خبر : افتقدنا الحياء الوطني فانكسرنا خلقي ...د. سامي محمد الأخرس

السبت 18 يونيو 2016 05:50 م / بتوقيت القدس +2GMT




لم يّعُد هناك حياء وطني سواء على المستوى الرسمي أو الحزبي، وعليه انتقل الإنكسار للمستوى الشعبي الفلسطيني، ومن ثم العربي، فتحولت كل قضيتنا لمناورات سياسية وحزبية، ومزاودات بين الفينة والأخرى، فغابت البرامج المرحلية والاستراتيجية ومساحة التحرير في المفاهيم الحزبية والتربية الوطنية، وعدنا للمربع الأول نبحث عن ديباجة الشكل الأنسب للدولة الفلسطينية.
قبل أيام سربت دولة قطر الراعية لمفاوضات المصالحة الأخيرة صور للوفد الفتحاوي وهو يتناول طعام الإفطار الرمضاني بشكلٍ لا يعبر أو لا ينم إلاَّ عن سخرية واهانة واستهزاء فج من راعي المفاوضات، وهذا العبث القطري ما كان له أن يتم لولا تأكدهم أنه لم يعد لدينا حياء وطني كمنظومة وطنية فلسطينية شاملة منحت الكل أن يملي علينا قرارات وتصرفات ومسلكيات كان بالسابق يحاسب عليها بقسوة من ثورتنا وقياداتنا التاريخية، وأن الفعل القطري هذا لم يكن إلا نتيجة حتمية لإدراكقطر أن الوفدين الفتحاوي والحمساوي ما هما إلا بنزهة استحضار للطاعة الأميرية التي رعت بأموالها اغراق شوارع غزة بعبارة(شكرصا قطر) فصنعت لنفسها مكانة اعتبارية لا يمكن لها أن تكتسبها في ظل أي حالة إلا حالة الحياء الوطني التي نمر بها، يصاحب هذا الفعل التفاؤل من البعض بأن تحقق الدوحة نهاية للانقسام الفلسطيني - الفلسطيني دون استدراك ماهية وأسباب هذا التفاؤل في ظل مسلكيات مشينة من قطر وممارستها بشاعة التشهير بوفد دون آخر، وفي ظل غياب وتجاهل قوى رئيسية من هيكل النظام السياسي الفلسطيني من قبل الطرفين فتح وحماس وتمسكهما بفهم المحاصصة واستبعاد كل القوى الفلسطينية، وهو ما يستحضر التاريخ القريب عندما توجهت حركة فتح والشهيد ياسر عرفات بتوقيع اتفاق آحادي دون الالتفات للكل الوطني مع الكيان عام 1994 وهو الإتفاق الذي انتهى فعليًا بعد خمس سنوات من توقيعه دون أن يقدم له الكيان أي فرصة للحياة، وتغييب الكل الوطني عن المشهد والسماح للكيان بالاستفراد بطرف دون آخر، حتى وصل الحال الوطني لغياب وموات عبر عنه عضو اللجنة لتنفيذية بشكل انحداري بأنه لم يتردد لحظة واحدة في قبول دعوة حضور مؤتمر الأمن القومي الصهيوني (هرتسيليا) بل ويذهب بعيدًا في تصريحه بأنه تم قبول الدعوة والمشاركع لتأكيد الحرص على السلام، وهو يدرك أن مؤتمر هرتسيليا كل اختصاصاته صياغة السياسات الإستراتيجية للدولة الصهيونية، إذن فالسؤال العقلاني أي سلام يقصد مجدلاني؟ وما هي فرص السلام التي يبغاها من شاركوا في هذا المؤتمر وهم يدركون أن الكيان لا يؤمن بأي سلام، وأن السلام بحد ذاته لا يتم استجداؤه بضعف وتفتت ووهن كحالتنا الفلسطينية، ولا يمكن استجداؤه من دولة وكيان ضربت بكل الحقوق بعرض الحائط وبأعراف السلام العالمي وتملي سياساتها التدميرية بحق الوطن وشعبنا الفلسطيني منذ عام 2000، واغتالت بالسم القائد الذي صافحت يده السلام ووقع معهم اتفاق (أوسلو) وتهديدهم الدائم والمباشر للرئيس محمود عباس بأن مصيره نفس مصير الشهيد ياسر عرفات إن لم يتساوق مع اشتراطات الكيان، فلماذا هذا الاستجداء من الضعفاء؟
غاب عن فهمنا شيئين في الفهم العام للسلام، ومنظور السلام، الأول: أن هذا الكيان يفهم السلام وفق مفهوم القوى الاستعمارية الكبرى، وأنه فرض عين وبالقوة، وعليه فهو يحدد لنا مفاهيمه وفق فارق القوة وغياب أي تهديدات له سواء على المستوى الفلسطيني الذي لا يفصله عن ممارسة سلوكيات الدول العربية التي منحت أصواتها للكيان في رئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة سوى المناورة مع هذا المحتل واستجداؤه وتقديم صكوك الرضا والطاعة عسى أن يستم في منحهم بضعًا من حرية الحركة والسيادة، والسيطرة والقبض على أي محاولات لانفجار الشعب الفلسطيني، بمسمى سلطتين وحكومتين، أما الثاني: املاء السلام في ظل حالة الرضوخ التامة فلسطينيًا وعربيًا ومحاولات الاستجداء والتقارب مع هذا الكيان, وعليه يحق له أن يقرر ويتصرف كيفما هو يفهم، وكيفما نحن نرضى.
من آمن العقاب لم يخش ممارسة الجريمة، وبما أن الجميع فلسطينيًا وعربيًا آمن العقاب من الشعوب، فإنه يتحرك بمفاهيم تضاهي الجريمة بالتساوق مع الاحتلال، والقفز على القضية الرئيسية وتسويفها، وممارسة الرذيلة بحقها بلا حياء أو خجل. لا ضير أن تحضر وفود فلسطينية وعربية مؤتمرات صهيونية رسمية، ولا ضير من التصويت لصالح الكيان في الأمم المتحدة، ولا ضير أن تهين قطر وفد فلسطيني رسمي في قصورها، ولا ضير أن تمارس قوانا الفلسطينية قلة الحياء بحق شعبنا وقضيته عنوة وجهرًا.