وثيقة سرية دونت في 15 يونيو 1967، في وزارة الخارجية، تكشف عن قرار ترحيل عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة لسيناء، كعقوبة جماعية على زرع لغم بهدف إلحاق الضرر بقوات الأمن الاسرائيلية. الحادثة موثقة بمذكرات من زيارة عقدها شخصيات من الوزارة في غزة، كتبت على يد شخصية من وزارة الخارجية افنار ارزي.
في الوثيقة يتحدث ارزي عن الزيارة التي تمت في 14 يونيو لقطاع غزة، بعد أيام معدودة من الحرب، ويصف اللقاء مع الحاكم العسكري في غزة، وفيها يتحدثون عن الخطوط العريضة للأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة منذ احتلال القطاع.
في 12 أو 13 يونيو انفجر لغم في انحاء غزة، التحقيق كشف عن أن عملية وضع اللغم تمت قبل وقت قصير من انفجاره، بعد تتبع آثار البيوت وصلت القوات لعدد من البيوت، طلب من سكان البيوت الإبلاغ عن منفذي هذا العمل. بعد مرور وقت قصير ظهر 110 شخص عرفوا عن أنفسهم بأنهم من جنود التحرير الفلسطيني، ووجهوا أصابع الاتهام على أنفسهم بشكل جماعي.
حسب الوثيقة، لم يهتموا ملحين لمعرفة من الذي نفذ الحادثة، تم إعطاؤهم 3 ساعات للكشف عن المنفذين، وبعد ذلك سيتم فرض عقوبة عليهم، عندما لم يستجيبوا مع انتهاء مهلة الإنذار، فرض عليهم ان يتم نقلهم لسيناء وتركهم وحدهم! يبدو أن العقوبة تم تنفيذها في نفس الوقت، بالإضافة لذلك، فجر الجيش 8 بيوت أدت إليها أثار الأقدام.
الوثيقة تصف أيضًا أحداثًا أخرى من محاولات الجيش للضغط على السكان الفلسطينيين لتسليم قوات الأمن السلاح والجنود. "توجه الحاكم لسكان مخيمات اللاجئين في القطاع وطلب منهم نقل كل السلاح الذي بحوزتهم، وعندما رفضوا الانصياع للأمر توجه الحاكم لممثل الاونروا في المكان وطلب منه الإعلان عن مخزن يستطيع من يملك أسلحة أن يحفظ سلاحه به طوال الليل دون تحقيق ودون الحاجة للتعريف بأنفسهم". وكتب أيضًا أن "على افتراض ان جزء من أفراد الجيش المصري اختبئوا في بيوت وفي مخيمات اللاجئين، تم توجيه تعليمات لكل سكان المخيمات بتسليم الجنود، وهنا أيضًا رفض السكان الاستجابة".
الأبحاث التاريخية تؤكد أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها إسرائيل بطرد سكان مدنيين. في مقال نشره بروفسور ديفيد كرتسمار وغرشوم غرونبرغ، تحدث عن حادثة معروفة وقعت في رفح، في إطارها تم طرد آلاف البدو من منطقة شمال شرقي سيناء. حسب المقال، في بداية عام 1972 تم ترحيل 9 قبائل بدوية من مناطق واسعة قرب قطاع غزة، وفي المقال ذكرت شهادات حول معارضة جماعات النقب على طردهم، ونتيجة لذلك أدت القضية لأزمة سياسية بين "مباي" و"مبام" وعقد لجنة تحقيق، لكنها لم تؤدّ لإعادة البدو للمناطق، وهناك خبراء تحدثوا ان هناك شهادات بخصوص طرد من الضفة الغربية بعد حرب الأيام الستة.
دكتور جاي لارون، محاضر كبير في قسم العلاقات الدولية في الجامعة العبرية المتخصص بدراسة حرب الأيام الستة، قال انه لم يسمع بترحيل 110 فلسطينيين من غزة. مع ذلك أكد على أنه كانت هناك عمليات ترحيل ومذابح بعد الحرب "هم ليسوا جزءًا من التاريخ الرسمي، لكنها فعليًا حدثت". وأشار كذلك لشهادات الطرد الجماعي بعد الحرب من الضفة الغربية "يبدو أنه كانت هناك خطة منظمة، لم ينشر عنها في الوثائق، لكن هناك شهادات حول الجنود الذين وصلوا بشاحنات وحثوا السكان على الرحيل، وقادوهم للجسور".
الوثيقة تم اكتشافها في أرشيف الدولة على يد أفراد معهد الدراسات "عكفوت" التابع لليسار، "الغريب في هذه القصة أن أفراد وزارة الخارجية كتبوا الوثيقة بشكل فوري، هذه أصلًا لم تكن مهمتهم، هم ذهبوا هناك لتوقيع اتفاق مع الأونروا. يبدو أنهم صُدموا مما رأوا هناك، قال لـ "هآرتس" المدير التنفيذي للمعهد ليئور يبنا. "الشهادات التي وردت في الوثيقة تعكس أن هدم البيوت والترحيل هي أساليب عقوبة تم استخدامها في الأراضي الفلسطينية على يد الجيش الإسرائيلي من أيام الاحتلال الأولى. قضاة الدولة اعتادوا على إنكار ان هدم البيوت هي جزء من سياسات العقوبات، لكن شهادة المقدم غائون (الضابط الذي تحدث مع افراد وزارة الخارجية) تدل على الطبيعة الحقيقية لنشاطات التدمير، التي تلحق دائمًا بالناس الأبرياء".
"هآرتس