غزة / سما / نظم مركز رؤية للدراسات والأبحاث امس السبت ورشة عمل موسعة لمناقشة التقرير الاستراتيجي للأمن القومي الإسرائيلي الصادر عن معهد أبحاث الامن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل ابيب، بعنوان( قراءة في الفرص والتحديات التي تواجه الامن القومي الاسرائيلي خلال الفترة المقبلة.) من خلال تقديم قراءة وتحليل للتقرير من مجموعة من الباحثين السياسيين، عبر تقسيم التقرير لأربع محاور رئيسية ، هي المحور الدولي والمحور الإقليمي ومحور العلاقة الفلسطينية الاسرائيلية والمحور الاسرائيلي، حيث رصد أبرز التحولات في البيئة المحيطة باسرائيل ولا سيما الساحة السورية، ورصد ملامح الفكر الوقائي الإسرائيلي وتحديد نهج عملها سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً واقتصادياً .
و وضع توصيات بشأن الاستراتيجية التي ينبغي العمل عليها خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي بدابة الورشة رحب الأستاذ مصطفي زقوت رئيس مركز رؤية للدراسات والأبحاث بالحضور والباحثين.
وأكد على أهميه التقرير الذي يتناول البيئة الدولية والاقليمية والفرص والتحديات المقبلة أمام اسرائيل وكيفية استغلال اسرائيل للوضع الاقليمي بهدف تحسين الامن القومي الاسرائيلي، بحيث تبقى اسرائيل دولة مسيطرة في المنطقة.
وخلال الجلسة الأولى تم تقديم ورقتين بحثيتين، تناولت الورقة الأولى التي قدمها الدكتور أبراهيم المصري أستاذ العلوم السياسية والباحث بمركز التخطيط الفلسطيني، العلاقة الاسرائيلية الفلسطينية والرؤية الاسرائيلية للوضع في الأراضي الفلسطينية، ومستقبل عملية السلام.
حيث أكد أن التقرير أعتبر أن الموضوع الفلسطيني هو التحدي الاستراتيجي الرئيسي الماثل أمام إسرائيل، رغم أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني منعزل نسبيا عن الصراعات الأخرى التي تدور في المنطقة. بسبب تراجع الهوية القومية فى أجزاء واسعة من الشرق الأوسط، والتي همّشت المسألة الفلسطينية بعد ما كانت طوال سنوات كثيرة محط إجماع مركزي موحِّد فى الساحة العربية والإسلامية، لصالح الصراعات الطائفية والمذهبية والاجتماعية.
وأكد أن التقرير يرى أن من شأن خطة سياسية متعددة المسارات فى الساحة الفلسطينية أن تشكل أساسا لتحسين وضع إسرائيل من عدة وجوه.
ويؤكد التقرير أنه ينبغي لهذه الخطة أن ترتكز على عملية تشمل خطوات متوافق عليها: تهيئة الظروف الميدانية الملائمة لتسوية سياسية، يواكبها تسريع وتطوير البنى التحتية للدولة الفلسطينية المستقبلية (ومن ضمنها فى قطاع غزة).
ومن شأن عملية حوار إيجابى بين إسرائيل والفلسطينيين أن تحصن العلاقات الاستراتيجية مع مصر والأردن)، وأن تشكل عتبة قفز ضرورية في الساحة الإقليمية.
وتناولت الورقة الثانية المحور الإقليمي للأمن القومي الاسرائيلي التي قدمها الباحث السياسي الأستاذ/منصور أبو كريم، الباحث في دائرة أبحاث الأمن القومي بمركز التخطيط الفلسطيني ، حيث أكد أن التقرير يرى أن أحد سمات السنوات الخمس الماضية التوترات والصراعات التي تدور في وقت واحد، التي كان أولها: الصراع الاجتماعيّ الاقتصاديّ الذي أشعل الربيع العربي و أعتبر أن الصراع الثاني هو الصراع الطائفيّ بين السنة والشيعة حول الهيمنة الإقليمية، ضدّ الهيمنة المتنامية للمحور الشيعي بقيادة إيران، ورأى أن التقرير ينظر للبرنامج النووي الإيراني بعين القلق.
