القدس المحتلة / سما / رصد المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكيس فيشمان، مظاهر السباق لجولة القتال القادمة بين قوى المقاومة التي تقودها حماس وإسرائيل، وفي السياق عينه يسعى الكاتب، القريب من دوائر الاستخبارات الإسرائيليّة إلى تشويه صورة المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، وتأليب النظام المصري ضدها بادعاء صلتها وتحالفها مع “داعش” سيناء.
وبحسبه، بعد مرور سنتين على عملية “الجرف الصامد”، تدخل إسرائيل وحماس إلى الجولة الأخيرة الحاسمة من الركض إلى مسافات طويلة – سباق الأنفاق. مُشيرًا إلى أنّه على مدى سنوات طويلة كانت إسرائيل المتأخرة، أمّا حماس فقد حفرت إلى الأمام، والآن يركض الخصمان كتفًا إلى كتف وهما ينظران إلى الجانب لرؤية من يصل إلى خط النهاية أولًا.
فهل ستنجح إسرائيل في إنتاج العقبة المرجوة قبل أنْ تكون حماس مستعدة مع سلاح يوم القيامة الخاص بها، عشرات الأنفاق مع ثغرات داخل الأراضي الإسرائيلية. الزمن، برأيه، هو عامل حاسم، المجتمعين الإسرائيلي والفلسطينيّ يستثمران في هذا السباق مليارات الشواقل، هذه هي الحرب الباردة الحقيقية التي تختفي وراء الهدوء المزيف في حدود القطاع، إلا أنّه خلافًا لتلك الحرب الباردة، إسرائيل لا يمكنها الاكتفاء بتوازن الرعب، يجب عليها الوصول إلى الحل الأفضل الذي يقضي على التهديد، قال فيشمان.
ونقل عن مصادره قولها إنّ مبلغ يفوق 500 مليون دولار سنويًا، يذهب لحفر الأنفاق، أغلبية مواد البناء التي تستخدمها الذراع العسكرية لحماس لتقوية الأنفاق تصل من مصر عن طريق 10 – 15 نفقًا ما زالت توجد في محور فيلادلفيا أوْ عن طريق معبر رفح مرة كل بضعة أشهر وبموافقة مصرية، ولكن ما يدخل إلى القطاع من إسرائيل أيضًا عن طريق معبر كرم أبو سالم لا يتم استخدامه بالضرورة في بناء المدارس. مُوضحًا أنّ الصراع الشديد الذي تخوضه إسرائيل ضدّ تهريب المواد ووسائل الحفر مثل الكوابل الكهربائية يثمر كثيرًا، لكن معبر كرم أبو سالم غير مغلق بالكامل.
في السنة الأخيرة، أضاف المُحلل، اكتشفت إسرائيل البعد الحميمي للحفر، بين 50 – 60 شخصًا من سكان غزة ممن كانت لهم صلة بالحفر تم اعتقالهم في إسرائيل بظروف مختلفة، ليس هناك المزيد من متابعة ما يحدث على الجانب الآخر من الحدود، بل سياسة أكثر فعالية لإفشال مشروع الأنفاق، وقد تمّ وضع هذه السياسة منذ عهد موشيه يعلون كوزير للأمن، ووزير الدفاع الحالي أفيغدور ليبرمان لم يتبنّ هذه السياسة فقط، بل دفعها قدمًا.
عدد كبير من الحفارين والمطلعين على الأسرار لم يسبق لهم أن وقعوا في أيدي إسرائيل، وهم الآن يتحدثون – كل واحد حسب رأيه – عن أين حفروا ومتى حفروا ومن المسؤول عنهم وكم ربحوا وما هي ظروف العمل في داخل الأنفاق؛ وهكذا تتشكل الصورة التي تُبين أن حفر الأنفاق هو مشروع وطني في غزة، قالت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة.
وتابع: زعماء الكتائب في حماس يعرفون الآن أنّ التمويه والخداع في موضوع الأنفاق باتا واضحيْن، رجالهم قالوا كل شيء، ليس فقط عمّا يفعلونه الآن؛ بل أيضًا ما فعلوه قبل سنة، حماس من جهتها تبذل جهدًا كبيرًا من أجل معرفة أين تقف إسرائيل في موضوع حرب الأنفاق، والنقاشات التي جرت في حماس قبل بضعة أشهر – بعد اكتشاف إسرائيل لنفقين بواسطة الوسائل التكنولوجية المتطورة – لم تؤدّ إلى الاستنتاج بأنّه يوجد حل لدى إسرائيل وأنّه من الأفضل وقف الحفر، بل العكس، حماس تتصرف انطلاقًا من نظرية أنّه إذا كان لدى إسرائيل أداة لكشف موقع النفق، فلا يجب لهذا أنْ يمنع استخدامه.
ولفت إلى أنّه لكلّ نفق يتم حفره من القطاع يوجد أكثر من فتحة وتفرع، الأمر الذي سيصعب على إسرائيل منع الهجوم منها. وكأحد دروس “الجرف الصامد” ضاعفت حماس مرتين وثلاثة قواتها الخاصة “النخبة” التي من المفروض أنْ تخرج من الأنفاق في اليوم الموعود، وعدد هذه القوات يبلغ الآن خمسة آلاف شخص. وفي إطار محاولة المُحلل لتشويه الكفاح الفلسطيني وتأليب النظام المصري على حماس، يدّعي أنّ حماس العسكرية ترفض التنازل عن صلتها مع “داعش” في سيناء، فهي أنبوب الأكسجين الأساسي بالنسبة لها، وهي على استعداد لدفع ثمن باهظ مقابل ذلك بعلاقتها مع مصر.
وفي حملته لتشويه المقاومة الفلسطينية، يزعم أنّه يوجد بين حماس و”داعش” في سيناء تحالف مصالح يسمح لهما بتهديد مصر وإسرائيل، ولهذا التحالف هناك بعد عملياتي، فبنية الصناعات العسكرية لحماس في غزة أصيبت في السنة الأخيرة بشكل كبير نتيجة عمليات الجيش الإسرائيلي، ولا سيما سلاح الجو، لهذا قامت المنظمة بنقل جزء من أجهزة الإنتاج إلى جبل الهلال في سيناء الذي يوجد تحت سيطرة “داعش”، وهناك تستمر في تصنيع القذائف التي تحولت إلى السلاح الأكثر فتكًا لغلاف غزة، والعبوات المتطورة بأنواع مختلفة.
وبحسب مصادره، شمال سيناء الذي يوجد تحت سيطرة “داعش” هو منطقة إستراتيجية بالنسبة لحماس، لأنّ منطقة التهريب للأشخاص وللوسائل القتالية تتركز هناك. يوجد لدى “داعش” في سيناء مواقع عسكرية قريبة من الحدود الإسرائيلية، موقع أمام كرم أبو سالم، والآخر في بلدة جنوب رفح المصرية، وتعتبر هذه نقاط تهديد دائمة لحدود إسرائيل، وبيقين فإنه لحظة بدء الحرب مع حماس سيتم فتح جبهة ثانية من سيناء، مثلا ايلات ستكون هدفًا، ومن أجل الوصول إليها فإن حماس بحاجة إلى “داعش”، على حدّ تعبيره.