في التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ الجديد للعام 2017 جاء أنّ حزب الله يحتّل المرتبة الأولى في أعداء تل أبيب، تليه إيران وحماس، ومن هنا فإنّ الانشغال الإسرائيليّ بمُراقبة الترسانة العسكريّة لحركة المقاومة الإسلاميّة هو تحصيل حاصل. علاوة على ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ وزير الأمن ليبرمان يؤمن بضرورة حسم المواجهة مع حماس مرّةً واحدةً وإلى الأبد عن طريق تسوية قطاع غزّة وإسقاط حكم حماس، على حدّ وصفه.
يُشار في هذه العُجالة إلى أنّه بعد أنْ وضعت حرب غزّة الأخيرة أوزارها في صيف العام 2014، قال الجنرال في الاحتياط، يعقوب عميدرور رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق إنّه طيلة فترة عمله في المجلس لم يعلم أنّ حركة حماس استطاعت صنع صواريخ أبعد من تل أبيب.
وأشار عميدرور في تصريحات نقلتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية تعليقًا على قدرات حماس في المعركة إلى أنّه تفاجأ بالصواريخ التي وصلت لأبعد من غوش دان في تل أبيب.
في السياق عينه، اعترفت صحيفة (معاريف) العبرية أنّ صواريخ الكورنيت المضادّة للدبابات تمثل أكبر تهديد لقوات الجيش الإسرائيليّ التي قد تُحاول الدخول إلى قطاع غزة. وأشارت إلى أنّ أحد الصواريخ المضادة للدبابات من نوع (كورنيت)، كان قد أُطلق باتجاه دبابةٍ إسرائيليّة خلال عملية “الجرف الصامد”. ونقلت الصحيفة عن ضابط في الجيش الإسرائيليّ قوله إنّ هناك العديد من الاشتباكات بين الجيش والمقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة مؤكدًا أنّ الإصابات في صفوف الجيش سببها صواريخ الكورنيت الموجهة.
ولفت الضابط إلى أنّ الجيش يعتبر الكورنيت أكبر تهديد مقارنة بالصواريخ المضادة للدبابات الأخرى التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية في غزة. وزعم أنّ هذه الصواريخ المضادة للدبابات وصلت لحماس من سوريّة قبل عدة سنوات وبكميات ليست قليلة.
وأوضح أنّ صاروخ الكورنيت المعروف باسم (AT-14) جيل روسي مضاد للدبابات وقد وضع في الخدمة العسكرية في العام 1994 ليصبح الصاروخ المعتمد لدى الجيش الروسي رسميًا. وبحسب (معاريف) فإنّ هذا الصاروخ يمكن أن يخترق في الدروع الفولاذية السميكة ما بين 1000-1200 ملم ، ويمكن ضربه ما بين 100 متر و3.5 – 5.5 كيلو متر. ونوهت إلى أنّ الصاروخ يمكن استخدامه لإسقاط الطائرات المروحية بطيئة السرعة والتي تطير على مستويات منخفضة.
وأكّدت الصحيفة أنّ صواريخ الكورنيت استخدمت في حرب لبنان الثانية ضد دبابة الميركافا ما أدى لإيقاع إصابات وقتلى على نطاق خمسة كيلومترات من مكان العمليات العسكريّة الإسرائيليّة، كما أكّد المصدر للصحيفة.
إلى ذلك، زعم موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنيت إنّ ما أسماه بمحور الشر انكشف: وجاء في التفاصيل أنّ حركة حماس تُجري مفاوضات مع كوريا الشماليّة بهدف الحصول على صواريخ مُتقدّمة ومُتطورّة، بالإضافة إلى أجهزة اتصّال حديثة وذكيّة، وذلك بهدف مواصلة تنفيذ الهجمات العسكريّة ضدّ إسرائيل. ولفت الموقع الإسرائيليّ إلى أنّ هذا ما أكّده عدد من المصادر الغربيّة الرفيعة لصحيفة (تيلغراف) البريطانيّة. وبحسب تقديرات المصادر عينها، فإنّ الصفقة تٌقدّر بمئات آلاف الدولارات.
علاوة على ذلك، أوضح الموقع العبريّ، فإنّ الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة تُرجّح قيام خبراء من كوريا الشماليّة بتدريب عناصر وكوادر من حماس حول كيفية حفر وإقامة الأنفاق الهجوميّة، التي باتت تل أبيب تعتبرها تهديدًا إستراتيجيًا.
من ناحيته رأى إيلي أفيدار، ممثل إسرائيل السابق لدى قطر، أنّ حماس أوجدت ميزان رعب حيّال إسرائيل، بموجبه لا تعمل بشكلٍ مباشرٍ ضدّ إسرائيل من حدود غزة، سواءً بإطلاق الصواريخ أوْ بإرسال الخلايا في الأنفاق، بينما إسرائيل تمتنع عن هجمات مباشرة على أهداف المنظمة الإستراتيجيّة وعلى مسؤوليها. وتابع أنّ المواجهة تجري بين الطرفين في ساحات بديلة وبقوى منخفضة، إسرائيل تُدمر بمنهجية الأنفاق الهجوميّة لحماس وتعمل ضدّ بنيتها الإرهابية التحتية في الضفة الغربيّة.
وأكد المُستشرق الإسرائيليّ أنّ حماس تبادر إلى القيام بعملياتٍ في أراضي السلطة الفلسطينيّة بالضفّة الغربيّة، وهكذا تكسب حماس على حد نهجها مرتين: تضرب الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، كما تُشدد الضغط على محمود عبّاس، وتُحقق النقاط في الرأي العام الفلسطينيّ، وتُنجز على حد فهمها روافع ضغط أخرى حيّال إسرائيل، على حدّ تعبيره.
وأوضح أنّ النهج، المتمثل بالتآكل التدريجيّ للوضع الراهن، لم يولد في غزة، فمن طورّه كان حسن نصر الله، الأمين العّام لحزب الله اللبنانيّ، منذ التسعينيات وقبل الانسحاب الإسرائيليّ من الحزام الأمنيّ، وقال: يؤمن نصر الله بأنّ المجتمع الإسرائيليّ هش، وأنّ تنقيط العمليات والإنجازات العملياتية تدفع الدولة العبريّة إلى اليأس والانسحابات، فالانسحاب من لبنان جعل حزب الله بطلًا في العالم العربيّ ودفع منظمات عديدة، وعلى رأسها حماس، لمحاولة تبنّي طريقة عمله، على حدّ قوله.
وبرأيه، من المحتمل أنْ تندلع مواجهة جديدة بين إسرائيل وحماس، مبررًا ذلك بأنّ وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، يُفكّر بجديةٍ بإسقاط حماس، وبالتالي فإنّ طول نفسه حتى لحظة الخروج إلى الحرب سيكون أطول، وذلك كي يصل إلى المواجهة مع كامل الدعم الجماهيريّ والدوليّ.
ولكن المُستشرق الإسرائيليّ، الذي خدم لفترةٍ طويلةٍ في الموساد، استدرك قائلا إنّه طالما واصلت حماس قراءة إسرائيل من خلال المفهوم المغلوط لنصر الله، فإننّا نواصل السير نحو مواجهةٍ شاملةٍ، والتي فقط بسبب الحظ لم تقع حتى الآن، أكّد.
"رأي اليوم"