خبر : الصراع السعودي الايراني ..عمر حلمي الغول

الإثنين 11 يناير 2016 08:54 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الصراع السعودي الايراني ..عمر حلمي الغول




التوتر الايراني العربي ليس جديدا، ولم يبدأ مع إقتحام السفارة والقنصلية السعودية يوم السبت الموافق الثاني من يناير الماضي، ولا مع إعدام السعودية ل47 شخصا، محسوبين على الطائفة الشيعية، ولا حتى مع إشتعال الثورة السورية آذار 2011. الصراع قديم قدم الانقسام بين التيارات الاسلامية الاولى قبل 1400 سنة. وتواصل حتى يوم الدنيا هذا. ومع انه إكتسى بالبعد الطائفي، غير انه في الحقيقة صراع قومي.
على مر العصور حاولت القيادات الايرانية المتعاقبة إخضاع العرب تحت جناحها باسم الدين، إنتقاما منهم، وإعادة إعتبار للذات القومية. غير ان الظروف الذاتية والموضوعية حالت دون تحقيق طموحها التاريخي.إلآ ان زمن الثورات العربية هيأ المناخ للتمدد الايراني في العديد من الدول العربية، بعدما كان مقتصرا على حزب الله في لبنان والقوى النافذة في العراق بعد دخول قوى المعارضة على ظهور الدبابات الاميركية، التي إحتلت العراق 2003 والاطاحة بنظام البعث برئاسة الراحل صدام حسين. لاسيما وان وجودها في فلسطين من خلال دعم حركات الجهاد وحماس والصابرين، على اهميته، لكنه لم يصل لما كان عليه الحال في لبنان والعراق. وتطور الاحداث اللاحقة، يؤكد النتيجة المذكورة. فايران تمددت في سوريا واليمن، وتحاول التمدد في البحرين والسعودية والكويت والامارات وليبيا وغيرها من الساحات عبر الحروب بالوكالة.
إيران كدولة أقليمية كبيرة، تطمح ان تكون المقرر في شؤون اقليم الشرق الاوسط الكبير. وحتى تستطيع تطويع الدول الاقليمية الرئيسية (تركيا ومصر) عليها ان تتوسع في دول الخليج العربي بالاضافة لسوريا والعراق ولبنان وفلسطين وبالاتجاه الاخر التوسع في افغانستان وباكستان ودول الرابطة المستقلة (دول آسيا الوسطى)، حتى تستطيع الامساك بقرون الاقليم بالكامل، وتفرض نفسها كمرجعية رئيسية. مع ان القيادات الايرانية المتعاقبة، تعلم ان مثل هذا الطموح يصطدم بالعديد من العوامل، منها: اولا الدول الاقليمية الرئيسية، لن تسمح لها بذلك؛ ثانيا الاقطاب الدولية وخاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي لن يقبلوا بالمعادل الايراني؛ ثالثا كما ان إسرائيل، الحالمة عبر المخطط الاميركي بقيادة الاقليم الكبير، ترفض من حيث المبدأ الطموح الايراني؛ رابعا وحتى روسيا الاتحادية المتحالفة حاليا مع طهران، لا تقبل بالمنطق الايراني الاستراتيجي، لانها تخشى من إرتداد ذلك على امنها القومي مستقبلا، لاسيما وانها ليست افضل كثيرا من "داعش" والتنظيمات التكفيرية. ولعل تدخلها في سوريا بالشاكلة، التي تمت، كان بمثابة التطويق للدور والنفوذ الايراني في سوريا والاقليم؛ خامسا إعتماد إيران للخيار الطائفي يعرقل طموحها، ويحد من إمكانية تقدمها.
بناءا على ما تقدم، تملي الضرورة على الجمهورية الايرانية إعادة نظر بسياساتها وطموحاتها القومية. وتعمل على تجسير العلاقة مع دول الاقليم عموما وخاصة الدول العربية، وبالتحديد دول مجلس التعاون الخليجي، لان هكذا توجه يخدم مكانتها السياسية في الاقليم ومع العالم العربي. وان كانت طهران معنية بالدفاع عن حضورها في الاقليم عموما، فان بناء العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل مع الدول المختلفة، يشكل العنوان الاهم لبناء العلاقات الودية. وعلى المرشد خامئني والرئيس روحاني، الانتباه للخطر الداهم، الذي يهدد دول الاقليم كلها بما فيها إيران، وتحديد الاولويات قبل الغرق في المستنقع الاميركي الاسرائيلي التكفيري. وكذلك الامر بالنسبة للعربية السعودية وباقي الدول الشقيقة في الخليج، الانتباه للاخطار المحدقة بشعوب الامة ودول الاقليم، والابتعاد عن الزج بالصراع عن البعد الطائفي او الديني. لان هكذا توجه لا يخدم مصالح العرب، ويخدم اعداء الامة جميعا. والعمل على حل قضايا الصراع في الدول العربية بشكل سلمي، ووقف نزيف الدم والثروات والطاقات في صراعات لا تخدم من قريب او بعيد المصالح العربية الوطنية او القومية. ليس من مصلحة أحد إحتدام التوتر والصراع بين إيران والدول العربية على اساس طائفي ومذهبي. لذا لا بد من العمل على قطع الطريق على كل القوى المتربصة بالجميع.
oalghoul@gmail.com