يكثر الكلام هذه الأيام عن عقد المؤتمر السابع لحركة فتح والنتائج الخطيرة التي قد تترتب على عقده وحركة فتح في وضع لا تحسد عليه من السوء والتراجع على جميع المستويات، برغم من محاولة تجميل الأوضاع الداخلية لحركة فتح والقول أنها قوية وعصية على الكسر وأنها موحدة ومستعدة لمواجهة كل التحديات والمخاطر. لكن المشكلة في هذا القول أنه يعاني من السذاجة الوطنية والسياسية، ولن يؤدي هذا القول إلى الخروج من حال التردي والتراجع التي تعانيه حركة فتح وإستعادة الحركة دورها النضالي في مواجهة الإحتلال كحركة تحرر وطني والبدء بعملية الإصلاح الشاملة.
ويتعين على المسؤولين الفتحاويين أن يبحثوا عن بديل للحال القائم من خلافات، على أن تكون المهمة جماعية وليست مهمة الرئيس فقط، حتى لا يتم تكريس حكم الفرد الذي يتحكم في كل مقاليد الأمور.
ومن منا لا يريد أن تتخطى حركة فتح أزمتها وتعيد الإعتبار لذاتها والتوقف عن إنتهاج سياسات تقوض أساس حركة فتح كحركة تحرر وطني واستعادة عافيتها، ومن منا لا يريد الوحدة لحركة فتح، وفتح حوار داخلي بعيداً عن الإقصاء والطرد والانقلاب على النظام الداخلي للحركة وإيقافه.
وكما أوضحت في مقال سابق، فإن الرئيس وعدد ليس قليل في قيادة الحركة مستعجلون من أمرهم لحجز مناصب عليا لهم وكأن الهدف من عقد المؤتمر هو طرد عضو اللجنة المركزية في حركة فتح محمد دحلان نهائياً من الحركة. وعقد المؤتمر بهذه العجلة يكمن في أن الرئيس محمود عباس ومن معه يرون في أنفسهم الأقوى وهم مستمرون في رؤيتهم والهدف هو عقد المؤتمر للحفاظ على سلطتهم وإمتيازاتهم، وتثبيت شرعيتهم من دون النظر الى ديمومة الحركة وإعادة الإعتبار لها.
الجميع متعجل للوصول لمنصبه، فهم يفعلون بما يتناقض مع ما تبقى من فتح وأنها تتسع للجميع وأنها حركة الشعب، ومن الشعب وأنها تشبه شعبها، فحركة فتح أقيمت من أجل الشعب وليس من أجل خدمة أعضاؤها خاصة القيادة التي تتمتع بالمناصب والإمتيازات المالية والسلطوية التي يجب أن تخدم الشعب. الشعب بانتظار حركة فتح متجددة ورئيس متجدد وقائد لثورة وليس خليفة له فقط، إنما قيادة تتخلى عن إمتيازاتها ومصالحها، وتقود حركة تحرر وطني بخطة وطنية وبرنامج وطني لمواجهة الاحتلال بمقاومة وطنية شاملة، وليس باستخدام مصطلحات غير مفهومة كما أطلق بعض قادة فتح عليها المقاومة الشعبية الذكية.
ما كان للخلافات ان تتعمق لو لم تكن المؤسسة القوية مغيبة والمصالح الخاصة، وغياب برنامج سياسي واضح المعالم لحركة تحرر وطني، بما في فيها المقاومة السلمية والشعبية المغيبتان بفعل فاعل وتخشاها إسرائيل.
سنوات طويلة والفلسطينيون يتربوا على الصبر وتعلمه ويحفظونه في صدروهم لكنهم لم يتعلموا الإعداد، والنقد والتخطيط والتفكير الجماعي بصوت مرتفع، الفلسطينيون لديهم القدرة على مواجهة الإحتلال وعدم الخوف منه، لكن حتى اللحظة لم يتمكنوا من مواجهة القمع والإستبداد الداخلي الذي يعشعش في رؤوسهم، برغم الإدعاء إمتلاكهم الوعي السياسي والقوة.
يشعر كثير من الفتحاويين بمرارة من الحال الذي وصلوا اليه ويزداد سوءً يوماً بعد الآخر، وعند مراجعة مسيرتهم بعد وفاة الراحل ياسر عرفات لم يجدوا انهم حققوا أي إنتصار في مسيرتهم النضالية لدحر الاحتلال وتقرير المصير، ويبحثوا من سنوات في تعزيز الإنقسام وتشتيت المشتت.
ستجتمع حركة فتح وسيخرج المؤتمرون بقرارات على شاكلة المقاومة الشعبية الذكية كما عرفها عضو اللجنة المركزية للحركة محمد إشتيه وحركة فتح تتآكل وسيصيبها الوهن أكثر جراء السياسات الخاطئة والإستبداد والإستفراد بالقرار.
Mustafamm2001@yahoo.com