الدّكر ، الفرد ، الحاكمُ الصارِمُ القائد .. هو ما نحتاجه ، مع الإحترام لكل نظريات الأمس واليوم و أحلام الغد ، و الديمقراطية و الحرية ، و الشعب يختار و الشعب يحكم ، و محاربة الديكتاتورية و السلطة الفردية ، إلا أن الواقع ، أثبت و يثبت كل يوم أننا في مسيس الحاجة إلى هذا الديكتاتور الفرد الحاكم بأمره .
و أننا شعب ، لا نهضم و لا نستوعب الحرية ، بل لا نريدها ، نفهمها ، و نكتب عنها ، و نُجيد فن الخَطابة و المطالبة بالحريات ، وسرعان ما نحوّل كاتب مقال أو ناظم اشعار الحرية و الديمقراطية إلى رمزٍ لها ، و حاكم لمملكة الحرية ، و أمير لدولة الشفافية ، و زعيم للفكر الحر ، و نعود من حيث لا ندري للفردية ، و يعود هو بنا إلى ذات المصيبة ، و ذات الدائرة ، هو الشاعر ، هو المفكر ، هو المبدع ، هو الفيلسوف الذي يُشكِّل عقولنا ، و يبني لنا مستقبلنا وُفق مفاهيم و قواعد و نظريات يتبناها ، و علينا أن نُقدّس شعره ، و نخلي الساحة لنزار في العشق و المرأة ، و لدرويش في الفكر و الفلسفة و الوطنية ، و لنجيب محفوظ في السهل الشعبي المُمتنع الأدبي ،و للعقاد في العبقريات ، و لمُظفر في النظم الناقد اللاذع الساخر المُخاطِر ، ولفلان و علّان ، كلٌ ملك في مجالِه ، و لكلٍ خصائص تَفَرُّده التي تجعل منه أيقونة و رمزا ... وقس على هذا المبادئ الإجتماعية و الحلول الإقتصادية و غيرها بدءاً من ماركس و إنغلز ، مروراً بماو ، و حتى كاسترو ، و جيفارا .. كلهم أفراد ، و كلها طرق و مذاهب ، هل كان ديغول و الديغوليه إلا صرخة للحرية و الإخاء و المساواة ؟ و لكنها ظلت أفكار لزعيم ، يتزعمها فرد و إن كان ينادي بالحرية و الشفافية و الديمقراطية ، أو الإشتراكية ، أو كلاهما ، فما على الشعب إلا أن يفقد حريته ليتحرر على طريقة الفرد المفكر ، القائد الملهم ، المهيب صدام ، أو الخالد ناصر ، و الرمز ياسر ..
نحن ، باغلبيتنا كبشر ، نحب أن نمشي على طريقٍ لكاهن رائع .. نحب أن نكون تابعين ، أن نكون مُوالين ، أن نستسلم و نتنازل عن حريتنا لمن يحررنا هو بطريقته ، لذلك ، كانت الإنقلابات ، و الصحوات ، و التدافع ، و الثورات ، و المظاهرات ، و الرفض و النقد ، حتى في أعظم صروح الديمقراطية و أرقى المجتمعات الإشتراكية ..
و في حالتنا الفلسطينية ، و نحن بشر، وفي حاجة لهذا القائد الدكر ، القائد الفذ المهيب الركن الملهم ، لا نختلف كثيراً عن باقي شعوب الأرض ، و إن تظاهرت بأنها متحررة و ديمقراطية و ترفض حكم الفرد ، نحن في حالتنا محتاجون إلى ذلك الزعيم الذي يطوع عنفوان و عناد حماس ، و ذكاء و دهاء و سياسة فتح ، و فلسفات و ثقافة و جدليات الجبهات اليسارية ، كلها في خدمة طريقه هو ، نعم طريق الفرد الفذ ، الذي سيصبح بتلقائية ، طريق الشعب ، و عقيدته ، و أسلوب حياته .. نريد هذا القائد حياً ، ففي رحلة البحث عنه ، تعبنا و نحن نجتر الماضي و نَحِنّ إلى ذكريات ناصر و عرفات و صدام ، نريد إسماً جديداً حياً بيننا ، يقودنا نحو ما يريده هو لنا ، و سوف نقتنع و نلتف حوله ، و سنصدق كل ما يقول ، ونحلف بحياته ، و نصفق له كثيراً كثيراً ، و نغني بإسمه ، و نعلق صوره في الميادين و الصالونات و نطبعها على عملتنا و قمصاننا ودفاترنا و في قلوبنا.
مطلوب قائد ، كاريزمي ، فصيح اللسان يُلهب المشاعر إن خطب في الحُشود ، قوي الشكيمة ، بَهيّ الطلّة أطول من المتوسط ، عريض المنكبين، في أواخر الثلاثينات أو أوائل الأربعينات ، من يجد في نفسه هذه المواصفات ، برجاء أن يتقدم خطوة للأمام ، و يعلن نفسه حاكما علينا ، بالإنتخاب ، بالذوق بالعافيه ، نحن موافقون .


