الرئيس محمود عباس الذي أمضى مئات الساعات في الاتصالات الهاتفية واللقاءات المباشرة مع الرؤساء الاميركيين ووزراء خارجيتهم، على مدار السنوات الاثنتي عشر الماضية، لم ينجح في محاولات متواصلة في التواصل مع الرئيس الجديد رونالد ترامب، وهذا دق جرس انذار لعباس ومساعديه، بان الادارة الجديدة تتعمد تجاهلهم في وقت سوف تحتضن فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبوع المقبل في البيت الابيض، وهنا ما يمكن ان يمثل الاخطار المحدقة بقيام دولة فلسطينية.
هل فعلا يتم تجاهل الفلسطينيين؟
في كانون اول الماضي، رفض طاقم ترامب مقابلة اي مسؤول فلسطيني يزور واشنطن، معلنين ان اللقاءات ستكون بعد العشرين من كانون الثاني (موعد تسلم ترامب مهامه)، وفق ما اعلنه صائب عريقات، كبير مساعدي عباس والمخول باجراء الاتصالات مع الولايات المتحدة .وقال مستشارون اخرن لعباس انهم حاولوا الاتصال مع ترامب بعد الانتخابات وبعد التنصيب ولم يتلقوا جوابا كما ان البيت الابيض لم يرد على رسالة عباس التي ارسلها الشهر الماضي، حيث عبر فيها عن قلقه حول نية الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس. وقد نقل عن صائب عريقات، الذي تقلصت اتصالاته مع القنصلية الاميركية في القدس، قوله" ارسلنا لهم رسائل خطية، لكنهم لايأبهون بالرد". بالمقابل هاتف ترامب رئيس الوزراء الاسرائيلي مرتين، في التاسع والثاني والعشرين من كانون ثاني، وسوف يستقبله في الخامس عشر من الجاري.
ماذا تقول ادارة ترامب:
في بداية الاسبوع الحالي، نفى البيت الابيض تقريرا صحفيا اسرائيليا بني على اقتباس غير مباشر من احد مساعدي ترامب، بان الادارة لا تنوي اقامة علاقة مع السلطة الفلسطينية في المرحلة الحالية. وقال مسؤول اميركي،رفض الكشف عن اسمه، بان لديه انطباع ان كل شيء معلق في البيت الابيض، وان الادارة لم تقرر بعد كيف ستتعاطى مع الفلسطينيين.
ما اهمية العلاقة الفلسطينية الاميركية؟
لطالما كانت العلاقة مع الولايات المتحدة ، حجر الاساس في الاستراتيجية الفلسطينية لاقامة الدولة المستقلة، وقد عملت الولايات المتحدة كوسيط وحيد على مدار عقدين، في محاولة انجاح المفاوضات الثنائية، للوصول الى اقامة الدولة المستقلة على الاراضي التي استولت عليها اسرائيل عام 1967.
وقد فقد العديد من الفلسطينيين اوهامهم حول عملية المفاوضات ، ويرون فيها غطاءا للتوسع الاستيطاني الاسرائيليي وانها تبعدهم عن الاستقلال، كما ان عباس لم يتبن استراتيجية تحرج واشنطن وتكشفها. وتبدو القيادة الفلسطينية في حالة ارتباك ازاء ترامب، وكما يقول المحلل السياسيي في معهد بروكيغز الاميركي، خالد الجندي" عدم وجود علاقة مع واشنطن، يقطع الهواء عن السلطة الفلسطنيية".
