تناولت الصحف الإسرائيلية كافة، الاتفاق المصري السعودي على اعادة جزيرتي تيران وسنفير، الواقعتين عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة على البحر الأحمر، الى السعودية. وكتبت ان القاهرة أطلعت اسرائيل مسبقا على القرار، فيما اوضحت السعودية علانية بأنها لن تمس بحرية الملاحة في مضائق تيران وستحترم الاتفاق بين اسرائيل ومصر بهذا الشأن.
وكتبت "هآرتس" في تقرير موسع حول الموضوع ان ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، يقوم حاليا بزيارة الى مصر، كجزء من الجهود المتواصلة بين البلدين لتعزيز العلاقات بينهما. وأعلن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في نهاية الأسبوع، عن اقامة جسر يربط بين البلدين. ويتوقع بناء هذا الجسر بالقرب من الجزيرتين الصغيرتين. وقالت ان المجلس الوزاري المصري صادق امس على الاتفاق بشأن اعادة تيران وسنفير الى السعودية، فيما نقلت عن مسؤول رفيع في الحكومة المصرية قوله ان تسليم السعودية السيادة على هاتين الجزيرتين الواقعتين على مسافة 10 كلم تقريبا من كل دولة، يأتي وفقا لاتفاق تم التوصل اليه بعد مفاوضات استغرقت ست سنوات حول الحدود المائية للبلدين.
وتسيطر تيران وسنفير على المسار البحري الى ايلات والعقبة، وتبحر سفن سلاح البحرية الاسرائيلية عبر مضائق تيران بين الحين والآخر، خلال التدريبات او العمليات العسكرية. كما تمر عبر هذا المعبر السفن التجارية من ايلات واليها. وكانت السعودية تسيطر على تيران وسنفير حتى العام 1950، وفي حينه نقلت السيادة عليهما الى مصر خشية سيطرة اسرائيل عليهما. وقد احتل الجيش الإسرائيلي هاتين الجزيرتين فعلا في عملية سيناء (العدوان الثلاثي) في 1956، لكن اسرائيل أعادتهما الى مصر بعد اربعة أشهر، مقابل ضمانات دولية تسمح لها بحرية الملاحة، ونشر قوات دولية في سيناء. وعشية حرب الأيام الستة، اعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر، عن اغلاق مضائق تيران وطرد القوات الدولية. واوضحت اسرائيل بأن هذا القرار يشكل سببا للحرب، وقامت باحتلال الجزيرتين. وفي اطار اتفاق السلام الاسرائيلي المصري اعادت اسرائيل الجزيرتين الى مصر في عام 1982، مقابل ضمان حرية الملاحة المطلقة لإسرائيل في المضائق. ووفقا لاتفاق السلام الموقع عام 1979، ترابط في الجزيرتين القوات المتعددة الجنسيات.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نشرت في السابق بأن اسرائيل اعربت عن قلقها ازاء امكانية اعادة الجزيرتين الى السيادة السعودية، واوضحت للقاهرة بأنها ستعتبر خطوة كهذه بمثابة خرق للاتفاق. ورغم ذلك، فقد اوضحت اسرائيل للقاهرة خلال الاتصالات الاخيرة بهذا الشأن انها لن تعارض اعادة الجزيرتين الى السعودية مقابل ضمان حرية الملاحة لها وضمان بقية الالتزامات المصرية في اتفاق السلام.
وقبل اسبوعين ابلغ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، المجلس الوزاري السياسي – الأمني، بالخطوة المتوقعة. وتدعي وجهة نظر اعدتها وزارة الخارجية والجهاز الأمني ان تحويل السيادة الى السعودية لن يؤثر سلبا على اتفاق السلام مع مصر، وحاليا يعمل رجال القانون في عدة مكاتب حكومية على اعداد وجهة نظر شاملة في الموضوع. وكانت الولايات المتحدة ضالعة في الاتفاق، ولم تعارض تحويل السيادة الى السعودية، كما لم تعارض ذلك القوات الدولية المرابطة في سيناء. كما تم اطلاع الملك الأردني على القرار خلال اجتماعه بولي العهد السعودي في عمان.
واوضحت مصر لإسرائيل والولايات المتحدة بأنه سيتم الحفاظ على حرية الملاحة في مضائق تيران، واحترام اتفاق السلام بين البلدين. كما قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، امس الأول، خلال اللقاء مع محرري الصحف المصرية في القاهرة، ان بلاده لن تتعاون مع اسرائيل ولن تجري تنسيقا معها، لكنها ملتزمة بكل الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر، بما في ذلك اتفاق السلام مع اسرائيل، وستلتزم بكل ما يشتق عن هذه الاتفاقيات.
ويحدد اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر، الابقاء على مضائق تيران مفتوحة امام الملاحة الاسرائيلية وان تشكل معبرا بحريا دوليا. وحسب احد بنود الاتفاق فان "السفن الاسرائيلية وسفن الشحن الخارجة منها او القادمة اليها، تتمتع بحق العبور الحر عبر قناة السويس، وعبر خليج السويس والبحر المتوسط". كما يحدد بأن الأطراف تحترم حق بعضها بالملاحة والطيران من اجل الوصول الى كل دولة عبر مضيق تيران وخليج العقبة.
وأثار تسليم السيادة على الجزيرتين للسعودية، احتجاجا في الشارع المصري، واتهم الكثيرين الرئيس السيسي بالخنوع امام الرياض الثرية. وجرت في ميدان التحرير في القاهرة، تظاهرة ضد تحويل السيادة، تم خلالها اعتقال خمسة اشخاص على الأقل. وطالب بعض المعارضين بطرح الاتفاق للاستفتاء والتصويت عليه في البرلمان.
وقالت جهات مصرية رفيعة ردا على الاحتجاج ان القرار يشكل تصحيحا مطلوبا لأن الجزر كانت تابعة للسعودية منذ البداية. وقال الناطق بلسان الخارجية المصرية احمد ابو زيد ان "التواجد المصري في الجزيرتين لا يعني انها تخضع للسيادة المصرية". وكتبت صحيفة "الأهرام" في افتتاحيتها ان "مصر لم تتنازل ابدا عن سنتمتر واحد من أراضيها في أي ظرف.. وليس من المنطقي منع اخوتنا من الحق على أراضيهم". كما اوضح المؤيدون للاتفاق بأنه يشكل فرصة لتجنيد استثمارات بقيمة عشرات مليارات الدولارات للاقتصاد المصري المتدهور.


