الاونروا تحذر : لن ندفع بدل ايجارات للمهدمة بيوتهم في غزة خلال اسابيع

السبت 19 نوفمبر 2016 04:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
الاونروا تحذر : لن ندفع بدل ايجارات للمهدمة بيوتهم في غزة خلال اسابيع



عمان \وكالات \

حذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" من عدم قدرة المنظمة الدولية على دفع بدل ايجارات للمهدمة بيوتهم في قطاع غزة اذا لم يتم الحصول خلال اسابيععلى مبلغ خمسة ملايين دولار.

وقال كرهينبول في خطابه امام اللجنة الاستشارية للاونروا في عمان "ان  خمسين عاما من الاحتلال في فلسطين وعشر سنوات من الحصار في غزة، تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، قد حفرت بشكل مؤلم في روح وهوية مجتمع اللاجئين وتعمل على جرهم وراء حافة الحياة الكريمة"موضحا ان" جيلا شابا من لاجئي فلسطين ينمو ويفقد الثقة في قيم السياسة وفي التسوية وفي الدبلوماسية الدولية ؟".

وقال ان السكان في غزة موسومون، وكما تعلمون جيدا، بآثار حروب متكررة. إن الأطفال الذين يبلغون التاسعة من العمر قد عاشوا ثلاث نزاعات عنيفة جدا على مدار السنوات الثماني الماضية فقط وإن مليوني شخص – 1,3 مليون شخص منهم من لاجئي فلسطين – يرون كافة أوجه حياتهم محكومة بالحصار غير القانوني المفروض عليهم.

واضاف "إن حرية الحركة غير موجودة عمليا. واسمحوا لي أن أعطيكم مثالا واحدا فقط أجده دوما لافتا للنظر على وجه الخصوص وهو أن حوالي 90% من طلبة الأونروا في غزة والبالغ عددهم 260,000 طالب وطالبة لم يغادروا قطاع غزة مطلقا في حياتهم وقد وصل معدل البطالة إلى مستويات عالمية غير مسبوقة، حيث أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل يصل إلى 60-65%، فيما تصل معدلات البطالة في أوساط الشابات كما نعلم إلى مستويات أعلى".

وتابع "في حين أنه بمقدوركم تقدير العواقب المادية، من حيث الدمار، للحروب المتعاقبة في غزة، فليس هنالك أية وسيلة يمكنكم من خلالها تقدير الجراح النفسية وعمق اليأس لدى أوساط الشباب المحرومين من الفرصة والأسباب الكامنة وراء الزيادة غير المسبوقة في معدلات الانتحار في قطاع غزة".

وتابع "إن الوضع في غزة، من وجهة نظري، يتم التقليل من شأنه بشكل خطير ويتوجب علي أن أخبركم بأنني لا أستطيع رؤية كيف أن أي شيء يحدث هناك – تحت بصرنا جميعا – قابل لأن يتصالح مع الكرامة الإنسانية أو أمن أي شخص في المنطق. وينبغي علينا أن نفعل كل ما بوسعنا من أجل تجنب جعل هذا الوضع أكثر سوءا".

 واضاف "ما يثير القلق البالغ أن الدعم لاستجابة الأونروا الطارئة يستمر في الانحدار وإن الأمور على وشك أن تصبح أكثر سوءا بالنسبة للاجئين المعرضين للمخاطر، بمن في ذلك أولئك الذين فقدوا بيوتهم في نزاع عام 2014 حيث إن القلق الأكثر إلحاحا هو تلك العائلات التي يبلغ عددها 6,500 عائلة في غزة والتي تعتمد على معونتنا النقدية من أجل تلبية احتياجات مساكنهم المؤقتة إلى أن تتمكن الأونروا من إعادة بناء بيوتها. واعتبارا من كانون الثاني المقبل فإننا سنضطر إلى التوقف عن تقديم المساعدة لهم، ما لم نتسلم خمسة ملايين دولار في الأسابيع القادمة".

                            الخطاب الكامل لفوض الاونروا امام اللجنة الاستشارية في عمان 

إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أنضم للرئيس ولنائب الرئيس وألقي خطابي هذا للترحيب بكم جميعكم في هذا الاجتماع للجنة الاستشارية للأونروا. وأود أن أقدم شكري الحار لسعادة السفير بيسلر على عبارات الدعم القوي التي قدمها. إن طاقتكم ومشاركتكم في العمل سعادة السفير لهما أمران نحن بحاجة ماسة إليهما في هذه الأوقات العصيبة.

