يكتب براك ربيد، في "هآرتس" ان عدة جهات دولية، على رأسها رئيس الحكومة البريطانية السابق، ومبعوث الرباعي الدولي السابق، توني بلير، وقفت وراء خطاب الرئيس المصري، السيسي، امس الأول الثلاثاء، في خطوة هدفت الى تمهيد ضم المعسكر الصهيوني الى الحكومة. لكن هذه المحاولة فشلت. الخطوة التي سعى بلير الى دفعها تعتبر تدخلا مكثفا، غير مسبوق تقريبا، لجهات دولية في المنظومة السياسية في اسرائيل.
وحسب مصدرين في الجهاز السياسي فان بلير الذي عمل بالتنسيق مع رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ ومع وزير الخارجية الامريكي جون كيري، هو الذي دفع وشجع الرئيس المصري على القاء خطابه الذي دعا فيه "الاحزاب في اسرائيل" الى التوصل لاتفاق قومي حول الحاجة الى دفع السلام مع الفلسطينيين.
وعلى الرغم من انهاء مهمته كمبعوث للرباعي الى الشرق الاوسط، الا ان بلير واصل العمل بشكل مستقل في محاولة لدفع عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، وبين اسرائيل والعالم العربي. وقد وصل بلير الى اسرائيل ودول المنطقة كل اسبوعين او ثلاثة، والتقى في كل مرة تقريبا مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومع هرتسوغ واطلعهما على محادثاته مع القادة العرب. وكانت الرسالة الدائمة التي احضرها بلير معه من تلك اللقاءات هي رغبة واستعداد الدول العربية السنية لتحقيق اختراق في العلاقات مع اسرائيل. مع ذلك، كان يقول ان الامر مشروط بتنفيذ خطوات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، تظهر جدية اسرائيل في دفع حل الدولتين.
واشارت جهات سياسية مطلعة على الموضوع، وطلبت التكتم على هوياتها، انه خلال الأسابيع الأخيرة، وبشكل خاص، على خلفية التفاهمات بين نتنياهو ووزير المالية موشيه كحلون، في موضوع ميزانية العامين، فهم بلير بأن الحكومة في اسرائيل ستبقى مستقرة حتى العام 2019. وحسب هذه الجهات، فقد اعتقد بلير ان الطريق الوحيدة التي يمكن من خلالها دفع خطوة سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، بمشاركة دول عربية، تكمن في دخول المعسكر الصهيوني الى الائتلاف.
وقبل عدة أسابيع، وعلى خلفية الاتصالات بين هرتسوغ ونتنياهو، بدأ بلير محادثات معهما في محاولة لإعداد جدول عمل مشترك لهما من اجل دفع خطوة سياسية اقليمية بعد انضمام هرتسوغ وحزبه الى الحكومة. وكان نشاط بلير هو الخلفية لتصريحات هرتسوغ بشأن "الفرصة الاقليمية النادرة" لدفع العملية السلمية. وقد كشفت القناة العاشرة عن تدخل بلير في الاتصالات بين هرتسوغ ونتنياهو، مساء امس.
في الأسبوع الماضي، زار بلير القاهرة واجرى محادثات مع مسؤولين مصريين كبار من اجل تجنيدهم للخطوة. وقال مصدر في الجهاز السياسي بأن بلير هو الذي اقترح على الرئيس المصري القاء خطاب ينطوي على رسالة للجمهور الاسرائيلي وللأحزاب الاسرائيلية بشأن الحاجة الى دفع عملية السلام مع الفلسطينيين. وحسب المصدر فقد نسق بلير مع هرتسوغ خطواته مع الرئيس المصري.
كما نسق بلير خطواته مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري. واطلعه على اتصالاته مع هرتسوغ ونتنياهو والرئيس المصري. وقال مصدر سياسي انه في اعقاب ذلك فكر كيري بإمكانية تأجيل نشر تقرير الرباعي الدولي الى ان يتضح ما اذا سيدخل المعسكر الصهيوني الى الحكومة. ومن المفروض ان يتم نشر التقرير الذي ينطوي على انتقادات شديدة للمستوطنات، في 25 ايار الجاري، قبل يومين من افتتاح الدورة الصيفية للكنيست.
بعد زيارته الى القاهرة، وصل بلير الى البلاد والتقى ثانية مع نتنياهو وهرتسوغ. وعمل خلال الزيارة على مساعدة هرتسوغ لتجنيد الدعم داخل المعسكر الصهيوني للانضمام الى الحكومة. وحاول بلير تعيين لقاء مع رئيسة حزب الحركة، تسيبي ليفني، لكن مكتبها اوضح بأنها لا تستطيع ذلك لأنها كانت تجلس في مأتم شقيقها. ولكن بلير أصر على ذلك، والتقى بليفني في ساعة مبكرة في منزلها في تل ابيب، وعرض امامها الخطوة السياسية التي يحاول حياكتها.
لقد نجحت خطة بلير كما خطط لها حتى ما بعد ظهر امس. فقد القى السيسي الخطاب الذي يحمل الرسائل التي اتفق عليها مع بلير، وسارع هرتسوغ الى نشر بيان رحب فيه بالخطاب ودعا الى عدم تفويت الفرصة السياسية. وبعد عدة دقائق نشر نتنياهو بيانا مشابها قال فيه انه مستعد للتعاون مع خطوة سياسية تقودها مصر، لكنه في الساعات التي تلت ذلك وصلت المفاوضات بين نتنياهو وهرتسوغ الى باب موصد وانفجرت بعد منتصف الليل.
هرتسوغ ادعى ان المفاوضات فشلت لأن نتنياهو رفض توثيق التفاهمات بينهما بشأن البناء في المستوطنات والمفاوضات مع الفلسطينيين – عاملان اساسيان كانا سيسمحان بدفع الخطوة الاقليمية بالتعاون مع الدول العربية. وفي المقابل اوضحت مصادر في الليكود بأن نتنياهو فهم بأن هرتسوغ لا يحظى بدعم من جانب غالبية اعضاء كتلته ولذلك لم يرغب بالمخاطرة وتقديم التزامات سياسية بعيدة المدى.
وقال مصدر في الجهاز السياسي ان "هرتسوغ وبلير والسيسي لم يفهموا كيف مضى نتنياهو في نهاية الامر مع ليبرمان. لقد اعتقد بلير انه يمكنه ان يهندس حكومة نتنياهو وبنى هرتسوغ على ان الغلاف الدولي الذي سينظمه بلير سيرتب له الدخول الى الحكومة، لكن هذا لم ينجح".
ورفض مكتب بلير التعقيب، وكذلك مكتب هرتسوغ. كما لم ترد وزارة الخارجية الأميركية على التوجه اليها بهذا الشأن.


