القدس المحتلة / وكالات / أجرى يوآف ليمور المعلق العسكري لصحيفة اسرائيل اليوم العبرية مع رئيس قسم العمليات في الجيش الاسرائيلي، الجنرال نتسان ألون تحدث عن الاخطار والتهديدات التي تواجه دولة اسرائيل ويشدد على التحالف مع المحور السني ويؤكد ان ايران لا تشكل تهديد لتل ابيب وبخصوص الملف السوري قال "نريد حدود مستقرة مع سورية بدون دولة اسلامية"
رئيس قسم العمليات في الجيش الاسرائيلي، الجنرال نتسان ألون، يبدأ اقواله بالنكتة المعروفة عن أن وضعنا بكلمة واحدة هو “جيد”. ولكن بكلمتين “غير جيد”. ويسارع الى القول بأن الوضع معقد: من الناحية الاستراتيجية وضعنا جيد، خصوصا على خلفية ما حدث في السنوات الاخيرة في الشرق الاوسط. ولكن الخطر قائم – خصوصا على الساحة الفلسطينية وفي الشمال ايضا. “هناك تغيرات ايجابية. ولكن محظور علينا الاستنتاج من ذلك أننا نستطيع الجلوس مكتوفي الايدي”.
ما هو "السيناريو الكابوس" الذي يقض مضجعك؟
“سيناريوهات الاحداث التي تبدو تكتيكية، شيء بين عملية كبيرة وبين هجوم صغير مفاجيء، لا سيما من الساحة الفلسطينية، وخصوصا من غزة. هذه سيناريوهات محتملة مع امكانية كبيرة في حدوثها. نحن نفعل ما نستطيع للاستعداد لها. وعلى المستوى الاستراتيجي نسعى لمنعها، لكنني لن اكون متفاجئا اذا استيقظت في الليل على حدث مثل هذا”.
أنت تتحدث عن حدث تكتيكي رغم أن تأثيره الفوري استراتيجي.
“هذا حدث تكتيكي قد يكون السبب لحدث أكبر، وقد يؤدي الى معركة أوسع في غزة”.
المخطوفون، الذين نعرف ثمنهم.
“بالتأكيد. بالمفهوم العالمي، سقوط جندي في الأسر ليس حدثا استراتيجيا. ولكن في واقعنا يوجد لذلك تأثير استراتيجي. هذا قد يحدث ويجب علينا الاستعداد له – قبل كل شيء بالاستخبارات، بالدفاع، بالقدرة السريعة على العمل، بالقدرة الهجومية الصحيحة – وبالتوازي انشاء الظروف الاستراتيجية التي تقلل من امكانية حدوث ذلك”.
هل نستطيع ردع سيناريو كهذا في غزة؟
“غزة ترتدع عن الدخول في مواجهة مع اسرائيل. ولكن ذلك لا يعطينا الأمن المطلق. هناك جهات اخرى يمكنها القيام بعمل ما، ويجب أن نأخذ في الحسبان حدوث التصعيد”.
هل يمكن أن تكون لذلك تأثيرات استراتيجية مثل معركة شاملة واسقاط حماس؟
“أولا، يجب الايضاح لأنفسنا ما هو المقصود باسقاط حماس. بالمفهوم العسكري يجب أن ننتصر في الحرب العسكرية التي نواجهها”.
وكيف تحسم في غزة – هل ستبحث عن كل بندقة وكل صاروخ؟
“من اجل الانتصار في غزة لا يجب تدمير قوة العدو العسكرية بالكامل، بل منعه من العمل بشكل ناجع. ايضا في حرب الايام الستة قمنا بتدمير نسبة قليلة من قدرات الجيش المصري، لكننا منعناه من القدرة على العمل، وبذلك حسمنا المعركة عسكريا”.
ما هو الحسم في غزة؟
“بدون تفصيل، توجد لحماس طريقة حول كيفية محاربتها لاسرائيل، مع مركبات هجومية ودفاعية. يجب علينا معرفة العمل بنجاعة في وجه هذه الامكانيات. ولكن ذلك أمر يخص خططنا العملياتية والتنفيذية”.
وفي الشمال؟
“هذا بالتأكيد تحدٍ أكبر بسبب قدرات حزب الله العسكرية. ولكن محظور علينا التشوش. الجيش الاسرائيلي أقوى بكثير من حزب الله، وقدرتنا على حسم المعركة العسكرية قائمة بالتأكيد”.
