اتهمت المعارضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتنفيذ «انقلاب على حكم القانون والديموقراطية»، بعدما عزلت الحكومة نهائياً 10 آلاف موظف عام، وألغت آلية انتخاب عمداء الجامعات وأغلقت 15 وسيلة إعلام، غالبيتها كردية.
في الوقت ذاته، رأت المعارضة في طرح أردوغان مجدداً قضية إعادة عقوبة الإعدام، تكتيكاً لكسب مزيد من أصوات الناخبين، قبل طرحه مشروع تحويل النظام رئاسياً على استفتاء عام.
وكان الرئيس التركي أعلن أن الحكومة ستعرض مشروع عقوبة الإعدام قريباً على البرلمان، لمعاقبة المتورطين بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. وأعرب عن ثقته بأن البرلمان «سيوافق عليه»، علماً أن تمريره يتطلّب ثلثَي أصوات النواب، وهذه غالبية لا تتوافر لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وحزب «الحركة القومية» الداعم هذا المسعى.
ويجد حزبا «الشعب الجمهوري» اليساري و «الشعوب الديموقراطي» الكردي اللذان رفضا عقوبة الإعدام والنظام الرئاسي، نفسيهما في موقف حرج، إذ إن تصويتهما في البرلمان ضد مشروع إعادة الإعدام، سيتيح اتهامهما بـ «دعم الإرهابيين الانقلابيين» وحمايتهم من حبل المشنقة، وهذه دعاية كفيلة بإضعاف موقف المعارضة خلال الاستفتاء على النظام الرئاسي.
وإذا وافق الحزبان على التعديل الدستوري، يخسران جزءاً من رصيدهما في الشارع، كما يساعدان الحكومة في سياستها للنأي عن الاتحاد الأوروبي ومشاريعه وقوانينه، والدفع بتركيا أكثر نحو التحوّل دولة بمعايير «شرق أوسطية».
ويشكو «حزب الشعب الجمهوري» تجيير الحكومة وسائل الإعلام للتحريض على المعارضة، محمّلاً الإعلام الموالي للحزب الحاكم مسؤولية التحريض على النائب المعارض بولنت تيزجان الذي تعرّض لإطلاق نار خلال حضوره احتفالات عيد الجمهورية، وذلك بعد نشر صحف مقالات وصوراً تتهم تيزجان بدعم ساسة أكراد محسوبين على «حزب العمال الكردستاني».
وتتساءل المعارضة عن سبب طرح مشروع عقوبة الإعدام على البرلمان، في وقت تصدر الحكومة في شكل مستمر قوانين تحت سلطة حال الطوارئ، لا يمكن المحكمة الدستورية إلغاءها أو نقضها. وتمكن بقرار مشابه، إعادة حكم الإعدام موقتاً وحصره بالمحاولة الانقلابية.
وفي قرار آخر بمرسوم تحت سلطة الطوارئ، أعلنت الحكومة فصلاً نهائياً لـ10131 ألف موظف من المؤسسات الحكومية، استُجوبوا في الأسابيع الماضية وخدموا في وزارات التربية والعدل والصحة وفي القوات المسلحة.
وألغت الحكومة آلية انتخاب عمداء الجامعات، بما في ذلك الخاصة، إذ ستختار الهيئة العليا للتعليم العالي ثلاثة مرشحين، يعيّن أردوغان أحدهم. ونصّ القرار على فصل 1267 أستاذاً جامعياً، بينهم يساريون ومعارضون لا علاقة لهم بجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية.
وألغت السلطات أيضاً 15 وسيلة إعلام، غالبيتها مؤيدة للأكراد، ما يرفع عدد المؤسسات الإعلامية التي أُغلقت منذ فرض الطوارئ في تموز، إلى نحو 170. كما سُجن 105 صحافيين، وسُحب أكثر من 700 بطاقة صحافية، ويعاني ثلث الإعلاميين من بطالة.
واعتبر سيزغين تانريكولو، وهو نائب عن «حزب الشعب الجمهوري»، أن «ما تفعله الحكومة وأردوغان هو انقلاب مباشر على حكم القانون والديموقراطية». أما لالي كارابييك، نائب رئيس الحزب، فاتهمت السلطات بـ «استغلال حال الطوارئ» وترسيخ «حكم الرجل الواحد»، متحدثة عن انقلاب على نظام التعليم العالي.
وسخر رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين دميرطاش من التدابير الحكومية، معتبراً أن «كل شبكات التلفزة ستقوم قريباً ببثّ مباشر، إذا سعل أردوغان». وسأل: «لماذا تعزل السلطات جميع هؤلاء؟ لأنهم ليسوا موالين لأردوغان».
وكانت محكمة تركية حظّرت على فيغن يوكسكداغ، الرئيسة المشاركة لـ «حزب الشعوب الديموقراطي»، الخروج من الأراضي التركية، إذ تواجه السجن لـ15 سنة، لاتهامها بـ «دعاية إرهابية والانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح»، في إشارة إلى «الكردستاني».