بغدادسما في خطوة قد تعزز التوتر في العلاقات الأمريكية التركية الناجم عن قضية فتح الله غولن والتعامل مع أكراد سوريا، أعربت واشنطن عن دعمها لموقف بغداد من وجود تركيا العسكري في شمال العراق.
وفي ظل تصعيد الخلاف بين بغداد وأنقرة، بسبب رفض الأخيرة سحب وحداتها من قاعدة بعشيقة العراقية الواقعة شمالي مدينة الموصل، أكدت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث باسمها، جون كيربي، في بيان، الثلاثاء 11 أكتوبر/تشرين الأول، أن جميع القوات الأجنبية في العراق "يجب أن تكون هناك بعد موافقة حكومة البلاد وبشرط التنسيق معها وتحت مظلة التحالف (الدولي ضد الإرهاب)".
وأشار كيربي إلى أن "الدول المجاورة للعراق عليها أن تحترم سيادته ووحدة أراضيها"، مضيفا أن الولايات المتحدة أعربت عن دعمها لهذا الموقف مرارا.
وشدد كيربي على أن "القوات التركية المنتشرة في العراق لا تدخل ضمن التحالف الدولي"، معتبرا أن "الوضع في قاعدة بعشيقة يجب أن يكون قيد دراسة حكومتي العراق وتركيا".
وقال كيربي إن من الضروري حل هذه القضية في أقرب وقت ممكن، داعيا كلا من أنقرة وبغداد إلى التركيز على محاربة العدو المشترك الذي يمثله تنظيم "داعش".
وفي إشارة إلى اقتراب عملية تحرير مدينة الموصل، أكبر معقل لـ"داعش" في العراق، أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أنّ "على كل الأطراف التنسيق عن كثب، خلال الأيام والأسابيع القادمة، لضمان وحدة الجهود الرامية لهزيمة داعش وتحقيق الأمن الدائم للشعب العراقي".
تحديد واشنطن لموقفها من الموضوع، جاء في وقت يهدد فيه الخلاف التركي العراقي بالتحول إلى أزمة حقيقية كبيرة، لا سيما بعد إدلاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحات مستفزة ومسيئة إلى رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قال فيها: "أنت لست ندي، ولست بمستواي، وصراخك في العراق ليس مهما بالنسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدك أولا".
ووصف مكتب العبادي تصريحات أردوغان بغير المسؤولة، معتبرا أن الخطاب مع الجانب التركي "لم يعد مجديا".
ويرجع هذا الخلاف إلى 4 ديسمبر/كانون الأول من العام 2015، حيث قامت تركيا آنذاك بنشر مجموعة من عسكرييها في قاعدة بعشيقة، معلنة أن هذه الخطوة جاءت في إطار الجهود الدولية الرامية للقضاء على تنظيم "داعش" وتلبية لطلب سلطات إقليم كردستان العراق.
وتقول أنقرة إن العسكريين الأتراك متواجدون في بعشيقة، من أجل تدريب القوات العراقية المحلية، بما في ذلك وحدات كردية بالدرجة الأولى، لتنفيذ عملية تحرير الموصل.
وفي البداية، كان يدخل ضمن المجموعة المنشورة في بعشيقة، رسميا، 150 عسكريا تركياً، لكن أنقرة قامت لاحقا بتعزيز عدد قواتها، وتقول بعض وسائل الإعلام أن عدد العسكريين الأتراك هناك يبلغ حاليا 2000 عسكري.
ووجهت وزارة الخارجية العراقية، في 6 أكتوبر/تشرين الأول، طلبا رسميا لمجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة لمناقشة "التجاوز" التركي على الأراضي العراقية والتدخل في شؤون العراق الداخلية.
وأوضحت الوزارة أنها دعت مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته تجاه العراق، واتخاذ قرار، من شأنه وضع حد لـ"خرق" القوات التركية للسيادة العراقية.
وجاء هذا التطور على خلفية تجديد البرلمان التركي تفويضه للحكومة، بإرسال قوات مسلحة إلى خارج البلاد، للقيام بعمليات عسكرية في سوريا والعراق عند الضرورة، من أجل التصدي لأية هجمات محتملة قد تتعرض لها الدولة من أي تنظيمات إرهابية. وهو ما انتقده البرلمان العراقي، وطالب حكومة بلاده برفض هذا الأمر.
وفي إطار الرد على هذه الخطوة، شددت أنقرة، على لسان نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، على أن الوجود التركي في العراق جاء تلبية لرغبة إقليم كردستان، مؤكدة إن هذا الأمر غير قابل للنقاش.