خلافا للمفهوم العام بوجود حدود للدول تسعى كل دولة للحفاظ عليها , الا ان البيئة ليس لها حدود وهي عابرة للحدود , دون ان يكون لتلك الدول قوة او خطة لايقافها , فالعواصف والفيضانات والحرائق واسراب الجراد وغيرها لاتعرف الحدود , ولا الميكروبات والفايروسات تعترف بالحدود بين الدول , ولعل احدث مثال على ذلك هو انتقال فايروس زيكا من البرازيل الى الولايات المتحدة ..
هناك تصريح فريد وهام للسيد/ بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يقول فيه :
"على الرغم من ان القرارات الفردية قد تبدو ضئيلة في مواجهة التهديدات والاتجاهات العالمية، عندما يوحد مليارات الأشخاص قواهم في هدف مشترك فانه بإمكاننا احداث فرق هائل"
من بين دول العالم هناك حوالي حوالي 100 دولة تحتفل بيوم البيئة العالمي من اجل حث شعوب تلك الدول بالقيام بعمل إيجابي للبيئة ..وتشجيع الاعمال الفردية التي تؤثر إيجابا على البيئة ... وذلك بعد اعلان الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ذكرى افتتاح مؤتمرا استوكهولم حول البيئة الإنسانية في الخامس من حزيران من العام 1972 .
سكان العالم الحالي (7حوالي مليار نسمة) من المتوقع ان يصبح عددهم حوالي 10 مليار نسمة في العام 2050 وسيحتاج هذا العدد الضخم والمخيف الى اكثر من 3 كرات أرضية للعيش بنفس طرق المعيشة الحالية من استهلاك للمواد الأساسية وبالتالي زيادة في النتائج السلبية على البيئة !! وزيادة معدلات استهلاك الموارد الطبيعية وانعكاس ذلك على البيئة في كل المجالات .
لقد اقر مجلس الوزراء الفلسطيني باعتبار الخامس من آذار في كل عام هو يوم البيئة الفلسطيني بحيث يعمل كل فرد من افراد الشعب الفلسطيني جهده لتغيير نمط تصرفاته وحياته خدمة للبيئة التي يعيشها من ناحية وحفاظا على بيئة كوكب الأرض الذي يحملنا فوقه ونسعى الى خرابه من ناحية اخرى , فماذا فعلنا لتجنب ذلك !.
في فلسطين يعاني الشعب في الضفة الغربية من استنزاف المياه لتغذية المستوطنات ...وعدم وجود محطات لمعالجة المياه العادمة في معظم المدن والقرى وعدم وجود مواقع للنفايات الصلبية بالإضافة الى تلوث الهواء سواء بواسطة الكسارات المنتشرة هنا وهناك وعادم السيارات الذي يزيد يوما بعد يوم بالإضافة الى قرب المناطق الصناعية من الأماكن السكنية (خاصة لحصار المستوطنات للمدن وعدم توفر أراضي كافية بعيدا عن تلك التجمعات السكانية) .
وفي غزة هناك مشكلة المشاكل فإضافة الى ما ذكر سابقا فبحر غزة اصبح مصدر تلوث اكثر من ان يكون مصدر ترفيه. . فمياه المجاري الخام تجد طريقها في عدة أماكن الى بحر غزة بطول ساحل القطاع البالغ طوله حوالي 45 كم , من رفح في الجنوب الى مدينة غزة.
اما في الشمال فان مياه المجاري تجد طريقها اما الى البحر مباشرة او الى المياه الجوفية لعدم تمكن محطة المعالجة الرئيسية بالعمل لعدم وجود تيار كهربائي لتشغيلها ...وبالتالي لم يتم الاستفادة حتى الآن من محطة معالجة ضخمة كلفت حوالي 75مليون دولار !! وهي تعتبر اول واحدث محطة معالجة في قطاع غزة الذي يحتاج الى محطات أخرى في مدينة غزة ووسط القطاع واخرى لخانيونس وأخرى لمدينة لرفح!!
تصريف مياه المجاري في قطاع غزة يجد طريقه الى البحر للتأخر في إقامة محطات المعالجة في كل من غزة والوسط والجنوب و لعدم السماح بإدخال مضخات مياه المجاري وقطع الغيار الخاصة ...لاسيما وان مياه المجاري تجد طريقها في نظام تصريف مياه الامطار والتي تصب في البحر الأبيض المتوسط ز
لقد تم الإعلان مؤخرا عن توقيف محطة تحلية مياه البحر في اسدود (50كم شمال غزة) لزيادة التلوث الناتج عن صرف مياه المجاري الى بحر غزة المسكين.
هذا بالإضافة الى ما يعانيه القطاع من التلوث الناتج عن عمليات تدوير بقايا تدمير المنازل والمصانع خلال الحروب التي عاناها القطاع في الأعوام 2008/2009-2012-2014 .
كما ان هناك في غزة , تلوث ناتج عن عوادم السيارات التي لا تصلح للسير في المدن وزيادة عدد الكارات التي تجرها الحيوانات بعد توقف العديد من التوك توك كنتيجة لزيادة أسعار الوقود حيث ان مخلفات الحيوانات التي تجر تلك الكارات يزيد من عملية التلوث في شوارع مدن القطاع إضافة الى تعطيل حركة السير خاصة في الشوارع الرئيسية في هذه المدن .
تلوث المياه :
في قطاع غزة حيث بلغت نسبة الكلورايد حوالي 3000 ملم/لتر في حوالي 90% من مياه القطاع في حين ان النسبة المسموح بها دوليا لا تزيد عن 250 ملم /لتر ..بالإضافة الى زيادة نسبة النترات وهذا التلوث زاد من نسبة الأشخاص الذين أصيبوا بالفشل الكلوي بالإضافة الى الامراض الأخرى .
ولعل تقرير اوتشا OCHA ( غزة 2020) التابعة للأمم المتحدة توقع بأن كل مياه قطاع غزة لن تصبح صالحة للشرب في العام 2020!!!
النفايات الالكترونية :
النفايات الالكترونية السامة والتي زادت مؤخرا لم يتم التفكير في طريقة التخلص منها سواء في غزة او في الضفة الغربية ..حيث يتم التخلص منها مع النفايات الصلبة بما تشكله من خطورة على المياه الجوفية والبيئة ..علما بأن تدوير كل هذه النفايات لن يكلف الكثير لان ناتج التدوير سيساهم في تحسين المياه الجوفية وتقليل الأراضي اللازمة لمجمعات تلك النفايات وخاصة الصلبة منها .
وهنا لا ننسى التلوث الناتج عن الحروب وبقايا الذخائر وخاصة في قطاع غزة .
النفايات الصلبة :
معدل انتاج الفرد الفلسطيني من النفايات الصلبة مجتمعة يقدر بحوالي 700 جم يوميا ولعدم وجود أراضي كافية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ..فان معظم أماكن التخلص من النفايات الصلبة قريبة من المدن مما يشكل خطورة على المجتمع من خلال انتشار القوارض والحشرات والغازات السامة وتلويث المياه السطحية والجوفية كنتيجة مباشرة لعدم القيام بعملية تدوير هذه النفايات , وهذا يستدعي التفكير الجدي في وضع خطة قومية لاقامة محطات تدوير للنفايات بكل انواعها تفاديا للاخطار المتوفعة من استمرار الوضع القائم كما هو عليه الآن والذي تزيد اخطاره يوما بعد يوم .
maabushahla@yahoo.com


