خبر : (نهفات) موسى إبراهيم ...د. عبدالله السعافين

الإثنين 25 أبريل 2016 09:29 ص / بتوقيت القدس +2GMT
(نهفات) موسى إبراهيم ...د. عبدالله السعافين




صديقي الصحفي اللبناني موسى إبراهيم، المذيع والمسئول في عدة قنوات فضائية سابقاً وحاضراً، والكاتب الروائي، والفنان التشكيلي، ابن بلدة عيناتا في الجنوب اللبناني، شخصية من النوع الفريد، فيلسوف مثقف وفنان مرهف وإعلامي متميز وأديب قدير. لما عرف حبي للطبيعة والبساطة والجنوب وأهل الجنوب، دعاني لزيارة بيت العائلة في عيناتا، التي هي بلدة العلامة الراحل محمد حسين فضل الله رحمه الله.
قاد موسى سيارته المريحة وكنت إلى جانبه، مغادرين جنوب بيروت إلى جنوب لبنان. بعد مضي ساعتين، شعرت أن موسى يقود السيارة على غير هدى، فسألته: كم بقي من الوقت حتى نصل؟ ضحك وقال بهدوئه المعتاد: بصراحة نسيت من وين نفوت للضيعة!! ثم أضاف معتذراً: أنا مش عم بطلع لفوق كتير..(أي أنه لا يزور الجنوب كثيراً)! لم أشعر بالضجر لأن جمال الطبيعة كان يستهويني بلا حدود...استرخيت في مقعدي وتركت لموسى مهمة العثور على الطريق الصحيح، وكان يتوقف بين الحين والآخر ليسأل سائقاً آخر أو صاحب دكان عن الطريق إلى عيناتا، وكنت أراقبه وأبتسم. وعندما دخلنا بنت جبيل المجاورة قال لي: عمرك شفت حدا بضيع عن طريق ضيعته؟!
في البيت المشرف على الوادي، استقبلنا والده السيد رحمه الله، ووالدته أم محمد، وشقيقه نسيم. أما السيد فحدثني عن أيام انتشار المقاومة الفلسطينية في الجنوب، وكيف حمل أبناء الجنوب وهو واحد منهم السلاح إلى جانب المقاتلين الفلسطينيين. ومما قاله أن كل فصيل كان له مواقعه وكلمة السر الخاصة للدخول إليها ليلاً. وكان ذلك يشكل عبئاً على المتطوعين الذين ينبغي أن يحفظوا كلمات السر الخاصة بمواقع الفصائل المختلفة. ذات يوم توجه إلى معسكر الفصيل الذي ينتمي إليه، فطلب منه الحارس كلمة السر، فقالها، لكن الحارس طلب منه أن يذكر 12 كلمة سر لإثني عشر فصيلاً لأن هناك اجتماع للفصائل في الداخل، فنظر إليه السيد وقال: ثورة لا تتفق على كلمة سر واحدة كيف بدها تحرر وطن؟! ثم سلم بندقيته للحارس وقرر من يومها ترك العمل معهم.
حدثني السيد أيضاً عن موقع العباد العسكري التابع للإحتلال الإسرائيلي وقتها، والذي دمره مقاتلو حزب الله، وكانت بقايا أبراجه تبدو واضحة على امتداد البصر من مكان جلوسنا في الشرفة المطلة على الوادي. كانت أم محمد تنشغل في لف ورق العريش الذي لم أذق بمثل لذته إلا ما كانت تصنعه زوجتي الراحلة منال رحمها الله. أما نسيم، فكان ينشغل بمهمة الشواء على الفحم، تجهيزاً لوجبة الغداء، وكان في الأثناء يحدثني عن تجربته في أفريقيا، حيث كان يعمل هناك في التجارة، وعن المنافسة بين اللبنانيين واليهود الذين ينشطون أمنياً وتجارياً في كل دول أفريقيا وغالبيتهم من المتقاعدين في جيش الإحتلال.
كانت زينب، طفلته الصغيرة الجميلة لم تتجاوز العامين، وكانت رغم صغرها تقلد عمها موسى في ضحكته، وتقلد السيد حسن نصر الله في بعض خطاباته. وكنت أحملها لأبعدها عن الأرجيلة التي تتصاعد رائحة معسل التفاح الجميلة منها، فتختلط مع الهواء الطازج المعبق بروائح الزهزر الجبلية.
أما الببغاء الذي أحضره نسيم، فقد كان يستقبل كل من يدخل البيت ماراً أمامه بكلمة (بنجور) أي صباح أو مساء الخير بالفرنسية. لكن نسيم المشاكس علم الببغاء أيضاً أشياء أخرى سياسية. فإذا سألت الببغاء مثلاً: الحريري شو؟! يجيبك: الحريري حرامي! اقترحت على موسى أن يحضر معه الببغاء إلى بيروت فقال ضاحكاً: بلاش تولع حرب أهلية (يقصد بين السنة والشيعة!)..
وللحديث بقية...



90

541