خبر : يديعوت: الفلسطينيون ليسوا داعش.. نستطيع التعايش معهم

الأحد 15 نوفمبر 2015 04:00 م / بتوقيت القدس +2GMT
يديعوت: الفلسطينيون ليسوا داعش.. نستطيع التعايش معهم



القدس المحتلة / سيما كدمون / العبارة الشهيرة من فيلم “كازبلانكا”، عن أنه دوما ستكون لنا باريس، انهارت ليلة أول أمس مثل معتقدات اخرى تنهار أمام عيوننا في ضوء واقع لا يدرك. هذه العبارة الكلاسيكية يمكن استبدالها بعبارة اخرى اكثر انسجاما مع روح العصر: ليس هناك مكان للهرب اليه.

باريس الجميلة، اللطيفة والمنشودة، باريس الليبرالية والحرة، والتي علمها هو مثال للقيم السامية والنبيلة، لم تعد خيارا. دليل آخر على أن العالم الذي كنا نعرفه لم يعد قائما وما كان لن يكون.

نميل نحن للاستخفاف والاحتقار بالفرنسيين واستخباراتهم في موضوع مكافحة الارهاب. ولكن الفرنسيين يؤمنون، منذ نحو مئتي سنة بانهم مستعدون للموت من أجل الحرية، المساواة والاخاء. هذا هو شعار واسطورة وطنية، حتى وان لم يتحقق دوما. اما نحن، مثل الامريكيين، فنؤمن بانه يجب التخلي عن الحرية، المساواة والاخوة – كي لا نموت. سنرى ما سيحصل في هذه الاسطورة في اعقاب الصدمة الوطنية.

ان المشاهد التي رأيناها في البث الحي من ليلة الرعب في باريس، بدت وكأنها مأخوذة من فيلم رعب. التخطيط المسبق، الانتشار في عدة مواقع، بربرية الفعل ونية عدم أخذ أسرى هي قفزة درجة. هذا لم يعد استفزازا، بل اعلان حرب.

اضافة الى هذا، لا يجدر بنا ان نتسرع فنسمي جملة هذه الاحداث بالحرب العالمية الثالثة، مثلما فعل في اليوم الاخير غير قليل من المحللين. فالعمليات الارهابية مهما كانت وحشية وبربرية، ليست بعد حروبا بين الجيوش والتي في اثنائها فقد العالم عشرات الملايين.

ومن جهة اخرى، بات واضحا بان هذه المنظمة الاجرامية التي أخذت المسؤولية عن الفعلة، ليست أمرا عابرا. فهي هنا كي تبقى. وكلما انتهت هذه الاحداث بالنجاح، فاننا نرى المزيد فالمزيد من الحالات مثلها، والمزيد فالمزيد من المتطوعين في صفوفها.

لقد كان لزمن طويل جدا ميل للتعاطي مع داعش وكأنها أمر عابر. فلا يحتمل أن يسقط تنظيم هامشي كهذا اوروبا الكبرى أو قوة عسكرية عظمى مثل اسرائيل لا يمكنها الا تتصدى له. فصور قطع الرؤوس التي نتلقاها بين الحين والاخر كتذكار اصبحت أمرا شبه عادي. وقد اشاح العالم بصره. فمن يمكنه أن يرى مثل هذه الوحشية. غير انه اذا كنا أشحنا بصرنا فلا يعني أن هذا سيختفي. فهو هناك. انه في كل مكان. وقد بات هذا وحشيا أكثر فأكثر، مجنونا أكثر فأكثر وقريبا أكثر فأكثر.

هذا النهج ينبغي ان يتغير. فحتى لو لم يكن هذا تهديدا وجوديا، فان بوسع الجهاد الاسلامي ان ينغص عيش العالم بشكل لم نشهد مثله. وهذه المرة لا يمكن لهذا ان ينتهي بمهرجان تضامن لزعماء العالم. فكم باعثة على الشفقة تبدو اليوم صورة الزعماء المتكاتفين الذين يسيرون في شوارع باريس. فليس التكاتف هو ما نحتاج هنا بل توحد القوى. وليس التضامن على نمط اشعال الاضواء بالوان العلم الفرنسي، بل التضامن بالمعنى الاوسع والاكثر عملية له.

ولكن علينا الا نوهم أنفسنا بالنسبة للاتجاه الذي يسير فيه العالم: سيكون هذا عالما مع رحمة أقل بكثير، مع حقوق انسان اقل بكثير وتعاظم دراماتيكي لليمين المتطرف.

أمس كانت في الشبكات الاجتماعية غير قليل من ردود الفعل التي أعربت عن الشماتة. شيء من قبيل: اكلتموها. قررتم ان توسموا بضائع خلف الخط الاخضر؟ أعربتم عن التضامن مع الفلسطينيين؟ خذوا. الان انظروا لتروا ما نشعر به.

هذا الربط، بين احداث الارهاب في اوروبا وبين قرار الاتحاد الاوروبي، لا يجدي شيئا، مثلما هو التشبيه ايضا بين الارهاب الفلسطيني وبين ارهاب داعش. الارهاب هو ارهاب هو ارهاب. ولكن الفلسطينيين ليسوا داعش، والفرق الكبير بين الاثنين هو، ان كل من في داعش ارهابي، ولكن ليس كل الفلسطينيين ارهابيين. ومع الفلسطينيين سيتعين علينا أن نعيش. اما مع داعش فلن نعيش.

يديعوت 15/11/2015