مدربون اعتدوا على لاعبيهم جنسياً!.. بريطانيا تجري تحقيقات حول أندية عقدت صفقات لتشتري صمت لاعبين

السبت 26 نوفمبر 2016 10:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
مدربون اعتدوا على لاعبيهم جنسياً!.. بريطانيا تجري تحقيقات حول أندية عقدت صفقات لتشتري صمت لاعبين



طبقاً لمصدر موثوق، دفع عدد من الأندية، من بينها نادٍ واحد على الأقل من الدوري الإنكليزي، تعويضات للاعبين. لكن بعدما وقّع الضحايا اتفاقات صارمة، تمنعهم من التحدث عن الموضوع، ويشمل هذا الاتفاق عائلاتهم ومحاميهم أيضاً.

وسيشعل البوح بالأمر تخوّفاً بأن هذه اللعبة القومية تخبئ تاريخاً من الاعتداءات الجنسية يمتد لسنوات، وذلك وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "التليغراف" البريطانية.

وصلت الأزمة أوجها مساء الجمعة، عندما أعلنت شرطة العاصمة، أكبر قوة في بريطانيا، عن قيامها بتحقيقات حول الاعتداءات الجنسية في أندية لندن، بعد تلقّيها عدداً من الشكاوى.

فتح استجواب

تبع ذلك إعلان لشرطة هامبشاير في وقت مبكر من اليوم أنها فتحت استجواباً حول الاعتداءات الجنسية في الأندية الكروية في المنطقة ذاتها.

كما صرحت شرطة شيشاير في نفس اليوم، التي كانت بالفعل بدأت تحقيقاتها حول الأمر، بوجود "عدد متزايد من الإفشاءات "التي تتهم أكثر من جانٍ، بينما قالت شرطة نورثمبريا إنها كانت تحقق في زعم لاعب سابق لفريق نيوكاسل يونايتد، يقول إنه تعرض للاعتداء في فريق الشباب بالنادي.

أحد الضحايا يدّعي أن المشكلة "تم مواراتها عن الأنظار"، وأصر على وجود عصابة من المنحرفين جنسياً تعمل داخل الأندية الرياضية.

في يوم الجمعة، ذكرت رابطة لاعبي كرة القدم المحترفين أن هناك نقاشات قائمة مع 8 لاعبين لإقناعهم بالكشف عن الأمر.

وصرحت الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال بأنها تلقت الكثير من المكالمات على خطها الجديد لمساعدة لاعبي كرة القدم، للإبلاغ عن عدد مهول من الاعتداءات يتفوق على الإهانات التي ارتكبها جيمي سافيل، مقدم البرامج المتوفى بقناة BBC، طيلة حياته.

قام رئيس شرطة نورفولك، سيمون بايلي، بإبلاغ قوات الشرطة الأخرى بأن المجلس الوطني لرؤساء الشرطة يحثهم على عدم الكشف عن أية تفاصيل جديدة فيما يتعلق بقضايا التحرش الجنسي بالأطفال سواء استلموا تقارير جديدة أم لا، "حتى يتضح موقفهم القومي".

تسوية دعاوى

وتشجَّع عدد من لاعبي كرة القدم لأخذ بعض الخطوات للأمام بعدما تحدث اللاعب آندي وودوارد في الأسبوع الماضي عن الاعتداءات التي عانى منها على يد باري بانل، المدرب السابق لفريق كرو ألكسندرا، الذي تم سجنه في 3 مناسبات مختلفة بتهمة الاعتداء الجنسي على الصبيان.

أحد المصادر الكبيرة، الذي يعرف الكثير عن الأمور القانونية، أخبر "التليغراف" بأن هناك عدداً من الأندية قامت بتسوية دعاوى تحرش في السنوات الأخيرة.

ويقول المصدر: "هذه القضايا تخضع لاتفاقيات خصوصية ملزمة جداً. إنها متعلّقة باتهامات ضد أندية كرة قدم. واحد منهم في الدوري الإنكليزي. ليس من الممكن قانونياً لأي من الضحايا قول أي شيء عن هذه القضايا. هكذا سوت الأندية أمورها".

ويوضح وودوارد أنه مشمئز من فكرة أن الأندية تدفع للضحايا ثمن صمتهم. "كنت لأشعر بالخزي الشديد لو كان ذلك ما حدث معي. خزي شديد جداً"، كما يقول وودوارد، الذي تعرّض لاعتداء جنسي على يد بانل منذ 4 سنوات.

وأضاف أنه لم ينتبه لفكرة أن كرو يدفع تعويضات للضحايا. "لم يخطر هذا ببالي حتى في ذلك الوقت. كل ما كان يجول بخاطري في ذلك الوقت هو تحقيق بعض العدالة لهؤلاء الضحايا".

يقول ريتشارد سكورر، رئيس فريق الاعتداء بمكتب سالتر وجوردن للمحاماة، إن اللاعبين السابقين يمكنهم الحصول على تعويضات هائلة إذا استطاعوا إثبات أنهم فقدوا فرصة الالتحاق بأندية كبيرة وعقود مربحة بسبب ما تعرضوا له من تحرش.

