خبر : اعلاميو غزة ..طعنة في الخاصرة .. الاسباب والدوافع ..ناظم ولي الدين

السبت 28 مايو 2016 04:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
اعلاميو غزة ..طعنة في الخاصرة .. الاسباب والدوافع ..ناظم ولي الدين



لا يزال التقرير الذي نشرته صحيفة الاخبار اللبنانية عن موضوعة "التحرش الجنسي" في قطاع غزة وبالذات ما نشر عن الاعلاميين الفلسطينيين تثير ردود فعل غاضبة وساخطة ليس على المستوى المحلي الفلسطيني بل على المستوى العربي لما احتواه هذا التقرير من محاولة مكشوفة لتدمير الصرح المساند للمقاومة الفلسطينية في كافة معاركها والذي توحد دائما في كل معارك غزة رغم الاختلافات السياسية مع حماس منذ سيطرتها على قطاع غزة.

انا لا اعرف كاتب التقرير ولم اسمع به ولا اريد ان اعرفه ولكن ما اثار دهشتي ان من قام بهذه الفعلة هو شاب صغير يتجاوز العشرين قليلا يعمل فيما يسمى بالصحافة "الاستقصائية".

من تجربتي الكبيرة في الاعلام الدولي اود الاشارة الى ان صحفا عالمية لا تسند هذه المهمة الا الى صحفيين مخضرمين يتجاوز عمرهم المهني 15 عاما في الصحافة بشرط ان يكون تطور الصحفي متدرجا ومثقفا وواعيا لما يقوم به لخطورة الموضوع والخيط الرفيع الذي يربط بين الاستقصاء والتجسس وحتى لا يتم اعتبار المادة التي يتم الحصول عليها مضرة في امن المجتمع او الوطن وما حدث مع صحيفة الغارديان البريطانية قبل ايام من فصلها لمراسلها في القاهرة لانه ارسل 15 تحقيقا لستقصائيا كاذبا وذلك بعد تاكدها من عدم صدقية الصحفي وقدمت الغارديان اعتذارا رسميا للحكومة والشعب المصري.

من الواضح ان التحقيق المذكور يفتقر الى ابسط قواعد المهنية وهي التحقق من المعلومة ويشبه حفلة تنكرية او فيلما من الخيال العلمي وهنا لا يجوز على سبيل المثال اتهام البعض بناءا على ما يقوله الاخرون "هذا ان حصل فعلا" ان اعلاميا او صحافيا اتهم زميله او زميلته بالتحرش وهذا لحد علمي المتواضع لم يحدث في تاريخ الصحافة الدولية من اتهام لاعلاميين على يد زميل مفترض لهم الا في غزة واتحدى ان يعطينا احد مثال واحد في العالم على ما حدث في غزة من خلال ما تم نشره في احدى الصحف اللبناينة واعادت نشره بعض المواقع الفلسطينية بتشفي واضح في القطاع واعلاميه.

حتى يكون التحقيق استقصائيا نموذجيا يجب ان تسخدم وسائل متطورة وخاصة في حالات الاتهام المباشر باي مفسدة كانت مثل التنصت او التسجيل بكاميرات خفية وتمحيص الاتهام باليوم والتاريخ والرجوع الى الشخص المعتدى عليه معنويا بطريقة معينة وتسجيل رد فعله حتى تكون المهنية هي البوصلة وهذا يجعلنا نعيد تكرار ما نقوله بان التحقيق الاستقصائي هو عمل لا يقوم به فرد بل يصاحبه به مجموعة من المساعدين والمختصين حتى الوصول الى الحقيقة.

والاخطر فيما تم نشره عن حالات التحرش ان معد التقرير يشير الى ان من تحدثن له او اسررن له رفضن ما قام به الصحفيون وتركن العمل والسؤال الذي يطرح نفسه الان : هل من تبقى من الصحفيات رضين بالتحرش وغضضن الطرف مقابل الاستمرار بالعمل وقدمن الرشوة الجنسية ؟؟ الاجابة على هذا السؤال هي برسم الفهم والثقافة وغياب الادراك الصحفي الذي يتولد بعد عشرات السنين من الخبرة.

ولم يكن غريبا على كاتب محترف مثل الاستاذ مصطفى ابراهيم ان يستنج بان التقرير حركته غريزة انتقامية وثارية غير مفهومة الا لمن يقرر ان يعرف تفاصيل القضية ومن حركها ومن اوحى بالاسماء ..الاسئلة المعتادة في كل عمل صحفي : كيف ومتى واين ولماذا".

ومما لا شك فيه ان هذا التقرير وجه ضربة قاصمة للاعلام الفلسطيني وبالذات الغزي ويفقدهم مصداقية تراكمت بدمهم ومعاناتهم عبر تشويه قد يكون بجهل معد التقرير او برغبة في الشهرة او الحصول على عائد مادي مجزي او رغبة جهة ما بالانتقام من الاعلام الغزي وكل هذه الاسئلة بحاجة الى اجابات ونعتقد جازمين بانه من السهل الحصول عليها.

