خبر : الشرطي يصرخ: أين السكين أين السكين؟ / بقلم: عميره هاس / هارتس

السبت 14 نوفمبر 2015 03:18 م / بتوقيت القدس +2GMT



وكالات / أصبح لدينا في الخليل عدد من النكات في الآونة الاخيرة مثل «أظهر الجيش الإسرائيلي أمام وسائل الإعلام سكاكين من صنع الماني (وكأنها كانت في أيدي الفلسطينيين الذين قتلوا)، لكن لدينا كل شيء من انتاج الصين». أو «الجيش الإسرائيلي يضع ذلك الدليل بينما الخليل تمتليء بالبضاعة الصينية وليس الألمانية. احدى الاجابات هي: نعم، لكن من يريد القتل يجب أن يستخدم السكين الالمانية».

هذه النكات نشأت من خلال الاحصائيات التالية: من بين 70 فلسطيني مشتبهين بتنفيذ عمليات الطعن والدهس أو نفذوها في الضفة الغربية وإسرائيل، 43 قتلوا على أيدي قوات الأمن بين 3 تشرين الاول و9 تشرين الثاني. 24 منهم هم من سكان الخليل، 18 من سكان المدينة نفسها، 9 منهم قتلوا بالقرب من الحواجز العسكرية التي تفصل قلب الخليل الفلسطينية عن باقي أحيائها. وقد قال مصدر أمني للصحيفة إنه توجد 10 احداث اخرى على الأقل اعتقل فيها من يحملون السكاكين على حواجز الخليل في تلك الفترة ـ ولم يقتلوا، لذلك لا تتحدث وسائل الإعلام عنهم. الفلسطينيون لا يصدقون الرواية الإسرائيلية أنه في جميع الاحداث كانت حياة الجنود في خطر، لذلك كانت حاجة للقتل. وفي بعض الحالات يشككون في أن الفلسطينيين أصلا أرادوا الحاق الضرر بالجنود.

التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن القتل متشابهة: مخرب أو مخربة، محاولة طعن، المخرب أو المخربة قتل أو قتلت، جندي أو مجندة اصيبوا اصابة طفيفة. أو أنه لا توجد اصابات في قواتنا. قامت «هآرتس» بفحص الشهادات حول عدد من الاحداث واخرى تم تفصيلها في تقارير امنستي. يوم الخميس الماضي طلبت الصحيفة من متحدثي الجيش وحرس الحدود التطرق إلى 8 احداث قتل (سأتطرق هنا فقط لـ 4 منها). بعد ستة ايام وصل رد عام ومقتضب ولا يتناول الاسئلة التفصيلية.

ليس من الصعب فحص الوقائع: «بالقرب من كل حاجز ومدخل مستوطنة توجد كاميرات حماية. الفلسطينيون يعتبرون أن الجيش الإسرائيلي ينشر الافلام التي تؤكد روايته فقط ويرفض نشر الافلام التي تثبت العكس. طلب الصحيفة من متحدث الجيش رؤية الافلام التي صورت بالكاميرات الامنية لم يلق الرد.
في حاجز المسجد في الخليل مرت دانيا ارشيد في 25 تشرين الاول/أكتوبر، وهي في جيل 17، الساعة الواحدة والنصف ظهرا. الحاجز يفصل الطريق الطبيعية من السوق القديمة إلى ساحة المسجد، الحرم الابراهيمي. كان هذا في يوم الاحد. درس باللغة الانجليزية يتم بعد الظهر، وألغي كما أُبلغ والداها فيما بعد. لم يكن لديها هاتف محمول لإبلاغهم. وبدلا من درس الانجليزية ذهبت ارشيد في شارع الخواجات أو شارع المسجد حتى الحاجز. كان هناك عدد من حرس الحدود داخل الموقع وبعضهم خارجه. الحاجز يتكون من بوابة حديدية مستديرة وبعدها بوابة فحص لكشف المعادن وبوابة اخرى مستديرة. طاولة صغيرة توضع بين النقطة وبين البوابة الالكترونية، وطاولة كبيرة توجد خارج البوابة المستديرة الثانية وهناك ايضا جدران فصل متحركة يتم تحريكها حسب الحاجة.
كانت التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية موحدة تقريبا. وفي الفيلم الذي نشر في ان.جي.آر تظهر جثة ارشيد وهي ملقاة على الارض وراء طاولة كبيرة مقلوبة ويسمع صوت يلهث: «مخربة حاولت طعن الجنود، الحمد لله أنها قتلت».