حيث يعتبر التقرير أن إسرائيل تقف وحيدة في مواجهة الاتفاق النووي مع إيران والذي حمل آثارا سلبية عليها، أبرزها منح شرعية لبرنامج إيران النووي وتطويره في المدى الطويل لاختصار الزمن اللازم لإنتاج قنبلة نووية، بينما يؤدي رفع العقوبات عن إيران إلى زيادة مواردها المالية التي تستخدمها في تمويل الإرهاب وتعظيم قدراتها العسكرية التقليدية في المدى القصير.
وأكد أن التقرير ينظر إلى التطورات في سوريّة وانعكاساتها على لبنان هي الأكثر عصفًا في محيط إسرائيل، لذلك فإنّها تثير الانتباه، لافتةً إلى أنّه من الصعب التنبوء “بالشوط النهائي” المستقبلي على هذه الساحة السورية،
ووضح أبو كريم أن التقرير الاستراتيجي الاسرائيلي أكد على مجموعة من الإجراءات الوقائية الإسرائيلية للسنوات الخمس المقبلة، من بينها ضرورة الاستعداد لمواجهة التهديد النووي الإيراني في المدى الطويل، عبر اتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من استفادتها القصوى من المدى الزمني الذي يتيحه الاتفاق وبناء قدرات جديدة للتعامل مع جميع أبعاد النشاط الإيراني. كما يدعو إلى ضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن إيران، والاستعداد لتفكك النظام السياسي القائم في الشرق الأوسط، إلى عدة دول وأحكام ذاتية وجيوب أوْ كيانات أخرى عرقية أوْ دينية متفرقة، لذلك من الصواب أنْ تفتح إسرائيل علاقات سرية وعلنية أيضًا مع مجموعات عرقية ومع أقليات ولاعبين آخرين غير معادين لإسرائيل، مع ضرورة طرح مبادرة سياسية تكون جسر عبور لإسرائيل نحو المحيط الإقليمي.
وخلال الجلسة الثانية التي تناولت ورقتين بحثيتين، تناولت الورقة الأولى البعد الدولي للأمن القومي الإسرائيلي وقدمها الباحث السياسي الأستاذ حسن سلامة.
حيث أكد أن التقرير تناول طبيعة علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بإسرائيل من خلال عدة نقاط كان من أبرزها: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة مساعي الرئيس الأمريكي أوباما عن مساعيه لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وتفضيل السلطة الفلسطينية العمل على الساحة الدولية وعدم اهتمامها بمسار المفاوضات مع إسرائيل. وخشية إسرائيل من تحويل الموضوع الفلسطيني إلى الساحة الدولية خاصة بعد إطلاق فرنسا للمبادرة الفرنسية وهي عضو كامل العضوية في مجلس الأمن. وأكد أن التقرير يطالب بمراقبة التطورات الجارية في الاتحاد الأوروبي والأزمات التي تعصف به والتي يمكن أن تعكس تأثيراتها على سياسات الاتحاد الأوروبي مثل الأزمة اليونانية وتصويت على خروج أو بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي في عام 2017، والخشية من اتخاذ دول أوروبية نفس الطريق. والاهتمام بالتوتر القائم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بسبب الانتقاد المتزايد لسياسة إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية والإجراءات الاقتصادية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل بسبب نشاطها الاستيطاني.
وتناول التقرير العلاقة مع الصين بشقيها الاقتصادي والسياسي من خلال التأكيد أن العلاقات بين إسرائيل والصين مرتبطة بالعلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وضرورة أن تكون الاعتبارات الاستراتيجية في مقدمة تحليل العلاقات بين إسرائيل والصين.
