في إسرائيل هناك ميل للجدل والمواجهة بشأن المشاكل الأمنية المتعلقة بالماضي، في يوم الثلاثاء (24 يناير) كانت هناك تسريبات من الكابينت (أمر ممنوع حسب القانون) حول محاربة الأنفاق الإرهابية الحمساوية في عملية "الجرف الصامد" في أغسطس 2014.
كان من الواضح ان التسريبات أريد منها أن تخدم حرب وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق موشيه يعلون ونظريتهما الأمنية بشأن حماس في قطاع غزة. هذه النظرية تقوم على أساس علاقات الحكومة الإسرائيلية وتعاونها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. بينيت ووزير الأمن الحالي أفيغدور ليبرمان عارضا في الماضي هذه النظرية بدعوى انه لا يجب الخلط بين اعتبارات أمن إسرائيل العسكرية والأمور السياسية.
الأمن قبل الاعتبارات السياسية
لكن أيّ من الزعماء الإسرائيليين الذين تحدثوا، يوم الثلاثاء، عن موضوع أنفاق حماس لم يذكر المخاطر التي تنتظر الجيش الإسرائيلي اليوم في يناير 2017، وكيف ان الجيش الإسرائيلي والجيش المصري أيضًا لا ينجحان في التغلب على نوع آخر من الأنفاق العسكرية التابعة لحماس.
يدور الحديث عن أنفاق لتهريب السلاح من شبه جزيرة سيناء إلى القطاع، ومعظمها يتركز اليوم في منطقة مدينة رفح المقسومة نصفين: نصفها في شمال سيناء في مصر، ونصفها الآخر جنوبي قطاع غزة.
مصادر "تيك ديبكا" العسكرية والمخابراتية تقول ان هذه الأنفاق - التي لا تقل خطورة عن الأنفاق الإرهابية التي تؤدي من غزة إلى إسرائيل - تنقل في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، ومنذ بداية يناير، شحنات أسلحة من صنع كوريا الشمالية لصالح كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس.
في وسط شحنات السلاح تلك صاروخ مضاد للدبابات من صنع شمال كوريا (Bulsae-2) وهو صاروخ مضاد للدبابات منتج من خلال الهندسة العكسية (إعادة تصنيع منتج آخر باتباع تفاصيل مكونات دراسة المنتج الأصلي) لصاروخ روسي مشابه (9K111 Fagot) الذي أنتج بداية السبعينات. في إطار مجهودات الهندسة العكسية التي تقوم بها كوريا الشمالية فكك مهندسون محليون الصاروخ الروسي ودرسوا أجزاءه ووظائفها وأعادوا صناعته وأنتجوا صاروخًا مشابهًا للغاية. صاروخ (9K111 Fagot) يستخدم التوجيه عبر الانترنت، ومن أجل إصابة آلية حربية مدرعة على مشغل الصاروخ ان يحافظ على خط رؤية متواصل مع الهدف، جهاز التوجيه المتطور المركب فوق مجمع قاذفة الصاروخ يتعقب الهدف، وإن تحرك، من خلال مجس الأشعة تحت الحمراء، ويرسل تعليمات تصحيح لحركة الصاروخ من خلال كابل كهربائي دقيق يتبع الصاروخ عند انطلاقه إلى ان يصيب الهدف. أجهزة التوجيه البصري الموجودة في استخدام الصواريخ المضادة للدبابات الحديثة تستخدم أسلوب توجيه مختلف.
هذه الصواريخ مركب عليها مؤشر ليزر يرسم شعاعًا بصريًا على الهدف، فيسير الصاروخ متبعًا الشعاع ويدمره، هذه التقنية اعتمدت منذ بداية الثمانينات وما تزال منتشرة إلى يومنا هذا.
الصواريخ الموجهة بشعاع الليزر لها مسافة أطول من تلك التي تعمل وتدار من خلال استخدام الكابل الكهربائي، وهكذا فإن لـ (9K111 Fagot) مسافة مجدية تبلغ 2.5 كم فقط مقارنة بصاروخ الكورنيت الروسي (9M133 Kornet) ذي المسافة المجدية 5.5 كم. وكذلك الصواريخ الموجهة بمؤشرات الليزر محصنة في وجه التشويشات الكهرومغناطيسية ومقاطعة الذبذبات المستخدمة من قبل أجهزة التعطيل، على خلاف صواريخ التاو، التي يتحكم بها وتعمل من خلال موجات الراديو.
في العام 2014 أثناء عملية "الجرف الصامد" استخدمت حماس صواريخ مضادة للدبابات موجهة بالليزر مثل هذه، لكنها لم تكن تمتلك حينها سوى عدد قليل منها، الآن يمتلك التنظيم الإرهابي على الأقل 1500 من هذه الصواريخ، والتي وصلت مؤخرًا إلى القطاع، الأمر الذي سيمكنه في حال اندلاع حرب مع إسرائيل من إنتاج شبكة من الصواريخ المضادة للدبابات الموجهة بالليزر في مواجهة طوابير الدبابات وناقلات الجند المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي.
يمكنك الآن ان تشاهد في قطاع غزة وحدات من كتائب عز الدين القسام تتدرب على إطلاق مركز للصواريخ المضادة للدبابات، تلك التي لا يوجد لدينا سوى القليل من التفاصيل حول مداها وقدراتها.
كما وتشير مصادرنا الاستخبارية ان شحنات الصواريخ الكورية تصل إلى القطاع من ليبيا من خلال شبكات تهريب تحضرها إلى رفح، من هناك تنقل الصواريخ ومنظومات عسكرية أخرى من خلال أنفاق التهريب التي يشبه بعضها إلى حد كبير المباني وطريقة تشغيلها الأنفاق الإرهابية المؤدية من القطاع إلى إسرائيل.
رغم ان سلاح الجو المصري يهاجم كل بضعة أيام فتحات دخول الأنفاق في رفح؛ إلا انه لا ينجح في إسكاتها، السبب ان حماس تحفر أربعة أو خمسة أنفاق، بينما واحد منها فقط يستخدم نفقًا تشغيليًا، وبقية الأنفاق هي أنفاق للتمويه.