كيف ترد القيادة الفلسطينية:
حرص عباس ومساعدوه على عدم استعداء ترامب باطلاق تصريحات علنية، والاكتفاء بحثه على عدم دعم التصعيد الاستيطاني الاسرائيلي الاخير، آملين في انه في النهاية سيتواصل معهم، اذا ما كان جداد في اطلاق المفاوضات مع اسرائيل. الى ذلك يقول القيادي محمد اشتية " السياسة الخارجية الاميركية لم تتضح بعد، باستثناء تأييدها الواضح لاسرائيل، ولكن الادارة تعرف انه لا يمكن فعل شيء بدون الفلسطينيين. مع ذلك فهناك اشارات تعطي بعض الأمل للفلسطينيين ومنها ان الادارة وصفت المستوطنيات بانها قد لا تساعد على صنع السلام ، وان ادارة ترامب ليس متعجلة في نقل السفارة الى القدس وهي الخطوة التي قد تشعل الغضب في العالمين العربي والاسلامي. يقول صائب عريقات في تصريح للاذاعة الفلسطينية : لا نعرف ما الذي يدور بين نتيناهو وادارة ترامب، ولكن في النهاية نحن نقول بان من يريد تحقيق سلام دائم وتاريخي في يالمنطقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين، لا يمكنه الصمت على الانشطة الاستيطانية وعلى ترامب ان يقول لنتنياهو كفى ، اذا اردنا ان نحقق السلام والابقاء على حل الدولتين".
هل تم تجاهل الفلسطينيينن الى الابد
ليس واضحا بعد ما اذا كانت ادارة ترامب، تريد ان تنسق مع نتيناهو الاسبوع المقبل قبل ان تقترب من الرئيس عباس او ان تتجاهله الى الابد.. قد تتوسط كل من مصر والاردن بين الفلسطينيين وواشنطن. فالعاهل الاردني عبد الله الثاني الذي وصل البيت الابيض قبل نتنياهو، عرض وجه نظره امام مسؤولي الادارة الاميركية، ويبدو انه احددث تاثيرا على قضايا تشكل مبعث قلق للفلسطينيين وخاصة نقل السفارة والاستيطان.
ما هو موقف اوروبا:
لم يتوان الاتحاد الاوروبي في تجديد تأييده لحل الدولتين ، بقيام دولة فلسطينية على اساس خطوط الرابع من حزيران عام 1967، الى جانب اسرائيل وان يكون ذلك قاعدة للمفاوضات. وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية الاوروبية فدريكا مغريني قبل يومين ان الاتحاد الاوروبي سيواصل الدفع باتجاه تحقيق ذلك، وستنقل هذه الرسالة الى مايك بنس نائب الرئيس الاميركي خلال مشاركته في مؤتمر الامن الدولي الذي سيعقد في ميونخ في وقت لاحق من الشهر الجاري، كما انه سيزور مقر الاتحاد الاوربي في بروكسل بعد المؤتمر. لكن اوروبا لم تكن أبدا، لاعبا رئيسيا فيما تحتكر واشنطن التوسط، ولكن اذا تدهورت الاوضاع، يعلق الفلسطينيون آمالا على ان تحذو دول اوربا الغربية حذو السوي في الاعتراف بدولة فلسطين.
هل لدى الفلسطينيين خيارات اخرى
بامكان عباس ان ينحو منحى اكثر مواجهة لاسرائيل، وهو ما تردد في انتهاجه نظرا للمخاطر التي يحملها في انتهاء سلطة الحكم الذاتي في بعض انحاء الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل. هذا المنحى يشمل خطوات قد تشمل قطع العلاقات الامنية مع اسرائيل القائمة على المنعفة المتبادلة في مواجهة الخصم المشترك للطرفين وهو حركة حماس. كما قد تشمل الخطوات السعي لمزيد من الاعترافات العالمية بدولة فلسطين.ورفد ممكة الجنايات الدولية بالمزيد من الوثائق حول جرائم حرب ممكن ارتكبتها اسرائيل خلال حربها على غزة عام 2014 .وكانت ادارة ترامب اعلنت معارضتها الشديدة لاي خطوة ضد اسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، باعتبار ان ذلك سيعود بنتائج عكسية على عملية السلام.
"نقلاً عن AP"