و تناولت الورقة الثانية البعد المحلي الإسرائيلي، التي قدمها الاستاذ أبراهيم أبو عمشه الباحث السياسي والعسكري، حيث تناول في ورقته المحور الوضع الداخلي في إسرائيل الذي تميز بفشل التعايش بين اليهود والفلسطينيين في داخل الخط الأخضر، حيث تميزت الساحة الداخلية الاسرائيلية بالذعر والارتباك والعزلة والعداء للعرب بنحو حاد يقترب من التحريض الواضح، وأكد أن التقرير طالب بالعمل على تمكين الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات وتعزيز التكيف الاجتماعي من خلال اجراء حوار سياسي وثقافي بين مكونات المتجمع الإسرائيلي بهدف تعزيز مفهوم التعايش والابتعاد عن كل ما يوتر الساحة الداخلية الإسرائيلية.
وفي نهاية الورشة قدم مركز رؤية مجموعة من التوصيات التي جاءت بهدف التصدي لخطر السياسات المتوقعة من تنفيذ هذا التقرير، خاصة في ظل بروز مؤشرات تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية قد بدأت منذ اليوم الأول للصدور التقرير العمل على تغير سياساتها فيما ينسجم مع تلك التوصيات، وخاصة في الشأن الفلسطيني بضرورة عدم انهيار السلطة الفلسطينية وتقديم حزمة تسهيلات اقتصادية لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية.، ومن من أهم تلك التوصيات ما يلي:
1- العمل على ضرورة انهاء حالة العداء والصراع الإقليمي بين الدول العربية وإيران، بهدف تفويت الفرصة على اسرائيل، من أجل عدم استغلال اسرائيل حالة الصراع السياسي والمذهبي وبناء تحالفات اقليمية تحقق المصالح الاسرائيلية والتوسع في المنطقة.
2- ضرورة فهم معمق لطبيعة التغيرات التي سوف تشهدها السياسية الإسرائيلية خلال المرحلة القادمة بناء على هذا التقرير، على مستوي عملية التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي، أو على مستوي محاولة فتح آفاق جديدة للتعاون مع الدول العربية المجاورة بناء على هذه السياسة.
3- ادارك أن المساعي الإسرائيلية في الوصول لتسوية سياسية مع الفلسطينيين الآن ، أصبحت مصلحة استراتيجية اسرائيلية، من أجل أن تكون هذه التسوية السياسية جسر عبور لإسرائيل نحو الدول العربية المجاورة بهدف فتح مجال للتعاون في كافة المجالات، لذلك يتوجب على القيادة الفلسطينية ادارك هذه الحقيقية بشكل جيد في محاولة لاستغلال التوجهات الاسرائيلية الجديد بما يضمن الحصول على الحقوق الوطنية الفلسطينية.
4- على ايران والدول الاقليمية المجاورة الأخرى، أن تدرك أن المخاوف العربية من التمدد الإيراني في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية للبعض الدول العربية ، قد يدفع الدول العربية لبناء تحالفات استراتيجية مع اسرائيل، يسمح لها بالتغلغل في المنطقة العربية، لذلك يتطلب من إيران والدول العربية التوصل لا تفاهمات مشتركة قائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الداخلية للدول، من أجل التوحد في مواجهة اسرائيل
5- العمل على تقوية الجبهة الداخلية في المجتمعات العربية من خلال تعزيز قيم ومفهوم المواطنة ومنع استغلال قضية الاقليات بهدف التصدي لكل محاولات استخدام القوى الاقليمية مشكلة الاقليات في ضرب الامن القومي العربي.
6- ضرورة استقدام خبراء لصياغة استراتيجيات فلسطينية لخطة مستقبلية مرنة تحمل بين ثناياها التعامل مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية يشارك فيها الأكاديميون والباحثون ورجال السياسة والمختصون بالشأن الوطني والإسرائيلي للخروج.
7- بصياغة وتصورات لسياسة فلسطينية تواجه الاستراتيجيات الإسرائيلية.
ضرورة عمل مؤتمر سنوي فلسطيني يناقش مرتكزات الأمن القومي الفلسطيني ومهدداته والعمل على معالجتها وتثبيت عوامل قوتها.