خبر : غزة ما بين المفتاح والرزة ...د. رمضان بركه

الجمعة 26 فبراير 2016 01:32 م / بتوقيت القدس +2GMT




كتب الكتاب الكثير عن غزة وأهلها , سمعنا كتابا يصرخون ارحموا غزة , وارحموا الإنسان في غزة ... وكل ساعة ويوم يكتب في غزة عن ظلم الناس وقهر أهل غزة . والحقيقة التي لا جدال فيها بان مفتاح غزة هو بيد إسرائيل وحدها, وهي من خطط تخطيطا استراتيجيا لوضع غزة في قفص مغلق, وهذا ضمن خطة ( حقل الشوك) التي أعدها جيش إسرائيل ومفادها جعل مدن الفلسطينيين أقفاصا ذات بوابات مسيطر عليا بإحكام ..؟
وإذا ما وقفنا أمام ذواتنا بصدق وصراحة ندرك ذلك الواقع المؤلم , وهناك منا من يصر على الوهم ويكابر, ويقول الأمل في السماء, وسماؤنا يا ساده ملك لليهود بلا منازع , وللموضوعية والدقة نحن نتلهى باللعب في الرزة, والتي تمثل غزة من الداخل , حيث فيها ما يكفيها من قهر لإنسانية الإنسان وآلم الحياة وضغوطها بطعم العلقم , والآنيين والشكوى تكاد تكون من الجميع , ونسمع في كل الأماكن والأزقة حكايات وقصص يومية, وثقافتنا أصبحت قيل وقال ومدلولها متدني لدرجة الغثيان , وقيل في السابق بان انحطاط الثقافة أو ارتقائها يرتبط بالوضع المعيشي والاقتصادي في المجتمع, وان كان هناك نهضة اقتصادية تطورت الثقافة الإنسانية. ولكن في وطني هيهات , وبما أن غزة مفتاحها في عصمة صناع الأمن والسياسة في إسرائيل فهي حاضرة كل ساعة ويوم على طاولة البحث والمتابعة, وفي هذا السياق يحضرني ما قاله قبل أيام قليلة , هرتسي هليفي رئيس شعبة الاستخبارات في جيش العدو حول غزة والضفة,و موجها كلامه لصناع السياسة في إسرائيل, ومعتمدا على تقرير الأمم المتحدة والذي بدوره تنبأ بكارثة إنسانية وبيئية في غزة خلال السنوات الثلاث المقبلة , محذرا إن لم يتم تحسين الوضع الحالي في غزة بان الأمور ستنفجر في وجه إسرائيل, وبنوع من الحنكة الأمنية ؟, عبر عن قلقه من اليوم الذي سيغيب فيه الرئيس محمود عباس عن الساحة السياسية , وانه لا يوجد وريث طبيعي له ؟؟؟ , وتنبأ هليفي بأن حماس ستسعى للسيطرة على مؤسسات السلطة في الضفة بالوسائل السياسية , مستبعدا الانقلاب العسكري من طرفها كما حدث في غزة, ورسالته الثالثة تضمنت إشادة بقوة حماس وسيطرتها على غزة وبذلها جهد لمنع حدوث تصعيد مع إسرائيل, وبأنها تعمل على لجم باقي التنظيمات في غزة وتمنعها من إطلاق الصواريخ على إسرائيل, واختتم حديثه طبعا المسرب لوسائل الإعلام؟, بأن اللجم الأهم هو تحسين الوضع الاقتصادي في غزة ,ولكن رغم قناعتي وقناعة ذوي الألباب , بأن ما تداوله هليفي وخبراء السياسة والأمن في إسرائيل وراء الكواليس يختلف عما سربه مسئول استخبارات الجيش, وللوهلة الأولى من قراءة رسائله فانه يبرز قلقا على الوضع الإنساني في غزة يأتي تحت بند إشاعة الأمل في نفوس الناس, ويلحقها بإسفين وبمهارة متميزة مابين الرئيس عباس وحماس لكب الزيت على النار المشتعلة أصلا , وأيضا تصويره لحركة حماس بأنها القوية وقدرتها على ضبط الأمن في غزه والتحكم في إرادة الفصائل الاخري ومنعها من إطلاق الصواريخ على إسرائيل, له فيها مآرب أخرى وافهم يا أبو الفهيم ؟؟؟. أما فيما يتعلق بقوله انه لا يوجد وريث طبيعي للرئيس عباس, فهذه أيضا فتنه أخرى يراد بها الباطل للشعب الفلسطيني, وإفقاده بوصلته نحو تحقيق حلمه في المشروع الوطني الفلسطيني, وهنا أسجل بان الوريث للرئيس عباس والذي جاء عبر صندوق الاقتراع ولا طريق سوى ذلك, ويجب أن يأتي من بعده عبر إرادة الشعب وصندوق الاقتراع, ولأنني أدرك سيكولوجية الإنسان الفلسطيني , فعلى إسرائيل أن تتوقع , اختيار قائد من داخل القفص الصغير تيمننا وتوافقا مع وجودنا في قفص كبير ؟
رغم أن الاحتلال يخطط وفق منظومة إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بما يتناسب مع مصالحه الأمنية والسياسية, والعمل على تطويق الفلسطينيين في أقفاص لتصفية قضيتهم العادلة؟, وللحقيقة قطع الإسرائيليون شوطا كبيرا وواقعيا وميدانيا في ذلك من خلال نهب الأراضي والإسراع في تهويد ما تبقى من القدس, والاستمرار في شن الحروب وافتعال المواجهة اليومية في شتى المجالات مع الإنسان الفلسطيني وإشغاله بنفسه واحتياجاته اليومية, وكل ذلك هدفه الأساسي القضاء على الحلم الفلسطيني المطالب بكيان وطني مستقل وتحرير الأرض والإنسان من ابغض احتلال عرفته البشرية جمعاء .