وسيزيد ذلك الأمر من شبح الإفلاس لدى الأندية الصغيرة إذا انجرفت في تيار التعويضات في دعاوى القضايا المدنية.

ويضيف سكورر: "كانت أندية كرة القدم، وكذلك اتحاد لاعبي كرة القدم، بطيئة جداً في إدراك الأخطار المحيطة".

وتابع: "لقد أوضحت هذه الفضيحة أن عالم كرة القدم - خاصة في هذه الفترة - كان بيئة خصبة للاعتداءات الجنسية للأطفال مع إفلات نسبي من العقاب، ومع وجود ضمانات قليلة لمنع حدوث هذا الأمر. وحده الزمن سيخبرنا مدى انتشار هذه المشكلة".

ملف باري بانل

كان باري بانل شخصاً يحظى باحترام الكثير من أندية كرة القدم الكبيرة، لعقود من الزمن. لكن فُضح أمره عام 1998، عند اكتشاف أنه معتدٍ جنسي على الأطفال، ويبتزهم لإبقاء هذا الأمر سراً.

وعند سن 62 عاماً عمل كمدرب لدى الكثير من الأندية من بينها مانشستر سيتي، لييدز يونايتد، كرو ألكسندرا، وستوك سيتي. منذ 1978 حتى 1992 كان ينتقى اللاعبين الناشئين الموهوبين من سن 9 إلى 14 سنة لاختيارهم للعب في الفرق الصغيرة.

واضطربت مسيرته المهنية لأول مرة في عام 1992 عندما أقاله فريق كرو لأسباب لم تعلن عنها إدارة النادي. وخلال مسيرته المهنية كان يقوم بدعوة الأطفال إلى منزله، ويأخذهم في جولات كروية.

يقول هؤلاء الذين اعتدى عليهم جنسياً إنه كان يبتزهم حتى يلتزموا الصمت، حيث كان يهددهم بتدمير مستقبلهم المهني بطردهم من الفرق التي يلعبون فيها.

وتم سجن بانل أخيراً عام 1994 بفلوريدا وقضى عقوبة 4 سنوات بتهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال خلال جولة كروية مع فريق الناشئين بستافوردشاير.

ولدى عودته للمملكة المتحدة اعترف بارتكاب 23 حادثة أخرى ضد لاعبين آخرين - منذ 1978 حتى 1992- في محكمة تشيستر كراون، وتم سجنه 9 سنوات أخرى، وتُركت 22 جريمة أخرى في القضية.

قال واحد من ضحاياه الست في المحاكمة إن بانل اعتدى على "مئات" الأطفال.

وفي مايو/أيار من العام الماضي، تم سجنه لمدة عامين لارتكابه بعض الانتهاكات ضد طفل ذي 12 عاماً في عام 1980.

وفي أثناء إجراء المحاكمة، وصف بانل نفسه بـ"الوحش"، وهو يعيش الآن في ميلتون كينز بعد خروجه من السجن مؤقتاً برخصة.

ادعاءات أخرى

وعادت اعتداءات بانل لدائرة الضوء مرة أخرى بعدما صرَّح اللاعب آندي وودوارد بأنه كان من ضحايا اعتداءات بانل.

ومنذ اعترافاته، تقدم لاعبون آخرون يزعمون أن بانل اعتدى عليهم أيضاً.

زعم جيسون دانفورد، لاعب مانشستر سيتي السابق، يوم الجمعة الماضي، أن مجموعة من المنحرفين جنسياً (paedophil) كانوا يعملون معاً داخل مجتمع كرة القدم الإنكليزية، وأنه جرى التستر على أفعالهم كجزء من المؤامرة التي يقومون بها.

وبالإضافة إلى عمله مدرباً لفريق كرو، عمل بينيل مدرباً لفريقي مانشستر سيتي وستوك سيتي كما عمل لصالح عدد من فرق الناشئين في الشمال الغربي.

وتحدث كريس انسورث واندي وودوارد الى فيكتوريا ديربيشاير مقدمة برنامج يبث على قناة "بي بي سي"، وكان دانفورد الذي تعرض للاعتداءات من قِبل بينيل في أحد مخيمات العطلة بعد الفوز بمسابقة لكرة القدم، قد أخبر فيكتوريا في حديثه بأنه يعتقد بأن "ثمة مؤامرة تتعلق بهذه الشبكة التي تقوم بالاعتداءات الجنسية"، وتابع: "ثمة مجموعة كان كل دورها هو الاهتمام بالأطفال الجُدد الذين يدخلون شبكتهم. وأظن أن دور سافيل كان يشبه دور المرتل مقارناً بالآخرين".

وأطلق أيضاً كريس أنسورث، البالغ من العمر 44 عاماً اللاعب السابق بفريق كرو للشباب، ادعاءات ضد بينيل، إذ تحدث إلى نفس البرنامج على قناة "بي بي سي" قائلاً: "كان من الممكن منع هذه الأمور، لكن بالعودة إلى الماضي فلم تكن هناك قوانين، وبالتالي كنت تنخرط في الأمر فحسب"، وتابع: "كل ما مررنا به تم تحت ستار من التجاهل والإنكار، هذا هو سبب وجودنا هنا اليوم. أتمنى أن ينضم إلينا آخرون ليفصحوا عما جرى".