وإضافة لذلك، اسمحوا لي أن أتقدم بالشكر من الدكتور عبيدة الدندراوي على مساهمته كنائب للرئيس. إن دعم مصر باعتبارها بلدا مضيفا للاجئين يعد ذا أهمية متزايدة لهذه اللجنة وللأونروا.

وأود أن أرفع لعطوفة الدكتور بشر الخصاونة تقديري العميق على مقدمته التي ألاقاها. وأود أن أنقل أيضا تقديري العميق للسخاء الدائم للحكومة الأردنية كبلد مستضيف لاجتماعاتنا، وعلى تاريخها الطويل في تسهيل عمل الأونروا.

كما أنني أقدم تقديري البالغ للجهود التي يبذلها المكتب ممثلا بالسيدة أوني رامبول من فنلندا، بصفتها رئيسا للجنة الفرعية، ونائبيها السيدة بريانا من الولايات المتحدة الأمريكية والسيد ياسين من الأردن.

وأود أيضا أن أتقدم بالترحيب الحار، مثلما ذكر سعادة السفير بيسلر، بضيوفنا الخصوصيين من كوريا الجنوبية ومن البنك الدولي. إن حضورهم بيننا يعكس الجهد الذي تم بذله في سبيل بناء وعي بعملنا وبالشراكة لما فيه مصلحة اللاجئين.

اسمحوا لي أن أضعكم بصورة أحدث المستجدات حول بعض التعيينات التي قمت مؤخرا بها على صعيد الإدارة العليا في الأونروا. وإنني أطلب من زملائي الوقوف لدى قيامي بذكر أسمائهم. إنهم: السيد تيموثي دير ويدوين في الوظيفة الجديدة كمدير للأمن وإدارة الأزمات، والسيدة فرانسواز فاني في منصب مدير دائرة العلاقات الخارجية والاتصالات؛ والسيد حكم شهوان كمدير بالإنابة لمكتب إقليم عملياتنا في لبنان – والعديدون منكم يعرفونه من وظيفته السابقة كمستشار لشؤون العاملين؛ والسيدة دوروثي كلاوس كمدير لدائرة الإغاثة والخدمات الاجتماعية والسيد نيك كالداس مدير دائرة خدمات الرقابة الداخلية والذي انضم للوكالة قبل أيام قليلة فقط.

السيدات والسادة،

يعقد اجتماعنا في وقت هام للغاية بالنسبة للأونروا، وإنني أتطلع قدما لتزويدكم بأحدث المستجدات حيال بعض التطورات الهامة التي حدثت أخيرا في عملياتنا، كما التحديات التي نواجهها علاوة على وضعنا المالي. ولكن وقبل ذلك، اسمحوا لي أن اشارككم الأفكار التالية:

إننا نعيش في أوقات تتسم بكونها غير مؤكدة ولا يمكن التوقع بها بشكل كبير جدا. ففي العديد من الأماكن، فإن عدم الاستقرار السياسي والهشاشة الاجتماعية الاقتصادية تبدوان في حالة صعود. وفي مناطق أخرى، تنتشر النزاعات المسلحة وعمليات التجزئة ويعم الدمار. إن غياب الأمن الإنساني والإرهاب والتمييز وكراهية الأجانب جميعها تبدو أكثر انتشارا. إن القيم – الشائعة بين الناس في سائر أرجاء الكرة الأرضية – يتم العمل على تقويضها.

وقد حظيت بعض القضايا مؤخرا على اهتمام أكبر من حركة اللاجئين والمهاجرين واسعة النطاق. وقد ظهر هذا جليا للغاية خلال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة والذي تضمن تبني إعلان نيويورك حول اللاجئين والمهاجرين إضافة إلى قمة القادة التي استضافها الرئيس باراك أوباما.