موقع حريدي للاخبار اقتبس متحدث الشرطة الذي قال «الفلسطينية اثارت اشتباه جنود حرس الحدود الذين طلبوا منها اظهار هويتها وفجأة اخرجت سكين واقتربت منهم وهي تصرخ. فقام الجنود باطلاق النار بدقة فتم تحييدها، ولا يوجد مصابون في قواتنا».
في بيت ارشيد لا يوجد انترنت: هكذا أراد الأب أن يدافع عن ابنته وسذاجتها. في الشقة البسيطة (التي استأجرها من والده) أظهر أبوياا الرسومات الطفولية التي رسمتها والاشغال اليدوية التي أحبتها.

فلسطيني دخل وراءها من بوابات الحاجز قال للصحيفة إنها مرت البوابة التي تكشف عن المعادن وكذلك البوابات المستديرة. عندها طلب منها اعطاء الحقيبة للفحص. الشرطي وضع الحقيبة على الطاولة وصرخ عليها: أين السكين، أين السكين؟
وحسب اقوال الشاهد كانت خائفة ورفعت يديها قائلة «لا توجد معي سكين، لا توجد معي سكين». الشرطي أطلق رصاصات تحذيرية أخافتها أكثر، فقفزت للوراء بعيدا عن مجال رؤية الشاهد في هذه المرحلة واستمرت بالصراخ «لا توجد معي سكين»، لكنهم أطلقوا النار عليها وقتلوها.

في تقرير امنستي الذي يشمل شهادة مشابهة قيل إن الصور التي نشرت فيما بعد اظهرت سكين بجانب جثة ارشيد. المصدر الامني قال للصحيفة إنها «اخرجت فجأة سكين واقتربت من الجنود. وفي هذه المرحلة لا يهم عمر الانسان، فقد رأينا اولاد ابناء 12 و13 في احداث الطعن في القطار الخفيف في القدس مثل دانيا. فهي تصل إلى الحاجز وهي تحمل السكين، يطلبون منها التوقف، تقترب من الجنود وهم يطلقون النار عليها». المصدر الامني لم يتطرق لأقوال الشاهد.

مهدي المحتسب (24 سنة) عمل في فرنين للحلويات. في 29 تشرين الاول خطط لأن يلتقي في المساء مع الشابة التي ستكون خطيبته.

قبل ذلك بيومين قام بوصل شبكة الانترنت. وقبل ذلك ببضعة ايام اشترى كميات كبيرة من الفيتامينات المكملة التي سيحتاجها وهو يتدرب في نادي رياضي. «شخص مثل هذا لا يفكر بالانتحار أو الاعتقال»، قال والده واخوته للصحيفة قبل اسبوع في منزلهم في حي الكسارات في الخليل. في صباح 29 ذهب مشيا كعادته إلى مكان عمله الثاني في فرن جديد في حارة الديك. بيته والطريق إلى الفرن هما في مناطق اتش 2 الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وفي الطريق عليه المرور بحاجز السلايمة.

حدث شيء على الحاجز: نشأ احتكاك بين المحتسب وبين أحد الجنود. ابناء العائلة والجيران يفرضون أن الجندي قد تحرش به كما يحدث في الحواجز، فقام المحتسب بالهجوم. الجندي أصيب برأسه. حيث قال احد الجيران إنه شاهد جنديا ينزف. وبدأ المحتسب بالهرب. رآه صاحب دكان قريب وهو يركض وسمع اطلاق كثيف للنار باتجاهه. الرصاصات اصابت السيارة والشارع فسارع الرجل إلى اغلاق دكانه وصعد إلى السطح. في اثناء هذه الدقائق، كما يظهر شريط الفيديو، استلقى شاب مصاب على الارض. وقف اثنان من حرس الحدود على مسافة متر ونصف منه وسلاحهم مصوب نحوه. تحرك المحتسب قليلا ـ عندها اطلق عليه احدهما النار وقتله. صاحب الدكان الذي صعد إلى السطح سمع احد الجنود وهو يصرخ «لا تلمسوه ولا تأخذوه».

