نجاح ايمن عودة رئيس القائمة المشتركة لاعضاء الكنيست الاسرائيلي من فلسطينيي 1948 برفع دعوى ضد دولة الاحتلال امام الامم المتحده ونجاحه بالتواصل مع الامين العام، هو اختراق مهم، واداء موفق ومتميز لدوره وواجبه تجاه من يمثلهم( اهالي منطقة 1948) والدفاع عن حقوقهم على كافة المستويات.
ورغم ان الدعوى تتعلق خصوصا بالقرى العربية غير المعترف بها من دولة الاحتلال، الا انها وضعت في سياقها الطبيعي والمنطقي كتعبير فظ من تعبيرات التمييز والاضطهاد والعنصرية التي يعاني منها عرب 1948 في هذا المجال كما في مجالات عدة.
ان نجاح عودة بوصفه رئيس القائمة المشتركة في الوصول بدعواه الى الامم المتحدة، ودعوته الامين العالم بان كي مون الى ارسال بعثة رسمية لتقصي الحقائق بالنقب، شكل اختراقا غير مسبوق. فتقديم الدعوى، كما قال السفير الاسرائيلي في الامم المتحدة داني دانون هي» المرة الاولى التي يقوم بها عضو كنيست بتقديم دعوى ضد حكومة اسرائيل في الامم المتحدة».
ان هذا العمل المتميز، وبغض النظر عن درجة الاستجابة الدولية والنجاح اللذين ستسمح بهما التوازنات والحسابات الدولية، هو اختراق مهم وتعليق للجرس في الساحة الدولية الاكثر اهمية. وهو يفتح الباب امام نضال متواصل في هذه الساحة حول الكثير من القضايا والعناوين التي يعاني منها اهلنا في مناطق 1948
ان هذا النجاح يقدم تعبيرا متميزا على نجاح وصوابية تشكيل القائمة المشتركة اولا وبالاساس، ثم على نجاح تجربتها ودورها وصلابة وحدتها وانسجام مواقفها واعمالها، كما يعبر عن انتاجيتها باكبر ما تسمح به ظروف العمل كاقلية في كنيست صهيوني يميني احتلالي استيطاني عنصري بامتياز. كما انه يؤشر بثقة الى توفر مواصفات قيادية متميزة ومفرحة في شخص رئيس القائمة ايمن عودة، تبدأ بعنصر الشباب لديه، مضافا ومتفاعلا مع عناصر الوطنية الفلسطينية الراسخة، والتحصيل العلمي والخلفية الفكرية والتجربة، ومع قدرة التواصل مع الناس والعمل معهم ووسطهم بفاعلية وبساطة وتواضع.
ان هذه المواصفات مقترنة بما قام به من اعمال وما اتخذه من مواقف، هي التي كانت وراء اختياره ضمن قائمة اكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم لعام 2015 حسب مجلة « فورن بوليسي» العالمية.
ان هذا النجاح برفع الدعوى ضد اسرائيل لدى الامم المتحدة، يكتسب اهمية مضاعفة كونه يأتي منسجما، متفاعلا بعمق، ومتكاملا مع السياق العام للنضال الوطني الفلسطيني العام المتصاعد في المجال الدولي ومنظماته وهيئاته الرسمية والشعبية، ان على المستوى الرسمي او الشعبي، وسواء في المجال السياسي او الحقوقي او الدعوي او التضامني، او في مجال مقاطعة دولة الاحتلال شعبيا واقتصاديا واكاديميا وفنيا ونقابيا.
وهذا النجاح بقدر ما يصب في المجرى العام للنضال الفلسطيني في هذا المجال، فانه يؤكد باوضح الصور وحدة وتكامل النضال الوطني الفلسطيني بكافه اشكاله وفي جميع مناطق الوطن الفلسطيني.
ان هذا الشكل النضالي يحفر لنفسه مجرى يتزايد اتساعا وعمقا على المستوى الدولي ويلحق اذىً ملموسا بدولة الاحتلال في مجالات عدّة، ويضعها امام تساؤلات متصاعدة، من موقع الادانة والرفض، لاستمرار احتلالها واستيطانها وسياساتها التمييزية العنصرية والقمعية، في الوقت الذي يتوافق ويتكامل مع اشكال النضال الاخرى. خصوصا وان هذا الشكل النضالي بقدر ما هو من مهام المؤسسات الرسمية فانه يفتح الباب واسعا امام دور واسهام المنظمات الاهلية المدنية على اتساع تنوعها وتنوع مجالاتها وتعدد مساراتها واتساع علاقاتها.
دولة الاحتلال، ولانها تدرك تماما معنى النجاح في رفع الدعوى، وتدرك معاني تكاملها مع النضال الوطني الفلسطيني العام، وتلمس وتتأذى بنتائج هذا النضال وترى امكانات تطوره الواسعة، فانها قابلت النجاح برفع الدعوى بالحدّة وبالاتهام والتهديد معا.
السفير في الامم المتحدة داني دانون « (اتهم؟!) عودة بالوصول الى بان كي مون عن طريق البعثة الفلسطينية في الامم المتحدة». اما عضو الكنيست عن الليكود، اورن حازن فقال في تهديد صفيق يعبر عن موقف دوائر الحكم «ان أفعال أيمن عودة هي الدينامو المحرك وراء العمليات الارهابية الفلسطينية والتي رأينا فظاعتها مؤخرًا في عملية تل ابيب. أنا أرى أن عودة وزملاءه هم من يتحملون مسؤولية تخريب عملية السلام. وعلينا طرد (الخائن؟!) عودة وزملائه من الكنيست، ومن ثم مساعدته الالتحاق باخوانه الفلسطينين باسرع وقت ممكن»
انتخاب دولة الاحتلال رئيسا للجنة السادسة في الامم المتحدة – اللجنة القانونية - لأول مرة في تارخ وجودها وان باغلبية ليست كبيرة، جاء اختراقا معاكسا للمسار الدولي العام. ويبدو ان الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية قد لعبت الدور الاساسي في تأمين الاغلبية اللازمة لهذا الانتخاب في محاولة لاعتراض موجة الادانات التي طالت دولة الاحتلال من اكثر من هيئة ومنظمة دولية واقليمية ومتخصصة، وكتعويض معنوي لها.
انتخاب دولة الاحتلال في هذا الموقع اتى نافرا جدا لتناقضه المبدئي والتام مع مواقفها في معظم سنوات حياتها، وفي اكثر من موضوع او قضية مفصلية، مع القانون الدولي، ومع رفضها لعدد كبير من القرارت الدولية وتحديها المجتمع الدولي بالامتناع عن تطبيقها بكل وقاحة.
لكن الامر سيكون اكثر نفورا واستهجانا وايلاما لو صدقت الاخبار ان خمسا من الدول العربية قد صوتت مؤيدة للقرار المذكور.
التحية للقائمة المشتركة العربية ...التحية لايمن عودة .


