غزة توجد في العناوين، ليس فقط بسبب الانفاق. رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال هرتسي ليفي، اثناء استعراضه في لجنة الخارجية والامن في الاسبوع الماضي، تحدث عن التدهور الاقتصادي وتأثيره في قطاع غزة. وكذلك الحكومة ايضا.
الوضع الحالي في غزة – نقص في مياه الشرب، نقص في الكهرباء، البطالة، الجوع، اضافة الى عدم وجود الاعمار – هو الذي يجعل مئات آلاف الغزيين يعرضون حياتهم للخطر من اجل محاولة الدخول الى اسرائيل لايجاد العمل. وهذا هو الوضع المقلق الذي يتحدث عنه رئيس الاستخبارات العسكرية. إن سيناريو آلاف السكان الذين يقتحمون الحدود مع اسرائيل والرد العسكري على ذلك قد يعملا على تدهور الوضع الى اتجاهات غير مرغوب فيها.
الوضع في غزة ليس نتيجة الجرف الصامد فقط. ففي حرب التحرير قام الكثيرين من العرب في جنوب البلاد ومركزها بالذهاب الى المنطقة الصغيرة في القطاع وحولوها الى مخيم واحد كبير للاجئين. وخلال فترة بسيطة تحول الى دفيئة للارهاب. كانت اسرائيل تعرف الغليان في غزة، وبعد حرب الايام الستة اقترح الوزير بدون وزارة، شمعون بيرس، المباشرة في عملية دولية لبناء بيوت دائمة للاجئين والقضاء على المخيمات. إلا أنه بسبب ضغط الدول العربية التي عارضت أي حل لمشكلة اللاجئين باستثناء "حق العودة"، توقفت هذه الفكرة من قبل الامم المتحدة.
ايضا "خطط السلام" المختلفة تجاهلت مشكلة غزة الحقيقية. جهات اجنبية، على رأسها تركيا، تتهم اسرائيل بالوضع الصعب في غزة وتتجاهل عن قصد، ليس فقط عن التاريخ والظروف التي أدت الى عملية الجرف الصامد والدمار الذي جاء بعد ذلك – رغم حقيقة انسحاب اسرائيل من جميع اراضي القطاع وعدم وجود مسؤولية قانونية أو اخلاقية – ما زالت اسرائيل متهمة بالمسؤولية عن الحصار الامني على القطاع. الحقائق مختلفة: مصر والسلطة الفلسطينية هما السيادة في غزة، وكل واحدة لها اسبابها التي تدفعها الى عدم الاهتمام باعمار القطاع طالما أن حماس تسيطر عليه. أما حماس فهي لا تريد الحرب الآن ولا تريد ايضا السلام الذي يصنع الاعمار الحقيقي في القطاع أو في جزء منه.
دول عربية مختلفة ايضا وعدت بالمساعدات المالية وهي تتجاهل عن وعودها. أما وكالة الغوث للاجئين، من اجل تبرير وجودها، لا تسارع الى اعادة الوضع الى طبيعته. والنتيجة هي: صفر اعمار وصب المزيد من الزيت على النار.
لن تكون حلول لمشكلات غزة حتى لو وجد حل سياسي أو تم رفع الحصار، دون الحديث عن المشكلة الديمغرافية. أي الحاجة الى نقل عدد كبير من السكان الى خارج القطاع، سواء الى مناطق السلطة الفلسطينية أو الى احدى الدول العربية.


