القدس المحتلة / غرشون هكوهين / التاريخ لا يُعيد نفسه، وما حدث ليس بالضرورة سيحدث ثانية، بالربط بين ما حدث في غزة بعد الخروج منها واقتلاع المستوطنات من هناك في صيف 2005 وبين ما يمكن أن يحدث في حال تم تطبيق خطوة كهذه في الضفة الغربية يتطلب الأمر تعلمًا عمليًا ونقديًا.
سيطرة حماس على الحكم
انسحاب إسرائيل عمل على تعزيز نهج حماس بأن الحرية الفلسطينية تتحقق عبر المقاومة وليس بالطريقة السياسية كنهج أبو مازن. تشكيل كيان ذي سيادة حمساوية في قطاع غزة له تداعيات كبيرة تتطلب إعادة النظر من جديد في طريق أوسلو. فرضية تلاشت - تحت تأثير الانفصال - هي فرضية أن التنازلات المتبادلة بين الشعبين خلقت شروطًا للاعتراف المتبادل والقبول بنهاية الصراع. نهج حماس أصبح هو السائد، والذي بناءً عليه انسحبت إسرائيل في ظل شدة ناجمة عن نشاطات المقاومة المتواصلة.
الانفصال كمنطق مكاني
منذ سنوات وآمال الإسرائيليين موجهة نحو تنظيم فصل مكاني، مثلما وصف ايهود باراك عندما كان رئيسًا للحكومة بقوله "هم هناك ونحن هنا". عند الخروج من غزة، تم تصميم المساحات بمنطق معين، بنظام حد إجمالي، تم تنظيم الانفصال بواسطة سياج ونظام حدودي عسكري واضح؛ وبذلك تم تحقيق وضع انفصال يبدو كمثالي، لكن تطور حماس (أنماط التسلح وطبيعة نشاطاتها) وضعتنا أمام تحدٍ منظومي معقد، بوجود الصواريخ وقذائف الهاون السياج لا يُعتبر عائقًا، وكذلك بشأن تهديد الأنفاق.
الجدار الآن عامل مساعد في روتين الهدوء المستمر، لكن بشكل موازٍ يساهم أيضًا في مساعدة الخصم الذي يقوى من وراء السياج. برعاية السياج والهدوء المكاني المفصول نجحت حماس ببناء قوة عسكرية منظمة، قائمة على أساس كتائب وألوية، غنية بأنظمة إطلاق صواريخ مخفية ومحمية، ومدعومة من قبل نظام قيادة وحكم على نحو فعال. كل ذلك لم يكن ممكنًا بناؤه وإقامته لولا الهدوء المكاني المنفصل بتفريق تام بين "هنا وهناك". يكمن هنا أساس الفرق بين أنماط التسلح لحماس في غزة المنفصل من وراء السياج وبين الصعوبات التي توجهها حماس في الضفة الغربية من أجل التسلح، بما في ذلك منطقة الخليل، التي تعرف بأنها صاحبة سلطة.
شروط نزع السلاح
قرار رئيس الحكومة أريئيل شارون لتطبيق الانسحاب من قطاع غزة بشكل كامل - بما في ذلك تنازل عن سيادتنا في خط فيلادلفيا على حدود قطاع غزة مع مصر - خلق شروط لتزويد حماس بسلاح متطور بكميات كبيرة. خطوة مماثلة في الضفة الغربية يمكن أن تفتح أمام "غوش دان" ومطار بن غوريون مجال تهديدات محتملة لم تكن في الحسبان.
هذه ليست سوى بعض الاعتبارات التي يجب دراستها بعمق وبشكل مسؤول، قبيل أي خطوة مماثلة في الضفة الغربية. في كل ما حدث في قطاع غزة منذ صيف 2005، برغم كل الصعاب التي وضعت امامنا في ظل وجود التحديات، هناك نعمة، من ناحية "تجربة" مسبقة لو أننا فقط نتعلم مما كان، بلا تحديد للمفاهيم، فإننا ننقذ دولة اسرائيل من الخطر الدفين وراء تطبيق "حل الدولتين"أعلى النموذج.