وقال المتحدث باسم هيئة التحقيق المستقلة في الاعتداء الجنسي على الأطفال إن "مهمتنا هي النظر في الفشل المؤسسي فيما يخص حماية الأطفال من الاعتداء الجنسي، ولدينا صلاحيات واسعة بما يكفي لنحقق في الفشل الذي يحدث من قبل الأندية الرياضية في الوقت الملائم".

وأوضح المدير السابق لمجلس إدارة نادي كرو يوم الجمعة الماضي، أنه كان هناك بعض القلق بشأن بينيل منذ وقتٍ بعيد يرجع إلى أواخر الثمانينيات، لكن سمح له بالبقاء لمدة 3 سنوات أخرى على الأقل قبل أن يترك النادي في عام 1992.

وكشف هاملتون سميث، الذي كان ضمن مجلس إدارة نادي كرو من عام 1986 إلى أوائل عام 1990، أنه دُعي لاجتماع من أجل مناقشة المزاعم حول اعتداء بينيل على أحد الشباب في أواخر الثمانينيات.

وقال إن الاجتماع عُقد في منزل نورمان رولينس، الذي كان رئيس مجلس إدارة النادي آنذاك، واقترح رولينس عند نقطة ما من النقاش أنه يجب على النادي "التخلص من بينيل" بسبب الشكوك المتزايدة حول سلوكه.

ولكن أُبقي على بينيل بشرط ألا يُترك بمفرده مع الأطفال.

وأشارت هيئة التحقيق المستقلة في الاعتداء الجنسي على الأطفال إلى أنها تتابع الأحداث الجارية استعداداً لإطلاق تحقيقها الخاص. 

ولفت المتحدث باسم الهيئة إلى أن "مهمتنا هي النظر في الفشل المؤسسي فيما يخص حماية الأطفال من الاعتداء الجنسي، ولدينا صلاحيات واسعة بما يكفي لنحقق في الفشل الذي يحدث من قبل الأندية الرياضية في الوقت الملائم".

وتابع حديثه قائلاً: "لن يكون من المناسب بالنسبة لنا في الوقت الحالي أن نقول المزيد عن التحقيق الذي ربما لا يزال جارياً من قِبل الشرطة. ومع ذلك، سنراقب الأحداث عن كثب".

وربما يتطلب التحقيق النظر في انتحار اثنين من اللاعبين اللّذين درَّبهما بينيل.

وكان غاري سبيد، المدير السابق لمنتخب ويلز ونجم نادي ليدز يونايتد والمنتحر في عام 2012، واحداً من اللاعبين الذين درَّبهم بينيل، بل إن سبيد كان يمكث في بيته.

ويقال كذلك إن بينيل قد درَّب آلان ديفيز، لاعب مانشستر يونايتد السابق، الذي انتحر في 1992.

ولكن روغر سبيد أخبر صحيفة "التليغراف" في مقابلة نشرت اليوم، بأنه متأكد بالقطع من عدم تعرض ابنه للاعتداء من قِبل بينيل. وكان بينيل قد أنكر في وقت سابق اعتدائه على سبيد، لكنه قال إنه حتى إذا اعتدى عليه فليس من المرجح أن يعترف بذلك.

كما أنه لا يوجد أيضاً دليل على أن بينيل اعتدى على ديفيز، وذلك على الرغم من أن أحد ضحايا بينيل قال إن المدرب كان دائماً ما يشير إلى سبييد وديفيز وإليه بـ"المفضلين".

وأشاد نادي كرو ألكساندرا بما فعله وودوارد واصفاً ذلك بـ"الشجاعة الهائلة"؛ نظراً لأنه تحدث علناً وأفصح حقيقة ما جرى، لكنه رفض التعليق على مزاعم محددة، بينما صرح مسؤولو نادي مانشستر سيتي بأن "ثمة تحقيقاً يجري حالياً بشأن أي صلات ربما تكون جمعت بين النادي وبينيل". 

ومؤخراً سُلطت الأضواء على نادي نيوكاسل يونايتد، وذلك عقب قيام لاعب مجهول الهوية بتقديم شكوى للشرطة بخصوص تعرضه لاعتداء جنسي من قِبل جورج أورموند، المدير الفني السابق للفريق الذي يقضي حالياً عقوبة 6 سنوات بالسجن وذلك عقب سلسلة من الإدانات حول استغلاله للأطفال بالنادي من فريق الشباب على مدار 24 عاماً.

وقال نادي نيوكاسل يونايتد في بيان له: "بشكل واضح سيتعاون نادي نيوكاسل يونايتد بالكامل مع الشرطة وأي جهات أخرى ذات صلة، وسنعمل على تقديم أي مساعدة ممكنة عندما يلتقي النادي معلومات أكثر".