إجمالا يا ساده إسرائيل تراهن على شئ في الأفق , وكثيرا ما يتداول كتابها ومحلليها السياسيين عبر إعلامها الدعائي الوضع في غزة من أكثر من جانب , وبدأت تسوق حرصها على سكان غزة, وتصف الواقع التراجيدي الذي يعيشه الفلسطينيين , وكأنها لا علاقة لها بذلك , والدليل على دورها الدعائي في التضليل المتعمد وقلب الحقائق , ما جاء به اليكس فيشمان والمقرب من استخبارات العدو, حيث تناول واقع الشباب في غزة ,واصفا مشهد لبعض الطلاب الجامعيين الذين حصلوا على تصاريح عبر معبر ايرز, أنهم عندما يخرجون من القطاع يقبلون الأرض فرحا وبالنسبة لهم أنهم تحرروا من السجن, أيضا تكلم عن بعض الصبية الذين يتم القبض عليهم أثناء محاولتهم الهرب إلى إسرائيل, غالبا ما يبررون إقبالهم على ذلك لعدم توفر طعام لديهم وبسبب العنف العائلي, والكثير منهم يصرح بأنهم يريدون الهجرة من القطاع للأبد ,مشيرا إلى عبارة فيها الكثير من القهر والألم, (أسطورة العودة تحطمت ودعوهم فقط يهربون) , مختتما مقالته بان غزة ستشتعل وكاس السم يمتلئ , وانفجار الشحنة البشرية قريبا ولن يكون هناك رادع والشظايا ستصيبنا جميعا. وللمتابعة بما قاله هليفي وفيشمان يؤكد بان مفتاح غزة مازال بيد إسرائيل, وهنا حقائق تداولها كل منهما ممزوجة بتزوير وقائع وإشاعة أمل فيه شبهه أخشى من أن يكون وقودها دماء الفلسطينيين لصالح إسرائيل. ورواج الإعلام المعادي بدأ يحقق مآربه نحو إشاعة الفوضى لإعادة صياغة الواقع حسب وجهة النظر الإسرائيلية. أما فيما يتعلق برزتنا فهي تتعترس وتسير نحو الانغلاق المستمر نحو ألا هدف, وكما توقعنا بعد رحلات وفسح الدوحة وأنقرة سيكون جوقة من الردح وتبادل الاتهامات والتهديدات بلا مضمون, وإعادة تشغيل اسطوانة التخوين والتشهير والتجريح , وصدقت النبوءة وطل علينا قادة وصناع الانقسام في حرب إعلاميه جديدة , حيث الناطقين باسم حماس جميعهم ويضاف لهم المسئول الإداري لحكومة الظل الحمساوية الدكتور الظاظا , اجمعوا بان تصريحات قادة فتح توتيرية وغير وطنية وتعبر بشكل واضح عن موقف عباس الذي لا يريد شراكة ووحدة وجمع شمل الشعب الفلسطيني , رغم انه الرئيس عباس هو مهندس اتفاق أوسلو, و الذي صاغ البند الأول من المادة التي تتحدث عن الأرض, في اتفاق أوسلو ومفادها( أن ينظر الجانبان للضفة الغربية وقطاع غزة على إنهما وحدة إقليمية واحدة وسيتم المحافظة على وضعهما ووحدة أراضيهما خلال المرحلة الانتقالية) .وبالعودة إلى الدكتور الظاظا في رده على قيادة فتح بان التصريحات التي صدرت عن فتح لا تؤثر علينا لا من قريب ولا من بعيد لان لا احد منهم يملك شئ على الأرض الفلسطينية, وأنهم هم من طالب الاحتلال مرارا وتكررا بضرب غزة أربع مرات والنتيجة كانت صفر ؟, يا الهي تطور وإبداع جديد هذه المرة , طبعا هناك تناغم بين ما قاله الظاظا وما أعلن عنه المسئول الأول لحماس في غزة الشيخ إسماعيل هنية في خطبة الجمعة الماضية , مشيرا عن حصول تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وتركيا التي تفاوض بديلا عن حماس حول فتح ممر مائي من غزة إلى العالم, وفي تقديري هذا من عجل في إفشال حوار الدوحة حول المصالحة المرجوة شعبيا. صار ميناء ولا ما صار , المفتاح دائما في يد إسرائيل اللاعب الأول ومفجر الأزمات في الإقليم والمنطقة , وهناك دول ودويلات أحيانا تتدخل وتقوم بدور فتح الباب عبر وساطات و مبادرات أو مفاوضات غير مباشرة , وغالبا ما تكون لتسهيل مهمة تلك الدول وتنفيذ مصالحها وأجنداتها, ودويلات أخرى بهدف إبراز وتكبير شانها وكأنها لاعب رئيسي ومهم في العالم , يا ساده أصبحت قضيتنا مثل كرة القدم والكل يريد أن يقذفها في الاتجاه الذي يريد.... ؟ يا جماعه وين رايحين فينا .... وماذا بعد يرحمكم الله........؟