احتفل المستوطنون وانتعش اليمين المتطرف في إسرائيل بفوز المرشّح الجمهوري الشعبوي ترامب، على قاعدة أنه سيحقق، ولو جزئياً، دعايته الانتخابية، فهو لا يرى في الاستيطان عقبةً أمام السلام، ويؤكد أن المستوطنات شرعية، ولا ينظر إلى حل الصراع العربي الإسرائيلي - وعلى رأسه القضية الفلسطينية - كأولوية، ويعتقد أنه يجب ألا تُمارس ضغوط من أجل إحلال هذا السلام. مع تأكيده، أيضاً، على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وأكثر من ذلك، فقد أكّد في مقابلات عدّة أن الالتزام بأمن إسرائيل أولوية مطلقة، مفتخراً بأن حفيده المقبل هو، أيضاً، يهودي، على اعتبار أن ابنته متزوّجة من أحد مساعديه اليهود، وقد تهوّدت عقب زواجها.
أمام هذا الوضوح في برنامج ترامب الانتخابي، يحق للمستوطنين واليمين المتطرف في إسرائيل أن ينتشوا، فهو ولأول مرّة يتحدث عن انتهاء 8 سنوات عجاف من حكم باراك أوباما الذي ضغط بقوة من أجل تجميد الاستيطان في القدس المحتلة والضفة الغربية. وما زالت زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن للقدس المحتلة في العام 2009 راسخةً في الأذهان، عندما أعلنت حكومة إسرائيل خطةً لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس، ما تسبّب بأزمة دبلوماسية في حينه، انتهت بإجبار حكومة إسرائيل في ظل الضغوط الأميركية الممارسة عليها، إما لتجميد أو وقف أو الحدّ من البناء الاستيطاني لاعتبارات سياسية، وإن لم تكن معلنة.
كانت هناك خطوط أكثر من حمراء بالنسبة للبناء الاستيطاني، وخاصة في منطقة «E1» الممتدة من حدود القدس الشرقية وحتى الأغوار. حيث كانت هذه الضغوط واضحةً ومؤثّرة جداً، الأمر الذي لجم حكومة نتنياهو وجعلها تؤجل البحث في هذا الموضوع أو إدراجه على طاولتها.
اليوم، يدور الحديث عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس المحتلة، بل وأكثر من ذلك، الشروع في إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، بما في ذلك منطقة «E1» أو التخطيط لإقامة مستوطنة جديدة جنوب بيت لحم، الأمر الذي من شأنه تقطيع أوصال الضفة الغربية، وتفتيتها إلى جزرٍ معزولة، ما يعني إلغاء إمكانية قيام دولة فلسطينية.
وأكثر من ذلك، يحلم قادة الاستيطان، أيضاً، بالشروع في إقامة حي استيطاني متكامل في منطقة قلنديا.
نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس أعلنها، أول من أمس، صريحةً بأن الحصار على الاستيطان قد رفع، ولا مجال للتراجع أو الخوف منذ الآن.
أما رئيس لجنة التخطيط في بلدية الاحتلال بالقدس مئير ترجمان، فأكد خلال مقابلة مع «القناة الثانية» في التلفزيون الإسرائيلي مخططات إقامة 2600 وحدة استيطانية في «جفعات همتوس» (جنوب القدس المحتلة) و3000 وحدة استيطانية في مستوطنة «جيلو»، شمال بيت لحم، و1500 وحدة في حي «رامات شلومو»... ما يعني استيطاناً مكثّفاً في القدس.
رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات، أيضاً، يقول: آن الأوان لتشديد القبضة على البناء العربي وهدم البناء غير المرخّص، وإقامة مستوطنات جديدة وبؤر استيطانية داخل الأحياء العربية (الفلسطينية).
أمّا عضو بلدية الاحتلال آرييه كينغ، فيقول: إنهم في الأشهر الأخيرة تواصلوا مع حملة ترامب وتحدثوا في قضايا عدة من بينها ضم مستوطنة «معاليه أدوميم» شرق القدس إلى السيادة الإسرائيلية. مؤكداً أن ترامب لن يعارض عملية الضمّ إذا ما وافق الكنيست الإسرائيلي عليها.
ولا ننسى في هذا الإطار التحذير الأميركي من هدم قرية سوسيا، جنوب الخليل. ولكن يبدو أن الأمور اليوم اختلفت.
في ظل غياب الضغط الأميركي وشلل قدرة الفعل الأوروبي، سنرى قريباً جرّافات الاحتلال تجرف أراضي لإقامة مستوطنات جديدة وتهدم بيوتاً ومضارب للفلسطينيين في مشهد يجسّد العنصرية الإسرائيلية.
إذن، هذا هو ترامب في دعايته الانتخابية، والتي إن تحقّقت فستكون كارثةً جديدة تحلّ على الشعب الفلسطيني... الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف المستور؟!
abnajjarquds@gmail.com