قتل يومي واعدامات ميدانية على الحواجز ، بناء آلاف الوحدات الاستيطانية أغلبها في مدينة القدس ، هدم المنازل ، مصادرة الاراضي وبناء جدار الفصل العنصري وتهويد القدس لتهجير سكانها الاصليين ،مئات الحواجز وآلاف المعتقلين ، كلها نكبات يومية يعيشها المواطن الفلسطيني ، هذا المواطن الذي يعيش في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية حسب " اتفاق اوسلو " يتعرض لابشع الاجراءات العقابية اليومية بدون اي سبب او مبرر الا انه (فلسطيني) ، هذه الاجراءات تنتهك حقه في العيش بأمان وسلام وحرية حسب مواثيق الامم المتحدة والقانون الدولي الانساني ، وحسب كل الشرائع الانسانية ، فحياة المواطن الفلسطيني اليومية اصبحت كلها نكبات .
تأتي الذكرى السنوية الثامنة والستين للنكبة، وما تزال إسرائيل، دولة الاحتلال الوحيدة في العصر الحديث، تتنكر لمسؤليتها عن جريمة اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وتُمعن في إرهابها بحق الشعب الفلسطيني .
لقد أدت النكبة عام 1948 إلى تهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني من أرضهم وبيوتهم، أُضيف إليهم نحو 350 الفاً هُجِّروا في العام 1967، ليصبح بعد ذلك عدد الفلسطينيين الذين يقيمون خارج وطنهم أكثر من خمسة ملايين مواطن يعيشون في 59 مخيماً موزّعين في كل من لبنان والأردن وسوريا والعراق و19 مخيماً في الضفة الغربية وقطاع غزة .
وما زالت اسرائيل ماضية في سياستها العدوانية ضد ابناء الشعب الفلسطيني بعد ثمانية وستين عاماً على النكبة ، واصبح الاستيطان ومصادرة الاراضي عقبة كأداء في طريق التوصل الى حل سلمي ينهي الصراع بين الجانبين عبر طاولة المفاوضات ، لآن الاستيطان بنظر اسرائيل هو استراتيجية سياسية/ امنية وعقائدية تقوم دولة اسرائيل على اساسه ، ويسعى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لارضاء اليمين الاسرائيلي المتطرف عبر توسيع المستوطنات خاصة في مدينة القدس واضفاء شرعية على مستوطنات الضفة الغربية حتى يحافظ على سلامة ائتلافه الحكومي وضمان بقائه رئيساً للوزراء حتى لو كان الثمن وقف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني الذي يصر على ضرورة وقف الاستيطان بشكل كامل كأساس لاستمرار العملية السلمية .
ولابد من التأكيد هنا بأنه لا توجد مستوطنات شرعية أو غير شرعية ، أو مستوطنات قانونية أو غير قانونية ، فجميع المستوطنات غير شرعية وغير قانونية ، وسيتم تفكيكها عاجلاً أم أجلاً كما حدث في مستوطنات سيناء المصرية بعد توقيع معاهدة السلام مع جمهورية مصر العربية .
فالقانون الدولي يحظر التهجير القسري للمدنيين ونقل المستوطنين ، ومصادرة الممتلكات الخاصة أو تدميرها، و بذلك اصبحت عملية السلام غير موجودة وغير واقعية جراء الممارسات الإسرائيلية اليومية
لقد أصبح الاستيطان بالفعل نكبة جديدة تحل على الفلسطينيين بشكل يومي وأصبح كابوساً يؤرق حياتهم اليومية . وهو يعبر عن سياسة تطهير عرقي تمارسه إسرائيل بحق المواطنين الفلسطينيين منذ العام 1948 عندما دأبت على الاستيلاء على اكبر قدر ممكن من أراضي فلسطين التاريخية وإزالة معظم القرى والاحياء العربية من مستقبل الدولة اليهودية المنتظرة ، فقد ارتكبت مجازر وعمليات طرد جماعي وقتل واغتصاب تنضوي جميعها تحت صفة (التطهير العرقي ) .
وبشكل اكثر تحديداً فإن سياسة التطهير العرقي كما عرفتها الأمم المتحدة تهدف الى تحويل منطقه مسكونة من قبل أعراق مختلطة الى مساحة تتميز بالنقاء العرقي ، حيث تعتبر كافة الوسائل مبرره لذلك ، ويصنف القانون الدولي مثل تلك السياسة على انها جريمة ضد الانسانية ، وقد جاء تعقيب وزارة الخارجية الأمريكية في حينه بأن تصحيح تلك الجرائم يتم فقط عبر اعادة كافة الذين هجروا أو طردوا بسبب عمليات التهجير الى ديارهم ، وبذلك تتحمل اسرائيل المسؤولية عن خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وأنها وحدها تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تشريد شعب بأكمله عن أرضه ووطنه ، وعلى القيادة الفلسطينية التمسك بموقف مبدأي فيما يخص قضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها عملية تطهير عرقي من أجل ضمان أن لا يتجاهل أي حل سياسي جذور الصراع
ان التغاضي عن أصل مشكلة اللجوء والابتعاد عن جذور المشكلة التي أدت الى الهجرة هو أمر في غاية الخطورة ، لانه يهدف الى التلاعب في التعريف (السياسي والقانوني) للاجئ الفلسطيني ، لأن اللاجئ الفلسطيني هو نتاج عملية غزو خارجي أعقبها حرب تطهير عرقي للارض والانسان الفلسطيني ، وبالتالي لم تكن اللاونروا نزيهه في تعريف اللاجئ الفلسطيني بل كانت مُنحازة ضمن مؤامرة سياسية دولية كبرى .
لقد كفلت الأمم المتحدة ممثلة الشرعية الدولية عبر قرارها الصادر عنها رقم 194 هذا الحق للفلسطينيين الذين يصرون على تطبيقه مهما تقادم الزمن عليه، مع العلم ان هذا الحق لا يسقط بالتقادم ، في حين أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تتجاهله وتصر على رفضه وعدم الإعتراف به ، وان اي تعريفات امريكية او اسرائيلية ، وأي مصطلحات يستخدمونها لتبرير سياستهم للتلاعب في حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف لن تمُر مرور الكرام، وان كل محاولات التوطين ستبوء بالفشل .
واليوم وبعد ثمانية وستين عاماً على النكبة ، نؤكد ان الشعب الفلسطيني سيبقى متمسكاً بثوابته الوطنية وعلى رأسها حق العودة، ويرفض مشاريع التوطين مهما كانت غاياتها او مسمياتها ولن يقبل الا بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والقرار 194 بما ينص عليه من حق عودة اللاجئين الى ديارهم ، والمطلوب من الولايات المتحدة اليوم احترام القانون الدولي، واحترام كلمتها حين صوتت بالموافقة على القرار 194 في الامم المتحدة والعمل مع الشركاء الدوليين على اجبار اسرائيل لانهاء احتلالها للاراضي الفلسطينية واحترام قرارات الشرعية الدولية ، ودعم اقامة دولة فلسطينية حقيقية على الارض بعد حصولها على الاعتراف بالدولة من الامم المتحدة .


