ترجمة واعداد أطلس للدراسات
منذ بداية تأسيس تنظيم حزب الله والسمة المركزية في تطور رؤيته الأساسية هي المعضلة المتعلقة بهوية التنظيم وأهدافه ومواصلة دربه؛ هذه المعضلة برزت بعد انتهاء حرب لبنان الأهلية أواخر الثمانينات وبعد ان خرجت إسرائيل من المنطقة الأمنية في أعقاب حرب لبنان الثانية، وفي أعقاب الصراعات الدموية في لبنان واتفاق الدوحة في العام 2008، وفي ظل قتاله إلى جانب نظام الأسد. في مركز معضلته هذه يقف الاختيار بين توجهين متناقضين اعتبرا الميزة الأساسية في تطور التنظيم، من جهة التزامه لإيران والأسس الأيديولوجية والدينية والطائفية التي على قاعدتها بدأ التنظيم طريقه، والتي على ضوئها اختار المقاومة العنيدة ضد إسرائيل، ومن الجهة الأخرى الرغبة المتزايدة في العقد الأخير بالدخول إلى العمق وتوجيه الموارد لصالح إمساك التنظيم بزمام أمور الدولة عن طريق السياسة والاقتصاد والرغبة في الحصول على الشرعية الواسعة في الدولة الممزقة ومع تعزيز القوة العسكرية السريع. التوجه الأول مرفق بالتطرف ويسمح بالتدهور نحو حرب أهلية في لبنان، بينما التوجه الثاني يستلزم الاعتدال من خلال القبول بقواعد اللعب السائدة في الدولة، حسم التنظيم لهذه المعضلة هو ما يصمم رؤية التنظيم الأساسية في مختلف القطاعات، وهو الكفيل بتغيير استراتيجية التنظيم في المستقبل، وربما كان هذا الحسم هو ما ستكون عليه جولة القتال القادمة مع إسرائيل ومتى ستقع.
تتبع أثر تطور حزب الله يشير إلى التطور في الهوية وفق الترتيب التالي: بداية برزت الهوية غير الحكومية، ومعها الهوية فوق الحكومية التي تعكس رؤى أيديولوجية ودينية أوسع من مستوى الدولة ونشاطات خارج المنطقة المحددة، وفيما بعد برزت هوية ما دون الدولة، التي تعكس أعمالًا قطاعية مقلصة أكثر من مستوى الدولة، اليوم تبرز نشاطات حزب الله وفق خصائص حكومية، من خلال هذه الديناميكا ينعكس مجهود التنظيم في استيعاب السياسة اللبنانية من خلال إجراء الحوار والاستعداد لإيجاد الحلول مع مختلف القوى في لبنان، وفي الواقع فمبادئه الناقدة التي على أساسها قام التنظيم مرت بتحول ومواءمة بما يتوافق وتغير الرؤية الأساسية للتنظيم، بالإضافة إلى ذلك يمكن ملاحظة ان نشاطات التنظيم تميزت بالاستجابة المتنامية لتهديد حصانته الفيزيائية "المادية" وعلى مواصلة تعزيز قوة التنظيم داخل لبنان.