ومع ذلك، فإنه من المثير للاهتمام أنني أتعرض غالبا للسؤال عن السبب الذي ينبغي فيه على العالم أن يواصل اهتمامه بلاجئي فلسطين. إنه وضع قيل لي بأنه قد خرج من جدول الأعمال الدولي، وطغت عليه العديد من الأزمات الأخرى في الشرق الأوسط. وقد قيل لي أيضا بأن هنالك إحساس بالتعب حيال هذه المسألة.

إحساس بالتعب؟ ليس هنالك أي مكان في العالم يمكن للإحساس بالتعب أن يكون فيه أكبر مما هو لدى لاجئي فلسطين أنفسهم. وليس هنالك من مكان يمكنكم رؤية الإرهاق واليأس بوضوح جلي أكثر مما هو في مخيمات مثل شاتيلا في بيروت بالألم المتراكم والصدمة والأزقة المكتظة والضغوط الاجتماعية المؤلمة. وليس هنالك من مكان في العالم يمكن أن تروا فيه الإحساس بالتخلي أكثر حدة مما هو في مخيمات مثل اليرموك في دمشق بمساحات الأراضي المدمرة والحياة المكسورة والكرامة المتناثرة. وليس هناك من مكان في العالم يمكن أن يكون الاختناق والمرارة أكثر طغيانا عما هو الحال في مخيمات مثل جباليا في غزة التي ولدتم فيها وستبقون محاصرون بداخلها.

إن العالم ليس بمقدوره أن يتحمل كلفة أن يكون تعبا. وهو لا يمكنه تحمل كلفة النظر في الاتجاه الآخر.

لأنه، وفي الوقت نفسه الذي سيقول فيه المسؤولون والمواطنون في سائر أرجاء المعمورة بأن لاجئي فلسطين ليسوا على رأس قائمة جدول أعمالهم، فإنهم سيضيفون بأن الظلم الذي لم يتم حله والمرتكب بحق لاجئي فلسطين يبقى في صلب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وما أبعد منه.

لأن الأوضاع المزرية التي يواجهونها، والانعدام الشديد للأمن، وغياب الأفق السياسي يعمل على استنزاف عزيمتهم وإبداعهم.

ولأن خمسين عاما من الاحتلال في فلسطين وعشر سنوات من الحصار في غزة، تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، قد حفرت بشكل مؤلم في روح وهوية مجتمع اللاجئين وتعمل على جرهم وراء حافة الحياة الكريمة.

ولأن جيلا شابا من لاجئي فلسطين ينمو ويفقد الثقة في قيم السياسة وفي التسوية وفي الدبلوماسية الدولية ؟

وستستمعون قريبا وبتفصيل أكبر عن الوضع في مختلف أقاليم العمليات، ولكنني أود أن أسلط الضوء على بعض العناصر إن سمحتم لي:

ففي غزة، فإن السكان هناك موسومون، وكما تعلمون جيدا، بآثار حروب متكررة. إن الأطفال الذين يبلغون التاسعة من العمر قد عاشوا ثلاث نزاعات عنيفة جدا على مدار السنوات الثماني الماضية فقط. إن مليوني شخص – 1,3 مليون شخص منهم من لاجئي فلسطين – يرون كافة أوجه حياتهم محكومة بالحصار غير القانوني المفروض عليهم.

إن حرية الحركة غير موجودة عمليا. واسمحوا لي أن أعطيكم مثالا واحدا فقط أجده دوما لافتا للنظر على وجه الخصوص وهو أن حوالي 90% من طلبة الأونروا في غزة والبالغ عددهم 260,000 طالب وطالبة لم يغادروا قطاع غزة مطلقا في حياتهم. وقد وصل معدل البطالة إلى مستويات عالمية غير مسبوقة، حيث أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل يصل إلى 60-65%، فيما تصل معدلات البطالة في أوساط الشابات كما نعلم إلى مستويات أعلى.

وفي حين أنه بمقدوركم تقدير العواقب المادية، من حيث الدمار، للحروب المتعاقبة في غزة، فليس هنالك أية وسيلة يمكنكم من خلالها تقدير الجراح النفسية وعمق اليأس لدى أوساط الشباب المحرومين من الفرصة والأسباب الكامنة وراء الزيادة غير المسبوقة في معدلات الانتحار في قطاع غزة.

