هنا غزة،حزام الفقر والحروب وتجارب الساسة وتقاطعات الموت والحياة والحصار..نحن "اهل الاعراف" كما وصفها احد موظفي السلطة الفلسطينية الذين انتابهم خوف شديد جراء قرار الاتحاد الاوروبي عدم دفع رواتب لموظفي غزة المستنكفين بقرار من الرئيس عباس منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007. لا احد في غزة من التائهين في غياهب الجب يدرك مغزى هذا القرار ولماذا الان وهل هو مقدمة لقرارات اخرى من قبل ادارة ترامب الجديدة تجاه السلطة بصفة عامة وغزة بصفة خاصة؟.
لا يشك اثنان في ان من منع الحرب على غزة بحسابات الدول والاقليم كان الرئيس الامريكي السابق اوباما ووزير خارجيته كيري ..هل هي مقدمات لشئ اكبر ام ان الامور تقنية بحتة وتم مناقشتها من قبل كما يقول الناطق باسم الاتحاد الاوروبي في الاراضي الفلسطينية. وكان الاتحاد الأوربي أعلن مؤخرًا أن السياسة الجديدة لديه تقوم على وقف توجيه أموال الدعم الأوروبي للسلطة الفلسطينية والتي تبلغ 30 مليون دولار شهريا لصالح صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والذين يتقاضون رواتبهم وهم مستنكفون عن العمل منذ 11 عاما.
"سما" التقت عددا من موظفي السلطة الذين صدمهم تفسيرات بعض المحللين ووسائل الاعلام لقرار الاتحاد الاوروبي بعدم دفع رواتب لما يسمون ظلما بالمستنكفين ولكنهم بادق تفاصيل الزمان والمكان "اجبروا على الجلوس في بيوتهم". يقول محمود 43 عاما والذي يصر على عدم ذكر اسم عائلته ضمن سياقات الخوف الغزي الكبير من فقدان مصدر رزقه "يبدو ان القرار الاوروبي مقدمة لما هو اخطر ،لان عدم دفع رواتب لقطاعات هامة كالتعليم والصحة وبقية الوزارات وتحويلها الى الاغاثة يعني عمليا التعامل معنا كمتسولين وحالات صعبة كما تفعل منظمات الامم المتحدة".
وتابع "لم نسمع من السلطة اي تعليق حتى الان،وما يزعج اكثر ان عدد موظفي السلطة في غزة من العسكريين والمدنيين لم يعد يتجاوز 40 الفا فيما يبلغ عددهم في الضفة 170 الفا حسب احصائيات السلطة". ويقول عماد 55 عاما موظف في احدى وزارات السلطة "يبدو ان هناك توجها عاما بالضغط على حماس حتى من خلال موظفي السلطة وتحميلها العبء الاكبر" مذكرا بتصريحات وضغوطات سابقة على الرئيس عباس بقطع الرواتب عن موظفي غزة وترك حماس تتحمل كل شئ".
ويهون "علي" 54 عاما موظف في اجهزة الامن الفلسطينية من الامر قائلا "نحن لن نشكل اي مشكلة للسلطة بعد 7 سنوات من الان فلن يتبقى على كادر السلطة الا بضع الاف فقط وسيرتاح الاتحاد الاوروبي وامريكا والعرب من همنا". ويقول "نشعر وكاننا في قارة اخرى والاحساس بان كل ما يربطنا بالضفة هو الراتب يكاد يقتلنا ونرجو الله ان يخلصنا مما نحن فيه وان نلقى وجهه ونحن موحدين".
الخبير الاقتصادي فلسطيني ماهر الطباع، اكد على ان هذا القرار سيؤثر في إعادة توجيه مساعدته للسلطة الفلسطينية على موضوع رواتب الموظفين في قطاع غزة، مطالبا السلطة بضرورة توضيح الأمر لإزالة اللبس.
وقال "هناك انتقادات في الفترة الأخيرة للاتحاد الأوربي لمساهمته في دفع رواتب موظفي السلطة بغزة وهم لا يعملون، ما أوقع الأوروبيين في حرج، الأمر الذي دفعهم إلى توجيه تلك الأموال لدعم بنود أخرى في القطاع".
وأضاف: "ما تم فعليا هو تحويل المساعدات الأوربية من بند إلى بند ولكن في النهاية الدعم موجود، إلا أنه مشروط في معرفة الجهة التي ستذهب إليها الأموال، وأن لا تصرف تلك المساعدات كرواتب موظفي السلطة في غزة". واستبعد الطبّاع أن يؤثر هذا الأمر على رواتب موظفي السلطة في غزة أو حتى على الموازنة العامة للسلطة، مشيرًا إلى أهمية البنود الأخرى التي ستصب فيها الأموال لصالح قطاع غزة. وشدد على ضرورة أن يصدر توضيح من السلطة الفلسطينية حول الأمر، كون أن الاتحاد الأوربي فقط من نشر هذا التصريح".
وأشار إلى أن الاتحاد الأوربي كان قد حول عام 2009 الأموال التي كان يدفعها لصالح شراء وقود لمحطة توليد الكهرباء في غزة والتي تقدر بـ 13 مليون دولار شهريا إلى الموازنة العامة للسلطة دون تخصيصها لمحطة التوليد.
وأكد الطبّاع على أن ما يقوم به الاتحاد الأوربي هو نتاج لاستمرار حالة الانقسام منذ عام 2007 ولكن في حال انتهت هذه الحال فإن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه سابقا. يجدر الاشارة هنا الي ان مسؤول في المفوضية الأوروبية في القدس المحتلة أعلن أن الاتحاد الأوروبي تبنى للعام الجاري سياسة دعم مالي جديدة فيما يخصّ قطاع غزة للعام 2017 بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وقال مسؤول الإعلام والاتصال بالمفوضية الأوروبية في القدس المحتلة شادي عثمان، إن السياسة الجديدة تقوم على وقف توجيه أموال الدعم الأوروبي لصالح صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة. وأوضح عثمان أنه سيتم بديلاً عن ذلك تخصيص أموال الدعم الأوروبي لصالح قطاع غزة والبالغة 30 مليون دولار لدعم العائلات الفقيرة ومشاريع تتعلق بالتنمية الاقتصادية.
وأكد عثمان أن تبني السياسة الجديدة من الاتحاد الأوروبي يأتي في إطار التقييم السنوي المعتاد لأولويات الدعم المالي والذي يتم بالتشاور مع السلطة الفلسطينية.