ذكرت مصادر في حركة فتح، أن الحركة لا تريد الخوض في قضية منع السلطات المصرية اللواء جبريل الرجوب من دخول القاهرة، وأنه لم يصدر أي قرار رسمي بعدم إرسال وفود رسمية إلى مصر، في ظل محافظة الحركة وقيادة السلطة على إنهاء الخلاف وإعادة الأمور إلى نصابها. واعتبرت المصادر أن هذه رسالة تحد جديدة تريد إيصالها لمحمد دحلان، القيادي المفصول من الحركة، الذي يتردد أنه أحد أسباب المشكلة.
وأكدت المصادر العليمة بفحوى القضية أن فتح لا تريد إثارة قضية منع دخول اللواء الرجوب إلى القاهرة يوم الأحد الماضي. وأشارت إلى أن تعليمات داخلية صدرت لقادة الحركة والناطقين الإعلاميين باسم الحركة، بعدم الخوض في الموضوع، أو الحديث لوسائل الإعلام، حيث جرى إطلاع الرئيس محمود عباس الذي كان وقت وقوع الحادثة في زيارة إلى سويسرا، على كافة التفاصيل التي رافقت عملية منع دخول اللواء الرجوب.
ولوحظ أنه عقب عملية ترحيل اللواء الرجوب من مطار القاهرة، إلى مطار عمان، بأوامر من إحدى الجهات المصرية السيادية (الأمنية)، لم يصدر أي تعليق رسمي من حركة فتح، كما أن اللواء الرجوب نفسه الذي كان متوجها للقاهرة من أجل حضور مؤتمر للجامعة العربية وبدعوة من الأمين العام لم يعقب على قرار عدم إدخاله.
وقال في هذا الخصوص الدكتور فايز أبو عيطة، نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، إن «أي خلاف مع الأخوة في جمهورية مصر العربية، يتم حله علی قاعدة الأخوة والعلاقة التاريخية التي تربط فتح، والأخ جبريل الرجوب، بالأشقاء في مصر».
وعلمت «القدس العربي» أنه رغم التزام حركة فتح الصمت، وعملها على حل الخلاف، إلا أن عملية إعادة الرجوب من المطار أزعجت قادة الحركة بشكل كبير، وأن حالة غضب شديدة سادت المواقف، خاصة وأنها المرة الأولى التي تلجأ فيها مصر لمنع مسؤول فلسطيني بحجم الرجوب من دخول أراضيها.
واللواء الرجوب يشغل منصب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وهو أيضا رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني، ورئيس اللجنة الأولمبية ورئيس اتحاد كرة القدم.
ومن المقرر أن يجري بحث الملف بشكل موسع، في الاجتماع المقبل للجنة المركزية لحركة فتح برئاسة الرئيس عباس، حيث تتجه النية والموقف العام إلى العمل على إنهاء أي توتر علني في العلاقات القائمة مع مصر.
وكثيرا ما تؤكد القيادة الفلسطينية، على قوة وعمق علاقتها مع مصر، حيث تشيد دوما بمواقف القاهرة في دعم القضية. وفي إطار الحفاظ على العلاقة، لم تبادر السلطة الفلسطينية إلى انتقاد مصر عقب سحب الأخيرة مشروع إدانة الاستيطان الإسرائيلي الذي قدم لمجلس الأمن في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قبل أن يعاد الطلب ذاته ويقدم من قبل أربع دول غير عربية، وحظي بالقبول وقتها بعد امتناع الإدارة الأمريكية السابقة عن استخدام «الفيتو».
وكان الرجوب قد وصل الى مطار القاهرة الأحد الماضي، للمشاركة في المؤتمر العربي الوزاري حول الإرهاب، وحظي باستقبال رسمي، حيث كان بانتظاره في المطار وزير الشباب والرياضة المصري، قبل أن يبلغ مندوب السفارة الفلسطينية الذي حضر للمطار لإنهاء إجراءات دخول الرجوب، بأنه ممنوع من إحدى الجهات السيادية من دخول الأراضي المصرية، وأعيد على متن إحدى الطائرات المتجهة إلى العاصمة الأردنية عمان.
وفي إطار التهدئة وعدم إثارة الملف، كان سفير فلسطين في القاهرة جمال الشوبكي، قد قال إن العلاقة الفلسطينية المصرية «ثابتة واستراتيجية».
وأكد في تصريحات صحافية عقب ترحيل الرجوب أن العلاقة مع مصر «قائمة على الاحترام المتبادل بين الجانبين». وقال «في حال بروز أية مسألة، فإنها تُحل على أساس الحوار المشترك بين الطرفين».
وأشار إلى أن مصر كانت سندا دائما، وداعما للقضية الفلسطينية، والموقف المصري واضح، وثابت نحو التطلعات الفلسطينية، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس. وأكد على أن هذه العلاقة «لا يمكن لأي أحد أن يحرفها، أو يعكر صفوها».
وفهم من التصريح الأخير للسفير الفلسطيني، بأنه يحمل تلميحات لمحمد دحلان، القيادي الذي فصل من حركة فتح سابقا، الذي يتردد أنه السبب في ترحيل اللواء الرجوب من مطار القاهرة، خاصة وأن الرجوب كان قد أعلن سابقا رفض المبادرة التي تقدمت بها اللجنة الرباعية العربية التي تضم مصر والأردن والإمارات والسعودية، لإعادة دحلان لصفوف فتح، خاصة أن القاهرة هي من كانت تدفع بشكل كبير في هذا الاتجاه.
ومن المستبعد أن تؤثر الحادثة على قرار اللجنة المركزية لحركة فتح، بشأن عدم السماح بعودة دحلان إلى صفوف الحركة مجددا.
ودحلان الذي يقيم في عاصمة الإمارات أبو ظبي، منذ خروجه من الضفة الغربية، عقب قرار فصله من حركة فتح عام 2011، يتردد كثيرا على القاهرة، وحضر مؤخرا مؤتمرا لجماعته عقد هناك حول الشباب.
وبما يدل على عدم نية فتح والقيادة الفلسطينية تأجيج الخلافات مع مصر والعمل على حلها وديا، واصلت وفود رسمية للسلطة زيارة القاهرة، والمشاركة في مؤتمرات رسمية. فقد شارك قاضي قضاة فلسطين، ومستشار الرئيس للشؤون الدينية محمود الهباش، أول من أمس، في مؤتمر نظمته مؤسسة الأزهر، وألقى فيه كلمة. كذلك شارك عقب حادثة منع الرجوب وزير الصحة جواد عواد، في مؤتمر وزراء الصحة العرب، الذي دعا في ختام أعماله إلى تقديم الدعم المادي والفني للقطاع الصحي الفلسطيني. واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الوزير الفلسطيني جواد عواد، برفقة وزراء الصحة العرب، عقب انتهاء اجتماعهم.
و تناولت تقارير خبر نقل وزير الصحة الفلسطيني، تحيات الرئيس عباس، للرئيس السيسي، وتمنياته للقيادة والشعب المصري بمزيد من التقدم والازدهار. من جهته حمل الرئيس السيسي وزير الصحة تحياته للرئيس عباس، وتمنياته بالتوفيق للقيادة والشعب الفلسطيني.
وكان وفد فلسطين المشارك في مؤتمر الإرهاب، الذي كان يترأسه الرجوب، انسحب من المؤتمر الذي عقد في مدينة شرم الشيخ، بعد إلقاء الكلمة، وذلك احتجاجا على إعادة الرجوب، وأعلن ذلك وزير العدل الفلسطيني علي أبو دياك.