خبر : حذار الهروب من رمضاء المأزق إلى نار الحرب بقلم د.وليد القططي

الخميس 21 يناير 2016 07:59 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حذار الهروب من رمضاء المأزق إلى نار الحرب بقلم د.وليد القططي




مع إشراقة كل يوم جديد من المفترض أن يشرق معه أملاً جديداً لناس بغدٍ أفضل وأن يشع من شمسه البُشرى للشباب بمستقبل أجمل . ولكن الأمر مختلف في غزة فبدل الأمل اليأس وبدل البُشرى النذير ، والغد الأفضل يصبح الغد الأسوأ و المستقبل الأجمل يصبح المستقبل الأقبح . ذلك بأن مأزق غزة يتفاقم يوماً بعد يوم بتزايد معاناة الناس الحياتية كمحصلة للاحتلال والحصار والانقسام ، وكنتيجة لتجمد المصالحة السياسية بتجمّد عقول أولي الأمر منا وعلينا ، وفي خضم هذا المأزق وتلك المعاناة تُدق طبول الحرب مجدداً ، معبرةً عن نفسها بارتفاع صوت المعركة متجلية في التهديدات المتبادلة والتجهيزات المتقابلة ، لنجد أنفسنا أمام سيناريو مكرر للمرة الرابعة ، يحفظه كل مخضرم عاش حروب غزة الثلاثة ، ولم تُكتب له الشهادة في احداها ، ويتذكرهُ كل ضليع بقصص الأفلام العربية القديمة التي تنتهي بطبول الزفة والزواج ، ولكنه في قصتنا ينتهي بطبول المعركة والحرب ، والحرب تنتهي بالتهدئة ، والتهدئة تعيد انتاج الحصار وتكريس الانقسام وتعميق المعاناة ....حتى إذا ما تفاقم المأزق واستحكمت حلقاته مرة أخرى اندلعت الحرب وهكذا دواليك .
والحرب لو كانت مفروضة من العدو الصهيوني على غزة –وهي كذلك غالباً-تصبح مواجهتها قدرٌ لا مناص منه ، وحينئذٍ لا مفر من الصمود والمقاومة مهما عظمت التضحيات حتى يتحقق النصر على العدو ، أو على الأقل منعه من تحقيق النصر بإحباط أهدافه العسكرية والسياسية للحرب ، ومُراكمة عناصر القوة للشعب ومقاومته وعناصر الضعف للعدو جيشاً ومستوطنين ، وهذا نوعٌ من النصر الذي يقدمنا خطوة إلى الأمام على طريق تحرير فلسطين الطويلة والشاقة ، كي لا تذهب تضحيات الشعب ومعاناته بدون ثمن يُقربنا من لحظة النصر .
والعدو الصهيوني يُعد للحرب على غزة بدون شك ، كما يخوض حرباً الآن على الضفة لقمع انتفاضة القدس ، وأخرى على فلسطيني الداخل المحتل عام 1984 ، ويمنع فلسطيني الشتات من العودة إلى الديار كأشكال مختلفة للحرب والعدوان .......وسيبدأ العدوان على غزة لا محالة ولن تعوذه الذرائع وتنقصه المبررات حين يقرر ذلك ، كونه لم يستطع حسم الحروب السابقة عسكريا لصالحه رغم نجاحه الكبير في القتل والتدمير ، ولم يتمكن من تحقيق انجازات سياسية من وراء حروبه السابقة ، ولذلك يتوق إلى الحاق الهزيمة بالمقاومة وتدمير قوتها العسكرية لإزالة التهديد الاستراتيجي للمقاومة عليه وإفساح المجال أمام الحلول السياسية التي تُصفي القضية الفلسطينية وتُنهي الصراع لصالحه .
أما إذا كانت الحرب غير مفروضة في هذا الوقت بالتحديد ، ولم يبدأ العدو بالحرب والعدوان ، فليس من الحكمة استدراج العدو لحربٍ جديدة ، خاصةً وأننا لم نعالج أثار ونتائج الحروب السابقة ، ولم نسد الثغرات التي ظهرت في جبهتنا الداخلية ، ولم نعمل على تعزيز مقومات صمود الشعب في غزة حاضنة المقاومة ، فلا يكفي أن نُعلن أننا نراكم القوة العسكرية فوق الأرض وتحتها ، فلماذا لا نراكم أيضاُ القوة الشعبية بتعزيز مقوّمات صمود الشعب الفلسطيني الذي يحمي المقاومة ، فبقدر ما نًلبّي احتياجات الشعب الاقتصادية ونخفف عنه المعاناة الحياتية ونفتح أمامه آفاق الحياة الحرة الكريمة بقدر ما يصمد الشعب وبالتالي تصمد المقاومة ، وبقدر ما يتماسك المجتمع ويتلاحم الشعب وتتحقق وحدته الوطنية بقدر ما تنجح المقاومة قي القيام بدورها الوطني العظيم .
والخلاصة أن الخروج من مأزق غزة ومعاناة أهلها يتم بالخروج من هذا المأزق وتخفيف معاناة السكان ، وليس بالذهاب إلى الحرب اذا كانت غير مفروضة ويُمكن تأجيلها ، إن لم نستطع منعها في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية مواتية للعدو. وأي حرب قادمة كشكل من أشكال الصراع مع العدو مثلها مثل الانتفاضة والعمليات العسكرية والمقاومة الشعبية و المقاطعة وغيرها يجب أن تكون في اطار خطة استراتيجية شاملة ضمن المشروع الوطني الفلسطيني لتحقيق الأهداف الوطنية الكُبرى على طريق التحرير والعودة والاستقلال .