إن الوضع في غزة، من وجهة نظري، يتم التقليل من شأنه بشكل خطير ويتوجب علي أن أخبركم بأنني لا أستطيع رؤية كيف أن أي شيء يحدث هناك – تحت بصرنا جميعا – قابل لأن يتصالح مع الكرامة الإنسانية أو أمن أي شخص في المنطقة. وينبغي علينا أن نفعل كل ما بوسعنا من أجل تجنب جعل هذا الوضع أكثر سوءا، ولذلك فإنه لمما يثير القلق البالغ أن الدعم لاستجابة الأونروا الطارئة يستمر في الانحدار. إن الأمور على وشك أن تصبح أكثر سوءا بالنسبة للاجئين المعرضين للمخاطر، بمن في ذلك أولئك الذين فقدوا بيوتهم في نزاع عام 2014. إن القلق الأكثر إلحاحا هو تلك العائلات التي يبلغ عددها 6,500 عائلة في غزة والتي تعتمد على معونتنا النقدية من أجل تلبية احتياجات مساكنهم المؤقتة إلى أن تتمكن الأونروا من إعادة بناء بيوتها. واعتبارا من كانون الثاني المقبل فإننا سنضطر إلى التوقف عن تقديم المساعدة لهم، ما لم نتسلم خمسة ملايين دولار في الأسابيع القادمة.

وفي الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، تشاهدون نسخة مختلفة من اليأس لدى أوساط لاجئي فلسطين. إن الحكم والاحتلال العسكريين يؤثران على كافة جوانب الحياة العامة والخاصة: بدءا من التوغلات العسكرية والقيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع وهدم البيوت كإجراء عقابي والتوسع المستمر وغير القانوني للمستوطنات جميعها تتواصل. إلى متى سيتم التعامل مع هذه الأمور على أنها مسائل لا يمكن إيقافها أو أنها خارج مقدرة المجتمع الدولي ليتم تغييرها؟

والآن، فإنه علي القول بأن هذه التوجهات جميعها هي الشغل الشاغل حيث أن غالبية لاجئي فلسطين الشباب في قطاع غزة والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية) قد ولدوا بعد اتفاقية أوسلو للسلام. لقد قيل لهم من قبل العالم بأنهم إذا تبنوا المفاوضات واعتنقوا الشعور بالحل الوسط فإن حلا عادلا ودائما سيتم التوصل إليه على شكل دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمن. إن هذا لم يحدث مع ذلك والخطر كبير في فقدان جيل كامل لفكرة أن العمليات السياسية تهم بالفعل وأن الدبلوماسية تعمل حقا.

وحتى الآن، فليس هنالك من أمر أكثر أهمية اليوم من رؤية المجتمع الدولي يتصرف بحزم من أجل إعادة خلق أفق سياسي تشتد الحاجة إليه كثيرا.

وأخيرا، في سورية، فإن الكارثة المروعة من العنف والدمار لا يبدو عليها أنها ستنتهي قريبا، وليس هناك من أحد في البلاد بمنأى عن آثارها. إن أكثر من 60% من لاجئي فلسطين الذين يبلغ عددهم 560,000 لاجئ كانوا يقيمون في البلاد عندما اندلع النزاع في عام 2011 قد تشردوا مرة واحدة على الأقل، وقام ما لا يقل عن 120,000 شخص بالفرار من البلاد إلى لبنان والأردن ومصر وأوروبا.

لقد تعرضت مخيمات الفلسطينيين في سورية لأضرار بالغة. ويكافح لاجئو فلسطين من أجل البقاء على قيد الحياة في الأنقاض في حلب واليرموك، وإنني قلق الآن من احتمالية أن يصبح مخيم خان الشيح هو مخيم اليرموك القادم.

وعندما أنظر إلى المنطقة، فإنني أحس مثلكم بأن خطر تطرف الشباب اليائس كبير. إن المتطرفين مستمرون بالبحث عن مجندين جدد. وحتى تاريخه، فإن القليل من الفلسطينيين الشباب قد لبوا دعوات جماعات مثل داعش. ومن المؤمل أن تقوم الجهود المبذولة من قبل كافة الأطراف بما في ذلك المجتمع الدولي بالتخفيف من حدة الإحساس بالانعدام الكبير للأمن الذي يشعر به لاجئو فلسطين وبإعادة التأكيد على الالتزامات بالمساعدة في الإيفاء بالاحتياجات التنموية والإنسانية لهذا المجتمع. إن عمل الأونروا على صعيد التنمية البشرية والطوارئ يعد عنصرا لا غنى عنه في هذا الصدد.

