نطلب حرباً ولا نسعى لها، ولكننا سنتصدى لأي اعتداء على أرضنا ويستهدف شعبنا، وسنقاتل بكل ما أوتينا من قوة وشجاعة وكرامة وطن.

إننا نحث فصائلنا بدعوة جماهير شعبنا للحشود في الساحات والميادين العامة، ثم الزحف بالآلاف في تحركات سلمية باتجاه الحدود ومحاولة اقتحامها، وتوجيه نداءات تطالب العالم بحق شعبنا في مخيمات اللجو والشتات بالعودة وحق تقرير المصير.

وإذا كان البعض من قيادات شعبنا يعتقد بأنه يمتلك الشرعية، ويخاطب العالم وحده باسمها، فإن علينا أن نهزَّ أركان تلك الشرعية، وأن تصل رسالتنا للعالم كله، وعبر تلك التحركات والحشود في الضفة الغربية وقطاع غزة بأن الشرعية هي للانتخابات، وأن من يدَّعي حق تمثيلنا فإن عليه خوض غمار التحدي والتسليم بتلك النتائج، حتى نمنحه شرعية القرار في مصائرنا ومستقبل قضيتنا.

نعم؛ لا يكفي أن تتحرك غزة وتثور وحدها، فالضفة الغربية يجب أن تنتفض هي الأخرى بقضها وقضيضها، وأن تتلاحم شرعيات الشارع فوق أية مزاعم أخرى.

نحن هنا في قطاع غزة لن نعطي الذرائع لحرب قادمة علينا، وسنجتهد بكل السبل للعمل على منعها، ولكن إذا جارت إسرائيل بعدوان جديدٍ على أهل غزة، فسوف نتصدى لها ونمنحها الحرابا.

إن علينا أن ننقل صورة ما يجرى من مظالم تمس شعب غزة الى العالم من حولنا، وكذلك لأصحاب الضمائر من شعوب العالم ممن يتابعون مأساتنا، وستصل رسالتنا إذا أحسنا الخطاب وحققنا التواصل مع العالمين.

إن من حقنا أن نعيش كراماً على أرضنا، وأن نحقق طموحات شعبنا وتطلعاته في الحرية والاستقلال.

إن جرحنا الفلسطيني ينزف منذ أكثر من ستة عقود ونصف العقد، ومع ذلك ما زلنا قادرين على الصمود، وسيظل حقنا قائماً له مُطالبٌ، ما ظل فينا عرق ينبض وأنفاس تتردد، ووليد يتعهد ذاكرته جده وأباه، وشاب يحمل على كتفيه البندقية وميثاق الشرف والشهادة.

يا سيادة الرئيس.. ندعو لك بالتوفيق في رحلتك القادمة إلى واشنطن ولقاء الآمال بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكن بعيداً عن توظيف لغة التهديد والوعيد لشعبك المحاصر في قطاع غزة.. وإذا كنت تعتقد - يا فخامة الرئيس - أن ما قامت به حكومتك من عملية إذلال لحركة فتح بما يسمى مجزرة الرواتب، ووعيد التهديدات لحركة حماس بأن ما ينتظرها في قادم الأيام هو كوارث أسوأ، فهذا يا سيادة الرئيس ليس سلوك البطل ولا لغة الحكمة، ولن تعود لنا من واشنطن الا خالي الوفاض، وستعاود المراوحة - للأسف - في نفس المكان.

يا سيادة الرئيس.. إذا كنت جاداً في إنهاء الخلاف مع قطاع غزة وفتح الطريق للمصالحة، فإن غزة جاهزة بقضها وقضيضها، ونحن نقبل حكم كل الأطراف التي ذكرتها: مص وقطر أو تركيا والسعودية أو أي جهة فلسطينية - إسلامية أو وطنية - يمكننا التوافق عليها، وعليك - يا فخامة الرئيس - ألا تضع العربة أمام الحصان، وتبدأ بفرض الشروط التعجيزية، كلما أوشكنا على الحل أو توافقنا عليه.

