خبر : حكومة عمان تستخدم “ابناء قطاع غزة” كلعبة لادماج “المكون السوري”

الثلاثاء 26 يناير 2016 11:16 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حكومة عمان تستخدم “ابناء قطاع غزة” كلعبة لادماج “المكون السوري”



عمان / وكالات / ليس من السهل عزل التصريحات المتضاربة والمتناقضة بخصوص ابناء غزة المقيمين في الاردن عن النغمة الجديدة المرتبطة بفتح المجال أمام السوريين اللاجئين في التحول من “كتلة بشرية” قريبة من الحدود التي ستعود اليها الى “مكوّن سوري” في الاردن بمختلف طبقاته.


تعديل قانون الاقامة في البلاد والذي استغرق اياما في مجلس الامة في نقاشه، يبدو ان الغزيين وابناء الضفة الغربية لم يكونوا هدفا له، الا ان تصريحا افلت من رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور أعاد قضية المذكورين للواجهة.


“افلات” التصريح لا يعني بطبيعة الحال ان الامر صدفة خاصة ونحن نتحدث عن البيروقراطي الاعمق اليوم وصاحب الدهاء السياسي الكبير الدكتور النسور، ولكنه يعني بالضرورة استغلال قضية ابناء غزة وحاجتهم لتصاريح الاقامة او عدمها للقياس على اللاجئين السوريين لاحقا بصورة اساسية، كما- وفي الاثناء- للعودة للتذكير بأن “الامان” للفئة غير الحاملة للرقم الوطني لن يتحقق، وان المذكورين مهما طال بهم الامد سيبقون اصحاب الاولوية في العبث.


الرئيس صرّح ليعود وزير الداخلية سلامة حماد بعد ذلك بالحديث عن القضية الفلسطينية واهميتها للاردن ثم نفي ان الموضوع متعلق بالغزيين في الاردن، الامر الذي جاء عقب الكثير من الانتقادات التي قابلتها الحكومة الى جانب تحفّز ابناء غزة انفسهم لاعتصام على باب الرئاسة الامر الذي يعد غير مسبوق.


الفئة المذكورة (اي ابناء القطاع) ممن يحملون جوازات سفر مؤقتة، أصلا تستطيع ان تسمع من اي واحد منهم للكثير من الاشكالات التي يواجهها في حياته اليومية، الامر الذي يعني بطبيعة الحال انهم ليس لديهم فعليا ما يخسرونه، الا ان الخاسر الفعلي في الرواية ان تم التضييق عليهم اكثر، ستكون الدولة الاردنية التي سوّقت نفسها مرارا كحاضنة للجوء واللاجئين، خصوصا في توقيت حرج كالذي تمر فيه عمان اليوم إذ تسوّى فيه الازمة السورية.


الاردن يدرك تماما ان كرسيّه على طاولة الحوار في الازمة السورية لم يضمنه له الا موجات اللجوء، والتي تم استقبالها على هذا الاساس برأي مفكر من وزن عدنان ابو عودة، الامر الذي لا يمكن معه بطبيعة الحال ضرب اللجوء الاول للبلاد والمتمثل باللجوء الفلسطيني، لا بل على العكس فالحسابات المنطقية تفترض اليوم معالجات “تسهيلية” لحياة اللاجئين الاوائل بما يضمن اغراء المجتمع الدولي مجددا في الاستجابة لخطة الاستجابة الاردنية للجوء السوري وفق ما صرح به وزير التخطيط الدكتور عماد فاخوري.


فاخوري قال صراحة في الوقت الذي استلم فيه المنحة الكويتية الخاصة بالخطة المذكورة ان اولى الاوليات التي ستتم مناقشتها في مؤتمر لندن القادم- والذي سوّق له عاهل الاردن اساسا في زيارته لمحافظة الزرقاء- ستكون “تشغيل السوريين”، الامر الذي يضمن ببساطة ما قاله رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة للمثقفين والادباء عن كون الحديث سيبدأ عن “مكون سوري” في المملكة.


مسوّغات حديث الطراونة كانت ان التسوية السورية بطبيعة الحال لن تضمن عودة “المكون” الجديد لدياره قبل 10 اعوام على الاقل، في الوقت الذي يبدو فيه وزير التخطيط اكثر تفصيلا وهو يتحدث عن اعتبار الوجود السوري فرصة للتنمية ومجالا لتبادل المكاسب.


النغمة اليوم كلها تبدّلت فيما يتعلق باللجوء السوري وشكله وبصورة “هادئة ومتزنة”، الامر الذي يبدو كتسوية تمت في القنوات الروسية للتواصل السوري الاردني، خصوصا مع تعالي الاصوات الاردنية التي تطالب الدولة بتسهيل حيوات السوريين وفتح المجال امامهم للعمل بدل الحياة على الهامش.


“رأي اليوم” ومن باب التحليل ترى ان الحكومة لعبت ورقة الغزيين في سياق التذكير بأمرين في الازمة السورية: الاول ان الاردن له خبرة قديمة باللجوء وقادر على التعامل معه بصورة انسانية، الثاني ان اللجوء السوري لا يمكن ان يأخذ اكثر مما حصله الفلسطيني سابقا على الارض، خصوصا والدولة لا زالت تفترض انها قائمة على التواطؤ الديمغرافي وليس التوافق والانسجام.


بكل الاحوال، مؤتمر لندن الذي يعد عاهل الاردن الملك عبد الله الثاني نفسه جيدا له بات على الابواب، وسيتضح عبره شكل التسوية الروسية مع عمان ودمشق فيما يختص باللاجئين المتواجدين على الاراضي الاردنية، خصوصا وان ذلك يضمن للاردن ايضا حصة من الاعمار السوري القادم تحت يافطة “الخزان البشري السوري” المنتشر في مدن الشمال.