خبر : رفقا بغزة ...بقلم: باسم الخالدي

الأحد 29 مايو 2016 07:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
رفقا بغزة ...بقلم: باسم الخالدي



و كأن غزة لا يكفيها ما بها من حصار و فقر و دمار للإنسان و الأرض و البيئة و الحاضر و المستقبل بفعل غريب يحاول تركيعها و يفرض حصارا و يعيث فيها قتلا و تدميرا و اقليم يحاول شيطنتها بحكم أجندات محلية أو دولية و ممارسات صبيانية للبعض من أبناء جلدتها و بعض من أخوة أعداء يأخذونها رهينة الأهواء السياسية  و وهم الحكم و أوهام التمكين العابر للحدود و سوء إدارة و تقدير ساذج  للموقف محليا و اقليميا و دوليا و ممارسة السياسة و الحكم على طريقة الهواة أحيانا و على أمل التغيير في المحيط، عَل الاخر الخارجي بسياسته .

و ليس بأدائنا" يفتح بابا لتغيير ينقذنا مما نحن فيه، دون أن نقدم نحن استحقاقات التغيير المطلوب و كأن غزة لا يكفيها تهم جاهزة بالارهاب و التطرّف و عشق الموت المجاني و كره الحياة  ومشاكل الكهرباء و الماء والسفر و اعادة الإعمار و الحياة الطبيعية.

وكأنها، غزة، قطعة من زمن آخر و من كوكب آخر و ليست بشرا من دم و لحم و وجع و أمل و حلم وخيبات و اصرار على الحياة و عزيمة البقاء و النهوض من الكبوات.

  و كأن غزة قدرها أن تدفع ثمن البطولة و الصمود و الحفاظ على الهوية و الرجولة و الشهامة، كما ثمن الخسة و الظلم و الحصار و عجز الأمة و نفاق المجتمع الدولي و تجبر المحتل و فشل الساسة و انتهازية رأس المال و سطوة النزعات المريضة للشهرة ولو على حساب المقدس والوطن و القيم و الأخلاق  وكأن غزة على موعد مع العهر الفكري وهوس الوصول لجنة الممولين والصعود فوق عذابات غزة و المتاجرة بشرفها و قيمها في سبيل المزيد من الأخضر وفي سبيل تلميع الطامح الذي لا مكان لها في بيئة طبيعية بل في بيئة شاذة يجب توفرها أو اختراعها لتوفر لهذه الطحالب فرص الظهور و الانضمام لنادي النخب المريضة المسكونة بهاجس الظهور الإعلامي وعقدة الخواجا بعد أن صمت و بسذاجة  من يفترض بهم أنهم المسؤولون عن غزة، عَل هذه الطحالب  تساعد في تقديم أوراق الاعتماد لدى الخواجا بأن غزة تأهلت لنيل رضاهم وها هي  مساحة الحريات و النقد للمجتمع أمست بلا ضوابط .

غزة يا سادة هي تاريخ مكلل بالغار و الفخر و الرفعة و وسام على جبين كل وطني غيور مُذ أن اندحرت على بواباتها جيوش الطغاة و الغزاة و تحطمت على صخرة صمودها أحلام أباطرة بالسيطرة على العالم القديم و حفظت شعلة القضية متقدة و حفظتها من الانطفاء مع كل المخلصين من أبناء فلسطين في كل أماكن تواجدهم .

غزة من احتضنت ووفرت البيئة الصحية لكل طلائع و حركات التحرر الوطني والاسلامي الفلسطيني وأفشلت مخططات توطين اللاجئين و أشعلت جذوة النضال وقادت انتفاضات للحفاظ على القرار المستقل ورفض ذوبان القضية و الهوية و احتضنت أول سلطة وطنية نحن لسنا كالنعام ندفن رؤوسنا في الرمال و نكشف العورة و ننام و نعي جيدا أن غزة ليست منزهة عن الأخطاء و حتى الخطايا أحيانا وبها ما في أي مجتمع آخر من عيوب و من شواذ الفكر والمنهج و فيها ما ينتجه ثالوث الفقر و الجهل و البطالة.

 و لكن: بكل المعايير فان نسبة الجريمة و الانحراف، حتى و هي تتزايد حاليا بحكم الأوضاع و سوء الادارة و استمرار الانقسام و تخلي القريب و البعيد عنها، قياسا بمجتمعات أخرى لا ولم تعاني ما عانته و تعانيه غزة، هي نسبة ضئيلة و لكم أن تنظروا الى الجوار و كيف تفككت المجتمعات و استشرت فيها عوامل الانهيار القيمي لنتيجة للحروب و الدمار المفروض عليها غزة.

 أيها اللاهثون خلف كلمة شكر من أسيادكم تالله لن تنالوها، هي مجتمع محافظ و صغير و كل فرد فيها يكاد أن يعرف كل أسماء و مناطق سكن كل شاذ و مجرم و ساقط و لهذا فان القصة الواحدة و القضية ذاتها يتم تداولها عشرات المرات و كأنها عشرات القصص  و نساء غزة الماجدات يخر لهن المجد راكعا، كما كل نساء فلسطين، فهن لسن فقط أمهات الشهداء و زوجات الأسرى و أخوات الجرحى و بنات الفخر و المعاناة، بل هن الشهيدات و الأسيرات و الرائدات ومن تحملن عبء الحياة، ليس فقط كعون للرجال و شركاء متساويين لهم قمن وما زلن بما هو أكثر من نضال و تربية و شكلن البديل للرجل في أحيان كثيرة وفي ظل أزمات سياسية و اقتصادية و اجتماعية مر ويمر بها المجتمع و خلقن فرص عمل و عيش قد يعجز عنها الرجال. 

 و هكذا نساء لا يقبلن الصمت على الظلم و من يقاومن المحتل و شظف العيش لا يعيهن التعامل الحاسم مع ذئاب بشرية تجردت من قيم الأخلاق و المروءة و الرجولة .

فرسان القبيلة، أيها الساعون للشهرة الزائفة، هم من يذودون عن حمى الديار حين تتعرض للسبي و الغزو الفعلي أو الفكري و يبذلون الغالي و الرخيص كي لا تداس كرامتهم بامتهان كرامة نسائهم .

من يعري و يكشف ستر الديار بدلا من حمايتها و علاج أسبابها و مداواة جروحها و يذهب للمتاجرة بأهله و مجتمعه و تعهيره  أملا بحظوة لدى مستشرق أو مزيدا من الدولار و لتبرير التنكر مستقبلا لغزة وفلسطين و قضيتها المقدسة لا مكان له بين فرسان القبيلة ولا يستحق شرف الانتماء لها.

رفقا بغزة، فهي بيتكم و عرضكم و مستقبل أولادكم