إن المشكلة يا سيادة الرئيس هو أنك ترفض شريكاً قوياً في الوطن، وتريد شعباً يرفع الراية ويستسلم لك على غير قناعة منه، ولا ترتاح لرؤية خيولنا تصهل!! فأنت يا سيادة الرئيس قد أفرغت الوطن من كل مؤسساته، فليس هناك من أحدٍ صاحب قرار غيرك!! حيث أنهيت منظمة التحرير وأفرغتها من مضمونها، وشطبت المجلس الوطني وكل الفصائل المنضوية تحته، وتتعامل مع الكثيرين من قياداته وكوادره باعتبارهم متسولين وأصحاب حاجات على بند البطالة والشئون الاجتماعية، والمجلس التشريعي المنتخب لم يعد إلا كخيال المآته، علامة من الماضي بأن الوطن كان فيه ديمقراطية وتعددية سياسية.

يا سيادة الرئيس.. نريدك أن تذهب إلى واشنطن مرفوع الرأس، وتطرح الرأي الذي يتوافق عليه شعبك، وليس فقط ما يدور في جعبتك والملأ من حولك.

غزة... لماذا الآن؟؟

سؤال تداوله الكثير من الكتّاب والمحللين، وأخص منهم الإعلامي المتميز محمد دراغمة، والذي جاء طرحه على الصياغة التالية: لماذا قررت السلطة، اليوم وليس أمس، اتخاد "خطوات غير مسبوقة" لا نهاء الانقسام؟؟

وجاء في جوابه، أن السبب هو اعتقاد الرئيس محمود عباس بأن اللحظة الراهنة باتت مناسبة - موضوعياً وذاتياً- لتحريك ملف غزة، وتغيير قواعد العلاقة القائمة بين السلطة وحركة حماس منذ عشر سنوات.. فذاتياً بعد أن نجح الرئيس في صد ضغوطات الإقليم، يرى بأن لديه القوة الكافية لمعالجة الملفات الداخلية، وفي المقدمة منها تغيير قواعد العلاقة مع حماس، وإعادة بناء البيت الداخلي عبر عقد المجلس الوطني وانتخاب قيادة جديدة للمنظمة.. وأيضاً هو ما يراه صانع القرار في السلطة من أن حركة حماس تعاني من أزمة في غزة، وليس لديها أي أمل بتسوية أزمات القطاع المتفاقمة، والمتمثلة في المعابر والكهرباء البطالة والفقر.

أما موضوعياً - وكما جاء في التحليل - هو أن ثمة إدارة أمريكية جديدة تتجه لإطلاق مبادرة سياسية إقليمية تضم مصر والأردن والسلطة وإسرائيل، وأن الاتحاد الاوروبي قرر وقف مساهمته في دفع رواتب الموظفين غير العاملين.... وأن هذه العوامل توفر مظلة لخطوات كبيرة قادمة في غزة، بموافقة إقليمية ودولية.

وعليه؛ فإن ما يريد الرئيس أبو مازن الوصول إليه من وراء خطوات التضييق على قطاع غزة، هو إيصال الوضع إلى درجة من التأزم وانسداد الأفق، الذي يدفع حركة حماس إلى معادلة مفادها: إما التنازل عن الحكم أو الاستحواذ عليه كاملاً، من الألف الى الياء!!

وفي ظل السياسات المتعثرة لأكثر من عشرة سنوات، حيث أخفقت كل الجهود لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، والتي غابت فيها أيضاً الحكمة والرشد السياسي، الأمر الذي أوصلنا هنا في قطاع غزة إلى قناعة - أشبه باليقين - بأن الجهات المتنفذة والحاكمة في رام الله تتعامل مع قطاع غزة باعتباره حمولة زائدة، وتنتظر غرقه في البحر!!

ولعلي أختم بتلك الكلمات التي تعبر عن حكمة ومسئولية عالية للدكتور سلام فياض؛ رئيس الوزراء السابق، والذي لخَّص الحالة بهذه الجملة المعبرة، حيث يقول: "غزة، يا سادة، ليست حمولة زائدة. لا بل، بالإضافة لأنها كانت دوماً رافعة للمشروع الوطني، فهي اليوم بوابة البدء في أي جهد حقيقي لرد الاعتبار لقضيتنا، وتحقيق التمكين الوطني في هذه المرحلة الحرجة".

نعم؛ هذا هو حجر الزاوية وبيت القصيد.