وأنتقل هنا لأورد بعض الملاحظات الموجزة للغاية عن الأونروا نفسها، والتي ينبغي عليها أن تبحر في هذه البيئة المعقدة وغير المستقرة بتاتا في الوقت الذي تقوم فيه بتقديم خدماتها الرئيسة المباشرة في مجالات التعليم والصحة وخدمات مكافحة الفقر، وفي الوقت نفسه تشهد تصاعدا في عمليات الطوارئ لتصل إلى 1,3 مليون شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة وسورية.

واسمحوا لي أن أذكر بعضا من المنجزات الجديرة بالملاحظة، وسأقوم بالإيجاز:

في سورية في هذا العام، قمنا بزيادة معدل الالتحاق بالمدارس؛ إن المعلمين والطلبة الذين نزحوا أو الذين يعيشون في مناطق النزاع قد بدأوا بالحضور للمدارس وهنالك حوالي 50,000 طالب وطالبة يتلقون تعليمهم وذلك صعودا من أدنى عدد وصلنا إليه وهو 28,000 طالب وطالبة في عام 2012. إن هذا أمر رائع تحت أي ظرف كان.

وقد تم منح برنامجنا للتمويل الصغير جائزة السنابل للشفافية وذلك من بين 92 مؤسسية للتمويل الصغير من 13 دولة عربية. وقد أشادت الجائزة بقيام البرنامج بتعزيز نزاهة التمويل الصغير بوصفه أداة لاجتثاث الفقر.

وفي خضم تحديات غير عادية تواجه الأونروا في الميدان، قررنا المضي قدما في الإصلاحات بعيدة المدى لخدماتنا الرئيسة والتي وردت في استراتيجية الأونروا متوسطة المدى للأعوام 2016-2021.

لقد قمنا بنقل بعض من أشد الإصلاحات حساسية وأهمها بحيث يتم إكمال العمل فيها خلال النصف الأول من عام 2016 بدلا من تنظيمها على مدار السنوات الست الكاملة للاستراتيجية متوسطة الأجل. لقد حققنا تقدما على صعيد القيام بها في عام 2016 وذلك بفضل البلدان المضيفة التي قامت باتخاذ خطوات رئيسة لتسهيلها، وإنني أذكر هذا بتقدير.

وقد تم إكمال التحول إلى برنامج "من الغذاء للمال" في ثلاثة من أقاليم عملياتنا هي الأردن ولبنان والضفة الغربية. وأصبح الآن المستفيدون من برنامج شبكة الأمان الاجتماعي يستخدمون بطاقات الكترونية للحصول على المعونة الغذائية. كما أن إصلاحا رئيسا آخر، ألا وهو خدمات الاستشفاء في لبنان، وهو أمر ينطوي على تحد كبير، قد أصبح قائما في أعقاب اتفاق تم التوصل إليه منتصف العام مع ممثلي اللاجئين، وذلك مع تطمينات بأن سبل الوصول إلى رعاية المستشفيات الطارئة سيتم صونها بالنسبة للاجئين الأشد عرضة للمخاطر.

ولم تكن هذه الإصلاحات على وجه التحديد أمرا لا ينطوي على المعضلات والتحديات. فمن ناحية، وكما هو الحال دوما، فإنني أود أن أقر بأن أي تغيير في الخدمات أو في طريقة تقديمها كفيل بأن يشعل توترا كبيرا في أوساط اللاجئين، حتى لو كان التغيير نحو الأفضل. إننا نتفهم هذا جيدا حيث أنهم دأبوا على مجابهة العديد من الوعود التي لم تتحقق منذ عام 1948. وهنالك أيضا القلق المتعلق بحقيقة أن المعونة الغذائية تحديدا تحمل مضامين رمزية بالنسبة للاجئين.

