قالت مصادر عسكريّة وأمنيّة في تل أبيب إنّ حركة حماس أطلقت قبل عدّة أيّام صاروخًا تجريبيًا بعيد المدى صوب البحر، كما ذكرت الإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة باللغة العبريّة، على أنّ الجناح العسكريّ للحركة، كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام، أطلقت خلال الأسابيع الماضية عشرات الصواريخ التجريبيّة في إطار استعدادها لمواجهةٍ قادمةٍ مع إسرائيل، على حدّ تعبيرها.
وهناك قضيتان مركزيتان تُشغلان المؤسسة الأمنيّة والعسكريّة بتل أبيب فيما يتعلّق بتطوير حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) لترسانتها العسكريّة: الأولى، تزّود الحركة بصواريخ مُتطورّةٍ ومُتقدّمةٍ قادرة على توجيه ضرباتٍ نوعيّةٍ للأهداف الإسرائيليّة، بما في ذلك، صواريخ ضدّ الطائرات، والثانية، الأنفاق التي تُواصل الحركة، بحسب المصادر في تل أبيب، حفرها، والتي باتت تُشكّل باعترافٍ إسرائيليٍّ، تهديدًا إستراتيجيًا على أمن اسرائيل.
في سياق متصل أكّد المُستشرق الإسرائيليّ المشهور، إيال زيسر، الذي يعمل باحثًا في معهد “ديّان للدراسات الإستراتيجيّة”، أكّد على أنّ حركة (حماس) تُحاول محاكاة ردع حزب الله لإسرائيل، مشيرًا إلى أنّه كعادتها تُريد (حماس) الاستفادة من كل شيء.
وزعم زيسر ان حماس من جهة تُريد المحافظة على وقف النار مع إسرائيل، الذي تعيد تحت حمايته بناء مكانتها السياسيّة وقوتها العسكريّة. ومن جهة ثانية، تريد تقديم نفسها كحركة مقاومة تلتزم الكفاح العسكريّ ضدّ إسرائيل.
وبحسب مزاعمه، فإنّ وقف إطلاق النار مهم بالنسبة إلى “حماس″ لأنّ مليوني مواطن من قطاع غزّة يعيشون تحت سيطرتها بحاجة إلى الهدوء الذي يوفره لهم، وهم ينتظرون من قيادة (حماس) احترام وقف النار والمحافظة عليه كي تتاح لهم حياة طبيعية ومواجهة الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الجميع في القطاع.
وتابع زيسر زاعما :" لكن حماس لا تتحرك دائمًا بما يتناسب مع مصالح سكان غزة. والقرار ليس بالضرورة بيد القيادة السياسيّة للحركة، ونضرب مثلاً على سلوك (حماس) مطالبة رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية في خطابه مؤخرًا بالمحافظة على وقف إطلاق النار، وفي الوقت عينه وضعه خطوطًا حمراء لإسرائيل تحدد المسموح للجيش الإسرائيليّ والممنوع عليه على طول الحدود مع القطاع.
وقال زيسر إلى أنّ تجربة الماضي تؤكّد على أنّ القرار المتعلّق بالمسائل العسكريّة، واستئناف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، هو بيد القيادة العسكرية في (حماس)، التي يرأسها محمد ضيف، ولديها منطقها ورأيها الخّاص، بحسب تعبيره.
علاوة على ذلك، أكّد على أنّ (حماس) تنظر إلى نفسها وكأنّها تسير وفق نصيحة أصدقائها الإيرانيين وعلى خطى حزب الله اللبنانيّ.
على سبيل المثال، أوضح زيسر،ان حماس حرصت على بناء منظومة صواريخ تغطي أجزاءً كبيرةً من أراضي إسرائيل بما في ذلك مركز الدولة العبريّة، كي تُحقق قدرةً رادعةً ضدّ إسرائيل تشبه القدرة الموجودة حاليًا لدى حزب الله.
وختم زيسر قائلا:" تُحاول (حماس) تحديد قواعد اللعبة في مواجهة إسرائيل بحسب النموذج اللبنانيّ، ومعنى ذلك أنّه ممنوع على إسرائيل تجاوز خط الحدود والتحرّك ما وراءه، حتى لو لاحظ الجيش الإسرائيليّ استعدادات لمقاتلي الحركة للقيام بعملياتٍ " إرهابيّةٍ" ، وحتى لو اكتشف أنفاقًا هجومية تحفرها (حماس) باتجاه الأراضي الإسرائيليّة، بحسب زعمه .
و كانت كتائب القسّام الجناح العسكريّ لحركة حماس كشفت عن امتلاكها صواريخ مضادّة للطائرات من نوع “سام 7″ في قطاع غزة، وذلك في عرضٍ عسكريٍّ السنة الفائتة، وأكّدت على أنّ عروضها العسكرية هي رسالة للاحتلال، وطالبت الجيوش العربيّة باستعراض قواتّها ضدّ “العدو المشترك”.
وكانت كتائب القسام ومسؤولون من حماس توعّدوا إسرائيل بمفاجآت في حال شنّت هجومًا جديدًا على غزة، وفي الحرب الأخيرة على غزة فاجأ مسلحو حماس والجهاد الإسلامي إسرائيل، بإطلاق صواريخ على مدن تل أبيب والقدس الغربيّة، للمرّة الأولى في تاريخ الصراع.
كما سبق وأنْ أعلنت إسرائيل امتلاكها معلومات تُفيد بوصول صواريخ مضادة للطائرات لنشطاء المقاومة، واتخذت وقتها إجراءات غيرّت بموجبها مسار بعض الطائرات.
وفي الحرب الأخيرة، صيف العام 2014، قالت كتائب القسام إنّ إحدى خلاياها المسلحة استهدفت طائرةً إسرائيليّةً بصاروخ.