القدس المحتلة - ما يزال صدى عملية القدس التي نفذها الشهيد مصباح أبو صبيح (39 عاما) من حي سلوان أمس، يتردد في أوساط السياسيين والعسكريين والإعلاميين الإسرائيليين الذين وصفه بعضهم بأنه "استثنائي".
وبينما قالت بعض وسائل الإعلام العبرية بأن هذه العملية ستمثل مرحلةً جديدة في عهد الهجمات التي ينفذها فلسطينيون، سلطت أخرى الضوء على الفشل الأمني الإسرائيلي في مواجهتها، وخاصةً أن منفذها كان "استثنائيا"، وذلك لمعرفة أجهزة الأمن الإسرائيلية به.
وقال محلل الشؤون العربية في القناة الثانية إيهود إيعاري بأن منفذ العملية كان معروفا لجهاز الأمن العام "الشاباك" ورغم ذلك نفذ عمليته. مشيرا إلى أنه اعتقل 3 مرات مسبقا، وحُظر من الدخول إلى مدينة القدس والمسجد الأقصى وبقي الحظر مفروضًا عليه حتى تنفيذه للعملية.
واعتبر إيعاري أن الشاباك أخطأ في تشخيص أبو صبيح، لاعتقاد المؤسسات الأمنية أن منفذي الهجمات هم فقط أشخاص يعانون ظروفا حياتية ويريدون إنهاء حياتهم، لكن المنفذ (أبو صبيح) كان مثل كثير من أسلافه يمتلك الحماس والحضور في حياته ومحيط بيئته الاجتماعية الجيدة.
وأشار إلى أن الشاباك لم يكن يتوقع أن ينتقل المنفذ من مرحلة التحريض على "فيسبوك" وهي التهمة التي اعتقل بشأنها سابقا إلى التنفيذ على الأرض، لافتا إلى أنه نجح في التمويه بمنح وسائل إعلام فلسطينية قبل ليلة من العملية بأنه ذاهب لتسليم نفسه للشرطة لاستكمال حكم قضائي بحقه.
وأضاف "أنه شخص مغاير من بين العشرات والمئات من منفذي العمليات السابقين، فهو معروف جدا ومحرض بقوة ضد الإسرائيليين، عمليا هو لم يخرج لأنه منفعل، بل استطاع أن يتحكم بنفسه ونفذ عمليته بنضوج كبير".
وأشارت القناة العاشرة إلى أن الشاباك يحقق في كيفية وصول بندقية M16 للمنفذ، وفيما إذا كان هناك مساعدون له، وهو الأمر الذي أصبح مرجحا بشكل كبير، مشيرةً إلى أن الترجيحات تشير إلى أن البندقية مصنعة محليا في الضفة.
واعتبرت القناة أن ما جرى "فشلاً أمنيًا كبيرًا"، خاصةً أن المنفذ متابع بشكل كبير من قبل الشاباك ما يشير إلى أنه نجح في تضليل أجهزة الأمن ونجح في فعلته.
ويأتي هذا الجدل الإعلامي الإسرائيلي في وقت أنهى فيه المجلس الوزاري المصغر "الكابنيت"، الليلة الماضية اجتماعا استمر ما يزيد عن 5 ساعات دون الخروج بنتائج معلنة، لكن الأرجح أن تلك القرارات التي اتخذت خلال الاجتماع تتعلق بإجراءات إسرائيلية ميدانية تستهدف الأحياء الفلسطينية في القدس ومناطق الضفة الغربية، وزيادة الاعتقالات في صفوف المواطنين.
ويرى الإعلامي الإسرائيلي آفي سخاروف أن العملية ستكون بداية مرحلة جديدة، قائلا "لن نرى بعد اليوم مراهقا يحمل سكينا ويهاجم الجنود والمدنيين، الهجوم في القدس سيعيد البنادق للفلسطينيين". مشيرا إلى أن هناك محاولات حثيثة من حماس وفصائل أخرى لتصعيد الهجمات المسلحة وأن العملية التي وقعت قد تفتح الطريق تجاه ذلك بعد فشل تلك المحاولات سابقا.
وأشار سخاروف إلى حماس وفي أعقاب إعلانها أن منفذ العملية من نشطائها، تتجنب مواجهة في غزة، وتسعى لإشعال الضفة والقدس فليس لديها ما تخسره في تلك المناطق.
من جهته قال المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل أن العملية التي وقعت ستدفع شبانًا فلسطينيين لتنفيذ محاولات مماثلة في الفترة المقبلة، وقال "بأن الإجراءات الإسرائيلية بالقدس وضعف السلطة الفلسطينية، قد يؤديان إلى اندلاع انتفاضة سيكون من الصعب كبح جماحها".
واعتبر أن وقوع قتلى في العمليات سيدفع الفلسطينيين لتنفيذ مزيد من الهجمات المسلحة.