ولو صح ما يتداوله الصحفيون عن الاسماء التي حاول معد التقرير الايحاء بها والتي هي كبيرة بحجمها وفعلها وخبرتها فاننا سنكون امام منظومة تعمل منذ زمن عبر وسائل القوة الناعمة لتعهير غزة والتشكيك بكل مقوماتها الانسانية والفكرية وخط الدفاع الاول عنها وهو الاعلام .

الاسماء العشرة التي يتحدث بها الصحفيون والناس هي لقادة الاعلام الفلسطيني وخط الدفاع الاول ضد مهرجانات التطبيع الثقافي والاعلامي وحفلات التحول التنكري الى ما يسمى بهندسة الانسان والتي تحدث عنها وزير الجيش الاسرائيلي يعلون بان على اسرائيل ان تعمل على هندسة الانسان الفلسطيني بحيث يقبل بنا كاحتلال عبر منظومة اعلامية وثقافية متكاملة تؤدي بالنهاية الى القبول باسرائيل رغم الاحتلال.

وبعيدا عن التقرير ومعده فانه من الواضح ان هناك الكثير من الامور التي تحدث في الضفة وغزة تشير الى رغبة جهات باستبدال جيل الاعلاميين الفلسطينيين المصهور بالدم والمعاناة وعشق المقاومة رغم كل الاختلافات بجيل جديد لا ينتمي الى وطن او قيم او دين تحركه غرائزه المادية والرغبة في كسب جائزة هنا او مبلغ من المال هناك حتى وان ادى سلوكه الاعلامي او الثقافي الى هدم منظومة مجتمع يشكل الاعلام الفلسطيني احد اهم ركائزها.

ورغم كل ما سبق فاننا نود فقط الاستفسار عن عدة امور تحتاج الى الاجابة عليها من قبل كل الضالعين في هذا الحدث الجلل :

اولا : مؤسسة امان : رغم ان هذه المؤسسة يشهد لها بالحديث عن الفساد وتقاريرها التي اثارت اعجاب الفلسطينيين الا ان السؤال الذي يطرح نفسه : هل تستطيع هذه المؤسسة تمويل تحقيق استقصائي عن التحرش الجنسي في الضفة الغربية مثلا يطال الاعلاميين والسياسيين ؟.

ثانيا : الى السيد ابراهيم الامين رئيس تحرير الاخبار اللبنانية : من الواضح يا سيدي ونحن نكن لك كل الاحترام ان ما حدث يتجاوز كل منطق وانك كنت ضحية في هذا الموضوع ويجب ان نعلمك بان كل الذين يتحدث الناس باسمائهم في غزة "رغم ان معد التقرير اوحى بالاسماء دون ذكرها" هم باغلبهم من مؤيدي المقاومة اللبنانية والفلسطينية بل ان بعضهم يعلق صورة السيد حسن نصر الله في مكتبه.

ونعتب عليك ايها الكاتب المحترم والمعروف بكتاباتك الوطنية والقومية ملاحظتنا بان جريدتكم الغراء تواصل نشر تحقيقات من غزة تشعرنا واننا امام تسونامي من العار وكان غزة ماخور لا قيمة له ويجب استئصاله بمن فيه وبالذات اذا كانت طلائعه المقاومة الاعلامية بهذا المستوى".

ثالثا : رسالة  الى حركة حماس : من الواضح ان حملة تعهير غزة وقهرها تجاوزتكم وانها تنتقل الان الى مرحلة استهداف كل ناسها واهلها ونعتقد انه يجب على هذه الحركة المقاومة ان تعي جيدا خطورة ما يحدث وخاصة ان ما يتم امام عينها هو عملية تحول خطيرة يتم غض الطرف عنها لاسباب مجهولة تستهدف وجود الكل بلا استثناء. 

رسالتنا الاخيرة الى سيد المقاومة حسن نصر الله : هل ترضى يا سيد المقاومة بان تذبح غزة كل صباح بسيف علي او سيف الحسين؟؟.. هل ترضى يا سيد المقاومة بان يكتب صحفيو غزة عن فساد او ظواهر سلبية في الضاحية الجنوبية من بيروت ؟؟ غزة التي بكت عندما هاجم البعض سيرة ولدك الشهيد هادي لا تستحق من وسائل اعلام في دائرتك ان يتم تعهيرها وقهرها لاسباب لا نفهمها؟.

عندما تعرضوا لولدك الشهيد العزيز هادي خرجت الى الدنيا تزمجر وكنا معك ولمنا كل الذين اتهموه ولكننا اليوم نطالبك بالخروج لانصافنا ..نريد ان نرى من نحن في نظرك ... لانك يا سيدي بكل بساطة ان فقدت غزة وشعبها واعلامها فانها النهاية لكل الاحلام الجميلة والثورة والانتماء...

كاتب فلسطيني - ميتشيجان