ذكرت صحيفة هارتس العبرية في عددها الصادر اليوم أن مبعوث الرئيس الأميركي الخاص، جيسون غرينبلات، ركز في محادثاته في المنطقة على الجانب الاقتصادي، تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة كأداة لتحريك ما يسمى "العملية السياسية"، بما يعيد إلى الأذهان فكرة "السلام الاقتصادي" التي سبق أن طرحها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة ان تشديد غرينبلات على الاقتصاد الفلسطيني، ورغم أنه يدعي أن ذلك ليس بديلا عن "العملية السياسية ومحاولة التوصل إلى اتفاق سلام"، إلا أنه يعيد إلى الأذهان تصريحات الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، بشأن انفتاحه على حلول أخرى غير حل الدولتين.
ويتضح أن غرينبلات قد طلب خلال محادثاته مع كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، ووزراء الخارجية العرب، الدفع بخطوات مملوسة لتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في قطاع غزة، وذلك في إطار الجهود التي اعتبرت على أنها محاولة لتجديد المفاوضات بين الطرفين، وخلق أجواء داعمة لما يسمى "العملية السياسية".
و نقلت هارتس عن مصادر إسرائيلية وأميركية، تحدثت مع غريبلات، قولها إن هذا الموضوع يأتي على رأس سلم أولوياته، بيد أنه واصل الادعاء أن ذلك لا يشكل بديلا عن الدفع بـ"عملية سياسية" بين الطرفين، وإنما هو "عامل مساعد".
وأضاف التقرير أن غرينبلات تطرق إلى الوضع في قطاع غزة في جولة المحادثات الأولى له مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتيناهو، قبل نحو شهر، ومرة أخرى قبل ثلاثة أسابيع خلال زيارة مستشاري نتنياهو إلى البيت الأبيض. ومن المتوقع أن يجتمع غرينبلات، الأسبوع القادم، مع نائب الوزير مايكل أورن، المسؤول من قبل نتنياهو عن إعادة إعمار البنى التحتية في قطاع غزة، بالتعاون مع المجتمع الدولي.
يشار إلى أنه خلال زيارة غرينبلات الأولى لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، اجتمع، بناء على طلبه، مع مجموعة من المواطنين في قطاع غزة، اعتبروا كعينة تمثل كافة الطبقات في القطاع. وفي نهاية الاجتماع معهم، والذي عقد في بيت لحم، قال إنه "بالإمكان إيجاد حلول للتحديات الإنسانية في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه الاهتمام باحتياجات إسرائيل الأمنية".
ولفت التقرير إلى أن غرينبلات عرض قضية سكان قطاع غزة المرضى، والذي يحتاجون إلى تلقي العلاج في إسرائيل، على منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، يوآف مردخاي.
وفي لقائه مع مردخاي، بحسب التقرير، كان الوضع الإنساني في القطاع والخشية من اندلاع المواجهات مجددا ضمن القضايا المركزية التي ناقشها غرينبلات معه. وطلب مردخاي منه العمل على بلورة خطوات لتحسين الوضع في قطاع غزة بالتعاون مع إسرائيل ودول عربية.
وتابع التقرير أنه خلال زيارة غرينبلات لإسرائيل، منتصف آذار/مارس الماضي، التقى وزير المواصلات والاستخبارات، يسرائيل كاتس. وعرض الأخير عليه خططه لإقامة جزيرة اصطناعية قبالة سواحل غزة، يقام فيها ميناء بحري ومنشآت بنى تحتية، مثل الكهرباء والمياه، لتخدم سكان القطاع. وبحسب تصريحات كاتس، يوم أمس، فإن غرينبلات أبدى استعدادا لإقناع الإدارة الأميركية بالدفع بهذا الموضوع.
ولفت التقرير إلى أن ضباطا كبارا في الجيش الإسرائيلي يؤيديون فكرة كاتس، ويعتقدون أنه يجب مناقشتها بجدية، في حين يتحفظ الشاباك منها. ولم يبد نتنياهو أية حماس للدفع بالفكرة، في حين أن وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان يعارضها. وفي المقابل، يعتقد كاتس أن الدفع بهذه المبادرة يؤدي إلى استقرار الوضع الاقتصادي والإنساني في قطاع غزة، ويمنع التدهور نحو حرب أخرى.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي اجتمع مع غرينبلات قوله إن المبعوث الأميركي معني بالدفع بخطوات في قطاع غزة تؤدي إلى تغيير إيجابي في الوضع الاقتصادي ومستوى الحياة على المدى القصير، ومشاريع في مجال الطاقة تمنع تدهور القطاع في المدى البعيد. كما يعتقد غرينبلات أن هذه الخطوات تعمل على استقرار الأوضاع في قطاع غزة، وتمنع، أو تخفض، على الأقل، الحافزية لدى حركة حماس في خوض جولة قتالية أخرى مع إسرائيل.
كما يشير التقرير إلى أنه منذ أن بدأ يمارس مهام منصبه، فإن قضية الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة هي ما يشغل غرينبلات، وعرضت في كل لقاءاته مع الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب، وفي كل بيان للإعلام. مع الإشارة إلى أنه من بين اللقاءات الأولى التي أجراها، كان لقاؤه مع مجموعة من رجال أعمال فلسطينيين وصلوا إلى واشنطن بعد أيام معدودة من أداء دونالد ترامب اليمين الدستورية، وذلك بهدف استشفاف موقف الإدارة الأميركية الجديدة من القضية الفلسطينية.
وجاء أيضا أنه خلال اجتماع غرينبلات مع وزير المعارف ورئيس "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، في واشنطن الأسبوع الماضي، تمت مناقشة الاقتصاد الفلسطيني. وبحسب التقرير فإن بينيت قال إنه على إسرائيل والمجتمع الدولي البدء بخطة لتحسين الاقتصاد الفلسطيني. ورد غرينبلات بالقول إن تحسين الاقتصاد ليس بديلا عن "العملية السياسية الجدية ومحاولة التوصل إلى اتفاق سلام".
وقالت الصحيفة ان غرينبلات ناقش أيضا مع المسؤولين الإسرائيلية إزالة المصاعب أمام مدينة "روابي"، المدينة الفلسطينية الجديدة التي تبنى شمال رام الله.
يذكر في هذا السياق أن المستثمر في المدينة، بشار المصري، كان أحد رجال الأعمال الذين التقوا غرينبلات.