لقد شعرت الأونروا بالمخاطر، وواجه زملاؤنا في الخطوط الأمامية في أقاليم العمليات في ربيع هذا العام ضغوطا هائلة من المستفيدين وممثلي اللاجئين واللاعبين الآخرين. ومع ذلك، فقد مضينا قدما بالإصلاحات انطلاقا من الإحساس بالمسؤولية العميقة تجاه كافة أصحاب العلاقة وبالتأكيد تجاه لاجئي فلسطين. وقمنا بالتشديد على أن هذا التغيير يؤدي للتمكين في نهاية المطاف، ليس فقط لأنه أكثر حفظا للكرامة فيما يخص مسألة تحقيق الأمن الغذائي، بل لأنه يسمح بتعدد الخيارات من قبل اللاجئين أنفسهم. إننا نأمل أن هذا النظام الجديد سيمكننا من حشد المزيد من الموارد ومن تغطية العدد الاكبر من اللاجئين الذين يعانون من غياب الأمن الغذائي.

وكما تعلمون جميعكم، فإن الأونروا تعمل في ساحة تعج بالتوترات السياسية والأمنية التي تؤثر على كافة الحكومات المضيفة علاوة على الحكومات الأخرى في المنطقة. وعند كل منعطف فإنه ينبغي على الأونروا أن تقوم وبشكل مستمر بتقييم حجم وتعقيد التحديات العملياتية التي يفرضها هذا الوضع وأن تقوم بأخذها بعين الاعتبار، وإنني أطلب منكم أن تنضموا إلينا في القيام بهذا.

وقمنا بناء على هذه الخلفية باتخاذ خطوات قوية وصعبة للغاية – وأود هنا أن أقدم الشكر لنائبي على دورها الاستثنائي - لضبط الكلفة وتقليلها ما أمكن بما يظهر التزامنا بتخفيض الإنفاق إلى الحد الأدنى الممكن من دون وقف خدماتنا الرئيسة الأساسية. إن تقريري الخاص الذي رفعته في أيلول من عام 2015 والتحديث الذي قدمته في أيلول من عام 2016 يبين الخطوات التي عملت على تقليل العجز في عام 2016 بمقدار 54 مليون دولار والتي أنتجت موازنة ذات نمو صفري.

وعلى الرغم من سلسلة من التدابير التي تم اتخاذها على الصعيد الداخلي وتلك النتائج البارزة في الموازنة، فلا يزال الوضع المالي للأونروا – كما ذكرتم في ملاحظاتكم الافتتاحية - مدعاة للقلق البالغ. وأنتم تذكرون أنه قبل سنة من الآن كاد الأمر أن يؤدي إلى تأخير بدء سنتنا الدراسية مما أدى إلى موجات من الصدمة في أوساط مجتمع اللاجئين، وأحدث ردة فعل قوية لدى أوساط البلدان المستضيفة وعلى مستويات رفيعة للغاية. وفي أعقاب ذلك، اتفقنا جميعنا أنه لا يمكننا ببساطة أن نسمح لنفس الأمر بالحدوث مجددا. ولذلك فإنه علي أن أكون صادقا معكم بأنه يحزنني ويقلقني كثيرا أنه وعلى الرغم من حجم هذه الأزمة، وعلى الرغم من التدابير القوية لإدارة الأونروا وإصلاحاتها، إلا أننا كنا في بداية أيلول لا نزال نعاني من عجز مالي بقيمة 96 مليون دولار.

وفي أعقاب الاجتماع الاستثنائي للجنة الاستشارية والتبرعات المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية والسويد وسويسرا – قمنا بخفض العجز إلى 74 مليون دولار حسبما كان الوضع عليه قبل أيام قليلة فقط. وانخفض العجز إلى 48 مليون دولار في أعقاب تبرعات إضافية بقيمة تقارب من 15 مليون دولار من الإمارات العربية المتحدة. وبعبارة أخرى، فإننا في وضع أفضل بكثير مما كنا عليه قبل شهرين وذلك فيما يتعلق بنفقات وعجز عام 2016، إلا أنه لا يزال علينا أن نقوم بعمل جدي للغاية.

وفي الوقت نفسه، فإنه ينبغي علينا أن نكون واضحين بأن حجم العمل الذي كان مطلوبا وكمية الحشد السياسي الذي كان مطلوبا للوصول إلى هذه النتيجة مع بقاء مجرد 6-7 أسابيع على نهاية عام 2016 قد كانا استثنائيين وغير مستدامين.

