يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان صفقة نتنياهو –ليبرمان التي غرست سكينا في ظهر وزير الامن موشيه يعلون، قوبلت في القيادة الامنية امس، بمفاجأة مطلقة وبتخوف ليس صغيرا. فالجنرالات، كما الوزير المسؤول عنهم، لم يتوقعوا هذه الخطوة السياسية الساخرة والذكية التي حاكها رئيس الحكومة. النظرية التي يقوم الجيش حسبها بتفعيل القوة الضخمة من اجل ردع العدو، تسمى لدى الامريكيين صدمة ورعب. وكما يبدو، فان هذه هي الكلمات المناسبة لتعريف المشاعر التي سادت في القيادة العامة امس.
في اسرائيل سبق تعيين وزراء أمن جاؤوا من خلفية مدنية (موشيه أرنس، عمير بيرتس)، وقاموا بمهامهم بشكل ناجح، بهذا الشكل او ذاك. لكن افيغدور ليبرمان ليس مجرد مواطن عادي. واذا تم تعيينه لهذا المنصب، فسيكون اول وزير امن سيعتبر تعيينه متضاربا بالنسبة للجيش. من المشكوك فيه انه حتى اريئيل شارون الذي دخل الى وزارة الامن في 1981 مع خلفية مشحونة ومتوترة مع الجنرالات، بدأ من نقطة مماثلة. اخر منشأة عسكرية زارها ليبرمان علانية، كانت القاعة المكتظة في المحكمة العسكرية في كستينا، حيث ذهب الى هناك للتضامن مع الجندي اليؤور ازاريا، مطلق النار في الخليل.
كعضو في المجلس الوزاري المصغر في الحكومة السابقة، اكثر ليبرمان من الصدام مع مواقف يعلون وقادة الجيش، خاصة حول الحرب الاخيرة ضد حماس. وغالبية تصريحاته الامنية الاخيرة ركزت على انتقاد سياسة الوزير والقيادة العامة في مواجهتهم للإرهاب الفلسطيني. انزال ليبرمان لرئاسة الجهاز الأمني يساوي تقريبا الشكل الذي تستقبل فيه المؤسسة الجمهورية الامريكية الان انتصار دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للرئاسة.
ربما لن تتحقق التوقعات الرهيبة التي سمعناها امس من اليسار حول التعيين المتوقع لليبرمان لمنصب وزير الامن. فهو شخص تلاعب اكثر من مرة في السابق، في مواقفه وعرض توجهات اقل حربية، بما يتفق مع المتغيرات والقيود السياسية. يمكن الافتراض بأنه بعد انتقاله من مكانة مقدم النصائح، كعضو في المجلس الوزاري ومن ثم في المعارضة، الى المسؤول الحقيقي عن الأمن، قد يؤثر ذلك على سلوكه العملي. على الرغم من تهديده ذات مرة بتفجير سد اسوان، فان هذا لا يعني ان ليبرمان سيجر نتنياهو الى حرب مع مصر بعد اسبوعين.
المخاطر الكامنة في التعيين تختلف. عندما هاجم ليبرمان نتنياهو في الشهر الماضي، رد الليكود بنشر بيان شديد اللهجة ادعى فيه ان ليبرمان "لم يجلس ابدا في جلسة للمجلس الوزاري المصغر منذ بدايتها وحتى نهايتها" (وهو ادعاء يؤكده اعضاء في المجلس الوزاري). هذا ادعاء تكرر ايضا بالنسبة لمدى الاهتمام الذي اظهره في جلسات لجنة الخارجية والامن البرلمانية، وجلسات لجانها المتفرعة السرية والحساسة. من يظهر، حسب اوصاف كثيرة، القليل من الاصغاء نسبيا، ولم يعرض حتى اليوم، وجهة نظر امنية منظمة ومفصلة، يمكن ان يكون المسؤول عن الجهاز الحساس، المليء بالتفاصيل، والذي يتم فيه اتخاذ قرارات تساوي مليارات الشواقل، ويصادق على مخططات عسكرية يمكن ان تكون لها آثار بعيدة المدى على حياة البشر. هذا المنصب منهك ومستنزف بشكل لا مثيل له. انه لا يشبه أي منصب وزاري اخر شغله ليبرمان في السابق.
السبب الثاني للقلق يتعلق بتعامل ليبرمان مع الفلسطينيين. في تصريحاته خلال الأشهر الأخيرة، طالب ليبرمان بفرض عقوبة الاعدام على المخربين، ورفض التردد بشأن اطلاق النار خلال العمليات، وتعامل مع السلطة بقيادة محمود عباس كما لو كانت جثة سياسية واقترح التهديد بقتل رئيس حكومة حماس اسماعيل هنية، اذا لم يسلم جثتي الجنديين المخطوفين خلال 48 ساعة. هذا بعيد عن الخط الذي قادته القيادة العامة في الفترة ذاتها، بقيادة يعلون. لقد عملت قيادة الجيش كعامل كابح، ساعد سلوكها الموزون على تهدئة نيران المواجهة، بالتنسيق مع السلطة. ولو لم تتصرف هكذا، لساد هنا خطر كبير بتعميق الارهاب وبالتالي التهديد بانهيار السلطة في الضفة. يصعب توقع كيف سيتصرف ليبرمان في ظروف مشابهة.
أما علامة الاستفهام الثالثة فتتعلق بعلاقات ليبرمان مع الضباط. فيعلون الذي كان قائدا للجنرالات كرئيس للأركان قبل عشر سنوات، منحهم بشكل عام، الدعم واعتبر واحدا منهم. اما ليبرمان فقد اظهر خلال شغله لمناصب وزارية في الدورات السابقة، القوة ضد الضباط الكبار. وبوجوده في وزارة الأمن سيتمتع بقوة ضخمة وسيحظى بحضور جماهير كبير.
الى جانب فرص التقاط الصور بشكل دائم مع الجنود، والتي لم يفوتها أي سياسي، سيحظى بكثير من التملق. رئيس الاركان غادي ايزنكوت يعمل من خلال الشعور بالرسمية والفهم العميق لدور الجيش في الديموقراطية. ولن يستقيل هو او جنرالاته لأنه تم تعيين وزير لا يعتبر بالضرورة كأس الشاي بالنسبة لهم. لكن ايزنكوت ليس من الاشخاص الذين ينحنون امام القوة او المعايير الغريبة. ولذلك تكمن هنا محفزات الصدام على المدى الطويل.
هذه المحفزات تسري ايضا على عدد من