هذه المفاهيم – حسم وانتصار – هل هي ذات صلة بالعام 2016؟
“على المستوى العسكري التكتيكي هي ذات صلة بيقين. وعلى المستوى العملي ايضا. هذا تحدٍ معقد لحسم معركة كهذه تعمل بشكل غير نظامي، نصف عسكري، متداخل مع السكان المدنيين. ولكن لذلك يجب علينا السعي وأنا أعتقد أننا نستطيع ذلك”.
تعال نعود الى غزة. كيف حدث أن تحول تهديد تكتيكي مثل الانفاق الى شيء تهتم به دولة كاملة؟
“الاستراتيجية ليست بالأدوات والطرق، بل هي ايضا بالانجاز المتوقع منا. المجتمع الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية يتوقعان من الجيش الاسرائيلي الآن نجاح أكبر بكثير من الماضي. لذلك فان هجوم تكتيكي ناجح للعدو قد يبدو أكثر أهمية”.
سوريا – تراجيديا انسانية
ألون الذي يبلغ 52 سنة من عمره، هو رئيس قسم العمليات منذ سنة ونصف ويعتبر أحد الجنرالات المقربين من رئيس الاركان آيزنكوت. في السابق كان مسؤولا عن وحدة في هيئة الاركان، وعن كتيبة تشغيل في الاستخبارات العسكرية. ومعرفته بالساحة الفلسطينية عميقة وعقلانية. وقد لعب مع قادة الجيش والشباك في السنة الماضية دور مركزي في عملية تهدئة الارهاب.
“الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لن ينتهي قريبا، كما يبدو. لقد حدث هنا تصعيد وتم كبحه بفضل العمليات الميدانية. التحسن السريع في العمل والنتائج أوضح للطرف الآخر أنه لا فائدة من موجة الارهاب الحالية، وأدى الى تراجع كبير في مستواها. ولكن لأن الطاقة الكامنة لم تختف، فنحن نشهد وسنشهد تصعيدا آخر كهذا، ونحن على استعداد لانواع كثيرة من التصعيد”.
هل هناك خشية من خروج الامور عن السيطرة؟
“هناك امكانية لتغيير حقيقي في الساحة الفلسطينية. نحن نوجد في نهاية عقد بدأ مع انتهاء الانتفاضة الثانية، عقد من الهدوء النسبي والتنسيق الامني المحسن. ويجب علينا الاستعداد لنهاية العقد، الذي سيكون أقل استقرارا من العقد الماضي”.
هل يعني ذلك أن تقديركم هو أن هذا الذي ينتظرنا على المدى المنظور – ارهاب بمستويات متغيرة؟
“يصعب معرفة التعبير التكتيكي في الميدان، سواء عن طريق موجة الطعن من قبل الشباب أو زيادة الجهد من اجل العمليات، يجب أن نتذكر أن هذا يحدث على خلفية معركة فلسطينية داخلية غير مستقرة. دورنا هو كبح كل اندلاع كهذا واعطاءه الحل الاستخباري والتنفيذي، وأن نكون دائما سابقين للاحداث بخطوة واحدة، والرد عندما تبدأ. ولكن يجب علينا التأكد من أن ذلك لا يؤثر على المجالات الاستراتيجية الأوسع″.
مثل؟
“مثل الوضع في الاردن وعلاقاتنا مع الدول السنية البراغماتية الاخرى”.
التي تحدثت عنها في البداية عندما قلت إن وضعنا الاستراتيجي جيد؟
“نعم. ولكن قبل اعطاء العلامات لأنفسنا يجب أولا النظر من حولنا ومعرفة أن التوتر السني الشيعي يخلق واقع مختلف. واذا اعتدنا في ذهننا التفكير على أن اسرائيل هي دولة صغيرة محاطة بالاعداء وأنهم ضدنا، فان الواقع الآن مختلف. وفي ظل هذا الواقع الذي يعتبر فيه العالم السني أن ايران هي التهديد الاساسي، وتضاف الى ذلك تهديدات مثل داعش والجهاد العالمي – فقد وجد مجال مشترك من المصالح بين اسرائيل وبين بعض الدول السنية”.
اعتدنا على الاعتقاد بأن الربيع العربي هو شتاء اسلامي، وأنت تقول إنه بالنسبة لاسرائيل هو ربيع.
“لا يمكن القول إنه في سوريا وفي حلب مثلا، يوجد ربيع. وكبشر، فان ما يحدث هناك يعتبر مشكلة لنا جميعا. ولكن هذه التغيرات التكتيكية والتي هي تاريخية انشأت ايضا ظروف استراتيجية في صالح دولة اسرائيل”.