وأود أن أشدد على حقيقة أنه، ولأننا في الوقت الذي ندخل فيه العام 2017 فإن الحد الأدنى من متطلباتنا لذلك العام – ودعوني أعيد العبارة، الحد الأدنى الذي نحتاجه لكي نعمل – هو 715,5 مليون دولار وذلك فيما يتعلق بموازنتنا الرئيسة. واستنادا إلى توقعات الدخل الحالية، فإن العجز للعام المقبل يبلغ 115 مليون دولار. ومن بين الأمور التي أخذناها بعين الاعتبار هي نتائج مسوح الرواتب في كافة أقاليم العمليات، والتي قمنا بمشاركتها مع الاتحادات من باب الشفافية. وفي إقليمين من أقاليم العمليات، وهي الضفة الغربية وغزة، فإن الاتحادات يقومون بتحدي هذه المخرجات؛ أما في باقي الأقاليم فقد تم التوصل إلى اتفاقيات من حيث المبدأ.

لقد أصبح جليا الآن، أيها السيدات والسادة، وأصبح بإمكان الجميع رؤية أننا بحاجة إلى آلية جديدة لجعل الأونروا تقف على أرضية مالية أكثر ثباتا. إننا بحاجة إلى نقلة نوعية. وبالقدر الذي نحن ممتنون فيه – ونحن حقا ممتنون جدا – لمانحينا وللجهات المستضيفة لنا على الدعم المميز الذي نتلقاه منهم، إلا أن النظام الحالي لا يكفي للحصول على درجة التنبؤ المطلوبة للتمويل. إنه يؤدي إلى جلب المزيد من المخاطر على استقرار منطقة الشرق الأوسط وعلى النتائج المبهرة على صعيد التنمية البشرية للاجئي فلسطين والتي تم تحقيقها على مر العقود وبدعم منكم.

إن الأولويات الإنسانية والسياسية والأمنية للعديدين من أصحاب العلاقة بالأونروا لا تتم خدمتها بالأزمات المالية ولا بالعمليات السنوية لسد الفجوات.

إنه من المهم لي أن أؤكد على أن الأونروا قد دأبت على استثمار وقت كبير في سبيل استكشاف سبل مختلفة لتحقيق الاستقرار المالي. وبالتنسيق مع الأمين العام والشركاء المانحين، فقد تم بذل جهود توعية كبيرة مع مانحين جدد في العام والنصف الماضيين. كما أننا على اتصال رفيع المستوى مع البنك الدولي بخصوص شراكة قد تتيح لنا الوصول إلى تمويل صندوق ائتماني من أجل التعليم. وفي السنوات الأخيرة قمنا باستثمار مبالغ كبيرة للوصول إلى الموارد الخاصة والخيرية والمؤسسية. إن الأونروا لا تدخر أي جهد في سبيل البحث عن دعم واسع ومتنوع.

وفي هذا الخصوص، فقد تشجعت للغاية رؤية الالتزامات التي تقدمت بها الدول الأعضاء في إعلان نيويورك أيلول. وفي ضوء تأكيدها بأن الأونروا بحاجة إلى تمويل كاف لتتمكن من القيام بأنشطتها بشكل فعال وبطريقة يمكن التنبؤ بها، فإنني أقترح أن الوضع المالي الخانق للأونروا، والنقاشات العديدة بشأن سبل معالجتها، تمثل فرصة مناسبة للبدء بالعمل على إعلان بخصوص لاجئي فلسطين.

وفي ضوء الدور الخاص الذي لعبته الجمعية العامة في تأسيس الأونروا ومهام ولايتها، فإنني أعتقد أن عليها دور حاسم لتلعبه في إيجاد السبل لتحقيق الاستقرار للأونروا ماليا.

وستتاح لنا الفرصة في جلسة الغد، مثلما أشار سعادة السفير بيسلر، للنظر في هذا الموضوع عن كثب، إلا أنني أود هنا أن أشيد وبتقدير كبير بالعمل الذي تقوم به الدول المضيفة بقيادة دولة فلسطين والجمعية العامة للأمم المتحدة.

