يعمد الكثير من الأزواج عند التشاجر مع شركائهم إلى طردهم من غرف النوم أو النوم في غرف منفصلة بعيدا عنهم بهدف معاقبتهم، إلا أن دراسة جديدة حذرت من مغبة هذا التصرف ومن نتائجه السلبية على العلاقة الزوجية.
وبالرغم من أن بعض الأبحاث السابقة نصحت الأزواج الذين يعاني شركاؤهم من مشكلة الشخير والتململ والتكلم أثناء النوم، بخيار النوم في سرير منفصل، حتى يتسنى لهم التمتع بنوم عميق وهادئ، فإن خبراء بريطانيين شبهوا الزوج المغضوب عليه من طرف شريك حياته، والذي ينتهي به الأمر إلى قضاء ليلته على الأريكة أو في غرفة منفصلة بـ”المنفي”، محذرين من هذا الأسلوب في التعامل مع الشريك.
ويقول الخبراء إنه مهما كان الهدف من هذه الإستراتيجية التي قد يُنظر إليها على أنها أخف ضررا من التعنيف الجسدي، فإن النتيجة النهائية واحدة، فالشريك لن يعيد في الغالب النظر في أخطائه، بقدر ما سيخلق له ذلك شعورا بالغضب والحزن، ومن الممكن أن يصل به الأمر إلى درجة الإصابة بالاكتئاب.
ويعتقد الخبراء أن الحرب النفسية الصامتة التي تنتهجها الزوجات بصفة عامة، ردا على تصرف من شركائهن لم يعجبهن، لا تختلف كثيرا عن العنف الجسدي الذي يمارسه بعض الأزواج على زوجاتهم، في التأثيرات التي يمكن أن تكون مدمرة لنفسية الشريك وللعلاقة الزوجية عموما.
ولا يكمن الخطر الحقيقي في نوم الشريك لبضع ليال على الأريكة، بل في أزمة الصمت التي قد تطول إلى أجل غير مسمى بين الشريكين، وتتسبب في فتور العلاقة الزوجية.
وأشار الخبراء إلى أن الصمت يمكن -إذا استخدم من قبل الشريكين بحكمة- أن يكون أداة ناجعة في تجاوز الأزمات الزوجية، فالصمت لحيز زمني قصير، يتيح للشريكين فرصة فهم أزمتهما العاطفية وتجاوزها بأخف الأضرار، أما إذا طالت أيامه فإنه على الأرجح سيدمر علاقتهما.
وحذر علماء النفس الأزواج من عادة طرد الشريك من غرفة النوم بعد كل مشاحنة وتركه ينام غاضبا ومتكدرا.
وأشاروا إلى أن تكرار هذا الموقف سيجعل ذاكرة الشريك غير قادرة على تجاوز المشاعر السلبية، وستقوم بالوصول إلى الاستنتاجات السلبية ذاتها خلال نشاطها أثناء النوم، مما سيؤثر على نوعية النوم وعمق الاستغراق فيه.
ونصحوا الأزواج بضرورة تفادي الوقوع في المشاحنات ليلا، والعمل على حلها قبل الخلود إلى النوم، لتجنب المشاعر السلبية التي قد تفسد حياتهم الزوجية.
ونوهت دراسة أجرتها جامعة فلوريدا ستيت الأميركية ونشرت في مجلة “علم النفس العائلي” بدور النوم الهانئ في تعزيز مشاعر الحب والعلاقة الرومانسية بين الشريكين.
وقال الباحثان هيثر مارنجيز وجيمس ماكنولتي، اللذان أشرفا على الدراسة “إن الزوجين السعيدين يسقطان من حسابهما التجارب السيئة التي يمران بها، مما يوفر لهما السعادة والمتعة خلال النوم وينسيهما الكثير من المتاعب”.
ومن جانبها تساءلت الباحثة في علم النفس ويندي تروكسيل عما يعنيه نوم الزوجين في سرير واحد، وأجابت قائلة “يعني نوما أفضل، وبالتالي تفاعلات سلبية أقل مع الشريك في صباح اليوم التالي”.
وأكدت أن أكثر الأزواج يعانون من مشكلات عصبية عند النوم مثل: الأرق، الشخير، واختلاف توقيت النوم والاستيقاظ، وكل ذلك يجعل النوم في غرفة واحدة أمرا مستحيلا أحيانا، ولكن لا يوجد شيء ليس له حل.
وأشارت تروكسيل إلى أن فوائد النوم في سرير واحد تتعدى فوائده في سرير منفصل، موضحة أنه “حتى لو كان يخيّل للبعض أن النوم في سرير منفصل هو الأفضل، فإن ذلك لن يشعر الأزواج بالأمان والحب والارتباط مع شريك الحياة، وفي مثل هذه الحالة لن يصلوا إلى مرحلة النوم العميق، التي يبدأ عندها الجسم بشحن الطاقة، وتجديد الخلايا، وتقوية المناعة”.
ويقول علماء إنه على الرغم من الإزعاج الذي قد يسببه أحد الشريكين للآخر خلال النوم بسبب الشخير أو التقلب في السرير أو الاستيقاظ المبكر وغيرها فإن فوائد تشارك السرير جمّة.
ونصح فريدهليم شفيديرسكي -خبير العلاقات الزوجية بمدينة هامبورغ الألمانية- الأزواج بمعالجة أسباب النوم المنفصل وعدم تركها تؤثر على العلاقة الزوجية، ومصارحة الشريك بالمشكلة لبحث الأسباب والحلول.
ويرى شفيديرسكي أن مشكلة الشخير مثلا يمكن حلها عبر استعمال سدادات أذن، ومشكلة الشعور بالحرارة أو البرودة يمكن حلها باستعمال أغطية منفصلة حسب الاحتياجات.
وأوضح أن “جزءا من العلاقة الزوجية يعتمد على القرب الجسدي بين الشريكين، وبفقدانه يفقد الزوجان أيضا جزءا من إمكانية التواصل فيما بينهما، والتي لا يمكنهما تعويضها بالكلام والمحادثة فقط”.
وشددت العديد من الأبحاث التي أجريت في هذا المجال على ضرورة التلامس الجسدي بين الأزواج، لأنه يمثل أفضل وسيلة لإنجاح الزواج، وإذابة الجليد الذي يتكون بين الزوجين مع مرور الوقت، وإذا سكت حوار الهمس والمداعبة بين الشريكين يتكلم الملل ويصبح الصمت أسوأ مرض يصيب الحياة الزوجيَّة، ويصل في نهاية المطاف بالزوجين إلى الانفصال.
ونبه الأطباء إلى دور التلامس الجسدي الذي يفيض بالعطف والحنان في الحد من التوتر العصبي، ومنح الزوجين إحساساً بالهدوء، وتحسين الحالة الصحية العامة.