هل هي أفضل؟
“هي أفضل، لكن ذلك منوط بما سنقوم به. لكنني أقول مرة اخرى، يجب علينا معرفة كيفية استغلال الفرص بشكل مسؤول وواقعي، وأن نتذكر أن ذلك لا يحل جزء كبير من مشكلاتنا، خصوصا الصراع الاسرائيلي الفلسطيني”.
حينما تكون جالس في مكتبك وترى ذلك الطفل في حلب وهو مغطى بالغبار بعد القصف، ما الذي يخطر ببالك؟
“يجب علينا اعتبار ما يحدث هناك تراجيديا انسانية، ويجب عدم تشجيع ذلك. أعتقد أنه يجب على دولة اسرائيل، على خلفية تاريخنا، أن لا تأمل استمرار هذا الوضع هناك الى الأبد كونه يخدم مصلحة أمنية لنا”.
هل تعمل الآن في ظل واقع استراتيجي مختلف. فروسيا توجد في المنطقة وقد قامت بوضع بطارية صواريخ اس300، الامر الذي قد يشكل تهديدا لنا. هل لذلك تأثير علينا؟
“أولا يجب علينا الفهم أن هناك تغيير حقيقي يحمل في ثناياه تهديد، لكنه يحمل ايضا الفرص، وهو ليس سلبيا فقط من ناحيتنا. صواريخ اس 300 هي أمر يجب أن نتعاطى معه. ورغم أن الصواريخ غير موجهة الينا فمن المفروض أن نتعمق ونفهم أكثر هذا الأمر”.
لقد كنت في الاسبوع الماضي في الولايات المتحدة، الى أي حد قلقون هناك من العلاقة التي تطورت بيننا وبين روسيا؟
“أعتقد أن الامريكيين لا يخافون من ناحيتنا. فهم الحلفاء المركزيين لنا، وتوجد بيننا تفاهمات نحافظ من خلالها على مصالحنا الاستراتيجية. ولكن هذا التواجد للقوة العظمى في المنطقة يتطلب منا النقاش المتواصل والتنسيق، لا سيما في لحظة العمل”.
هل يمكننا معرفة اتجاه الحرب الاهلية السورية؟
“يجب علينا التمييز بين الامور التي نؤثر فيها وبين التي لا يمكننا التأثير فيها. عشرات الدول ذات صلة بهذا الامر. ونظرا لأن سياستنا هي عدم التدخل، فيجب علينا أن نكون متواضعين جدا في متابعة هذه المعركة. ويمكن القول إن هناك اتجاه واضح لضعف وتراجع داعش وفكرة الخلافة الاسلامية. ومن الصعب رؤية داعش يصمد طويلا أمام القوى العظمى”.
لكن الفكرة ستبقى.
“الحديث يدور عن فكرة معقدة ستبقى في أنماط مختلفة، ليس بالضرورة عن طريق الخلافة الاسلامية السيادية. وكلما تعرض داعش للضرب، كلما زادت محاولاته الارهابية”.
ما هي النهاية الافضل بالنسبة لنا للحرب السورية؟
“نحن نريد حدود مستقرة بدون دولة اسلامية، نريد أن يكون عنوان في الطرف الثاني، لكن ليس مقرب من حزب الله وايران. نحن لا نريد زيادة التأثير الايراني”.
هل تعتبر ايران تهديد استراتيجي لنا؟
“طالما أنها تعمل بهذا الشكل، في ظل الايديولوجيا وتوفر الامكانيات، فهي بالتأكيد تهديد على دولة اسرائيل. ولكن من الناحية الاستراتيجية، اعتقد أنها لا تشكل تهديدا وجوديا لنا”.
هل نحن نبالغ إذا في الحديث عن المخاطر؟
“أنا أجلس منذ سنوات طويلة في هيئة الاركان، وتوجد لنا مهمات وتحديات. وأنا اعتقد أنه اذا كانت هناك رسالة يجب ايصالها فهي أن الجيش الاسرائيلي هو جيش قوي ولديه القدرات المطلوبة. ولكن لا يجب أن نتوقع منه النجاح المطلق على المستوى التكتيكي أو عدم وجود فشل في هذه النقطة أو تلك. ومن جهة اخرى، في الحاصل العام، لدينا الادوات من اجل تحقيق اهدافنا – الدفاع عن دولة اسرائيل وسكانها”.