ففي أعقاب مشاركتهم مع الأونروا هذا الصيف بخصوص التمويل من أجل تحقيق الاستقرار للوكالة، قاموا بالدخول في نقاشات مبدئية مع الدول الأعضاء الأخرى في نيويورك بدافع النظر، في أعقاب المشاورات الواسعة التي تمت بتسهيل من الأمين العام، في الاستنتاجات والتوصيات التي تخص كافة السبل والوسائل الكفيلة بضمان تمويل كاف ويمكن التنبؤ به للأونروا، بما في ذلك من خلال التبرعات الطوعية والمقدرة. لقد تم تضمين هذا التوجه، كما ذكر سعادة السفير بيسلر، في مسودة قرار للجمعية العامة بخصوص الأونروا يحمل عنوان "عمليات الأونروا". كما أتيحت لي الفرصة في الأيام الماضية بمناقشة ذلك مع الأمين العام المنتخب السيد أنتونيو غوتيريز الذي أعرب عن دعمه القوي للأونروا ولعملها.

أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة،

المندوبون الموقرون،

أود أن أختم خطابي بكلمة عن جزء واحد من مجتمع لاجئي فلسطين أفكر فيه وأقلق بشأنه أكثر من أي جزء آخر – ألا وهو الشباب. إن حوالي نصف اللاجئين المسجلين لدى الأونروا هم دون سن الخامسة والعشرين من العمر. وكما ذكرت سابقا، فإن الآفاق السياسية والشخصية مغلقة في وجههم بشكل أساسي.

فما بعد تسع إلى عشر سنوات من التعليم الذي يتلقاه 500,000 صبي وفتاة في مدارسنا، فإن القليل جدا يمكنهم اليوم التفكير بفرص حقيقية في الحياة. إن هذا ببساطة غير مقبول وينبغي أن يكون مثار قلق بالغ لنا جميعا في بيئة توجد فيها تيارات من التطرف تجتاح المنطقة بحثا عن موطئ قدم لها في المجتمعات الهشة. إن علينا مسؤولية مشتركة بحماية لاجئي فلسطين من مثل هذه المخاطر.

إن مؤسسة واحدة رائعة في نظامنا التربوي والتي قمت وزملائي بالتفاعل معها بشكل أكثر حزما هي برلمانات الأونروا المدرسية. إن برلماناتنا المدرسية في أقاليم عملياتنا الخمسة تقوم بشكل ديمقراطي بانتخاب طلبة يافعين لديهم الكثير ليعلموننا إياه.

وفي حين أنهم ليسوا مواطنين معترف بهم في دولة تخصهم، إلا أن أحدا لا يمكنه أن ينتزع منهم حقيقة كونهم مواطنين في العالم. وستقومون بمقابلة خمسة منهم خلال هذا الاجتماع، وإنني متأكد من أنكم ستتذكرونهم وستتذكرون حضورهم وإحساسهم بالمسؤولية المدنية.

وخلال زيارته الأخيرة التي قام بها إلى غزة في حزيران من هذا العام، التقى الأمين العام بان كي مون مع عدد من البرلمانيين الطلاب، والذين يمثلون 260,000 طالب وطالبة في غزة ترأسهم طالبة واثقة جدا من نفسها  تدعى رزان وتبلغ من العمر خمس عشرة سنة.

لقد تحدث الأمين العام بطرق مؤثرة جدا عن فترة شبابه في كوريا في أعقاب الحرب. وقام بتشجيع البرلمانيين المدرسيين لدينا على الدراسة الجادة وعلى تعلم حقوق الإنسان. وفي تلك اللحظة، قام أحد الطلاب واسمه أحمد وقال (وانا اقتبس كلامه هنا): "السيد الأمين العام، إننا متحمسون بشأن حقوق الإنسان، ونحن ندرس حقوق الإنسان في مدارس الأونروا، إلا أن لدي سؤالا واحدا لك: لماذا لا تطبق تلك الحقوق علينا؟"

لا يمكن لأي سؤال أن يعبر عن درجة نضوج هؤلاء الطلبة ولا عن المحنة التي يواجهونها. إنهم يفهمون أيضا أكثر مما نفهم نحن في بعض الأحيان بأن التعليم الذي تقدمه الأونروا في مدارسها ليس عملا خيريا بل هو ممارسة لحق أساسي.

أشكركم سيداتي وسادتي.