خبر : الحالة الفلسطينية وخزعبلات الوقت الضائع!...زهير الشاعر

الثلاثاء 12 يناير 2016 09:20 ص / بتوقيت القدس +2GMT




مؤخراً بعد أن نشر على مواقع التواصل الإجتماعي بشكل واسع خبراً مفاده تعرض الرئيس محمود عباس إلى جلطة دماغية والتأكيد على ذلك من روايات قيل بأنها من مصادر أمنية عربية لإضفاء المصداقية على ما ورد في هذه الرواية التي تبنتها محطة إخبارية عالمية في حينه ، وتزامناً مع ذلك خرج على التلفزيون الفلسطيني الرسمي عضو اللجنة المركزية اللواء جبريل الرجوب والذي فاجئ بدوره الجميع بتوجيه صواريخه الناقدة التي أطلقت شرارة بدء الصراع على خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشكل علني لم تكن في حسبان القيادة الفلسطينية التي فوجئت بقوة النقد والهجوم الذي جاء متزامناً أيضاً مع أنباء قوية عن إحتمال إنهيار السلطة الفلسطينية، حيث كان المثير في هذا اللقاء التلميح إلى وجود تحالف جديد على قاعدة تقول في السياسة بأن عدو الأمس هو صديق اليوم ، ودافع بشكل لافت عن ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السابق وأكد على رفض ما صدر في حقه من قرار إقصاء، ومن هنا بدأت المعركة الحقيقية تظهر معالمها، مما إضطر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالتوصية بضرورة خروج الرئيس عباس إلى الإعلام وقد ظهر بوضع صحي لا جدال فيه وبأناقة لافتة ، كما أنه كان قوياً في حديثه ليؤكد للجميع بأنه لا زال بصحة جيدة ونفى بذلك صحة ما روج في وسائل التواصل الإجتماعي والذي أدى إلى حالة من الإرباك في الشارع الفلسطيني ، ولكي يخرج من قوة الضغوطات التي تستهدفه بدأ يتحدث بلا ضوابط وتطرق إلى أمور غير منطقية أو واقيعة في التوقيت عندما طالب مجموعة 5 + 1 برعاية مؤتمر دولي للسلام كما طالب بعمل أي مجموعة دولية كانت تتولى عقد مؤتمر دولي لإنهاء الإحتلال حتى لو كانت مجموعة إبتكر لها اسم 20 + 1 في دلالة على أنه كان يشعر بورطة حقيقية ويستشعر خطورة المرحلة! .
هنا لا بد من التطرق إلى موضوع 5 + 1 التي ذكرها الرئيس عباس في كلمته في بيت لحم ، وهي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ، وهي الولايات المتحدة الأمريكية ، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين بالإضافة إلى ألمانيا، والتي تتولى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي . يشار إلى أن هذه المجموعة قد بدأت عملها في عام 2006 ولا تزال مستمرة حتى اليوم، وكانت قد توصلت هذه القوى الدولية مع إيران إلى إتفاق يوم 14 تموز 2015 في المحادثات الجارية في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني يشمل تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها.
هنا يأتي السؤال حول ما الذي يملكه الرئيس محمود عباس الذي إعتمد في دعوته هذه القوى الدولية إلى تبني فكرة رعاية مؤتمر دولي على غرار ما قامت به مجموعة 5 + 1 بالإتفاق مع إيران حول برنامجها النووي ، وهو يدرك بأن سلطته قائمة على المعونات الإقتصادية من الدول المانحة ومرتبطة بإتفاقيات أمنية صارمة وهناك إنقسام بين شطري وطن محتل وفجوة عميقة بينه وبين شعبه وفساد مؤسساتي لم يشهدها التاريخ الفلسطيني من قبل وإقصاءات خلقت خصومات صعبة ومعقدة ودول تملك القرار والقوة ولها حق الفيتو ليست حليفته ولكنها حليفة الإحتلال، وتخلي كثير من الدول العربية عن مساندته وفتور علاقته بالدول العربية الرئيسية الغارقة بمشاكلها، وجمع كل عوامل الضعف والهوان لنفسه ولشعبه الذي أرهقته القبضة الأمنية التي مارسها ضده، وبالتالي لا يوجد أي وجه شبه بين ما هو فيه وما قامت به مجموعة 5 + 1 إتجاه إيران التي تختلف ظروفها وتحالفاتها ومصالحها الإقتصادية، وبصريح العبارة خيار 5 + 1 ليس مناسباً لمطلبه الأن وعليه البحث عن عنوان أخر ليستكمل فيه مسيرته التي يبدو بأن نهايتها قد بدأت فعلاً!.
ما يدعم هذه الفكرة هو حديث وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي المرتبك أمام لجنة المتابعة العربية المعنية بالشأن الفلسطيني، حين كان يطالب تارة بضرورة التوجه إلى مجلس الأمن للحصول على قرار يدعم توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وتارة أخرى طالب بإنهاء الإحتلال وكأن الرجل كان تحت تأثير كابوس لم يعطيه الوقت الكافي لترتيب أفكاره وتوضيح ما يريده بطريقة أكثر مهنية مع الأخذ بعين الإعتبار العامل الزمني والظروف الإقليمية والدولية المحيطة وكأنه كان يهاذي في كوكب أخر متناسياً العوامل القائمة والفيتو الذي ينتظر اي توجهات من هذا القبيل مع حقيقة عدم توافر المساندة الشعبية والوطنية الحقيقية والمؤثرة التي أرهقها إنقسام وطني وصمت على حصار جائر من جهة وفساد مدمر من جهة أخرى.
أيضاً توجه د. صائب عريقات إلى الجزائر في تكرار لمشهد تاريخي سابق مماثل للظروف المحلية والمواقف الدولية الحالية، ليطلب دعمها بالتحديد كدولة عربية شقيقة معروفة بمواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته ظالماً أو مظلوماً وفي كل الأوقات ، وظهوره هناك في وزارة الخارجية الجزائرية كمحاضر للدبلوماسيين الجزائريين في محاضرة عن التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية ،علماً بأن هذه المحاضرة تفتح المجال أمام تساؤل حول صراع من نوع أخر!، كما لوحظ أنه ناشد جميع الأطراف الفلسطينية بأن تقبل بتشكيل حكومة وحدة وطنية فوراً !، في إشارة واضحة لتحسسه للمخاطر التي تحيط بمرحلة الرئيس عباس والطوفان الذي يقترب منها وأصبح يحيط بها من كل الجهات في ظل تصاعد حدة التعقيد في الحالة الأمنية في الضفة الغربية الناجمة عن الهبة الجماهيرية هناك.
في تقديري ، أن الأطراف الصامتة والمراقبة للمشهد الحالي على الساحة الفلسطينية هي التي تتحكم عملياً بقواعد اللعبة الأن، والحالة العباسية تعيش مرحلة عصيبة للغاية في الدفاع عن وجودها وإستمراريتها ، وخيار المؤتمر الدولي المنشود لا يتعدى سوى خزعبلات في الوقت الضائع!.