لماذا قتلوا المحتسب بعد اصابته؟ حسب المصدر الامني «يجب الدخول إلى جلد الجندي وفهم نظرته. يأتي فلسطيني ويطعن جندي برأسه ويهرب (إلى حي لا يوجد فيه يهود أو جنود). لا نعرف إذا كان يحمل عبوة أو سلاح. الجندي يطلب منه عدم التحرك، وفي مرحلة معينة يريد النهوض، عندها يطلق الجندي النار مرة اخرى. هذا ما نتوقعه من الجندي لأنه إذا كان المخرب منتحر مع عبوة أو سيخرج مسدسا ويطلق النار، فنحن لا نعرف هذا الامر».

ردا على سؤال هآرتس، إذا كان يحمل مسدسا فلماذا لم يستخدمه من البداية؟ المصدر الامني اجاب: «هل تذكرين حادثة تشارلي شلوش؟ (شرطي حرس الحدود الذي اطلق النار واصاب فلسطيني في 1990 بعد أن قتل بالسكين إسرائيليين في القدس. وعندما اراد اعتقاله امتشق الفلسطيني السكين وطعن شلوش في صدره بطعنة قاتلة)، هناك الكثير من السيناريوهات التي يستطيع فيها المخرب أن يتسبب بالضرر للجنود. انهم يحصلون على توجيهات وهذه هي التوجيهات».

آخر من شاهد ابناء العم بشار وحسام الجعبري على قيد الحياة كان فلسطينيا يسكن بالقرب من بيت الرجبي الذي اقيمت فيه بؤرة استيطانية جديدة باسم «بيت السلام». في 20 تشرين الاول، الساعة الثامنة مساء. وحسب قوله شاهد الشابين عندما عبرا الحاجز العسكري وكاشف المعادن واقتربا من المفترق القريب من الشارع المؤدي من كريات اربع إلى الحرم الابراهيمي.

وقد قال للصحيفة إنهما خافا عندما شاهدا مجموعة كبيرة من المستوطنين وهي تسير في الشارع احتجاجا على قتل أحد سكان كريات اربع دهسا. طلب منهما الدخول إلى منزله لكن الجندي ظهر فجأة ونادى عليهما. بعد ذلك لم يعد يشاهد، وبعد ذلك بفترة قصيرة سمع اطلاق نار. الصور في المواقع الإسرائيلية تظهر حسام غارقا بدمه وفي يده سكين، وبشار مستلقيا على الارض وفي يده اليسرى شيء دقيق وطويل. الفلسطيني الذي شاهدهما استغرب كيف أن كاشف المعادن لم يصدر انذارا عندما مرا في حال كانت لديهما سكاكين؟.

الفلسطينيون شككوا ايضا في احداث اخرى منها حادثة سعد الاطرش الذي قتله جندي على حاجز أبو الريش في الخليل في 26/10. تقرير امنستي قال إن قتله هو «مثال فظ بشكل خاص» على استخدام القوة الزائدة الغير مبررة. ويعتمد التقرير على شاهدة عيان رأت ما حدث من نافذة بيتها. وحسب قولها فان الاطرش اقترب من الجنود فطلب احدهم منه اخراج هويته وعندما وضع يده في جيبه لاخراج الهوية اطلق عليه جندي آخر النار من الخلف، ست أو سبع رصاصات حسب قولها، فسقط على الارض وهو ينزف مدة 40 دقيقة قبل تقديم العلاج له. قالت إنها رأت الجنود حينما احضروا السكين ووضعوها في يده.

حول اسئلة هآرتس جاء من متحدثة الجيش وحرس الحدود: «حول وضع السكاكين في مكان الحدث فان هذا امر كاذب فنحن لم نضع السكاكين في أيدي المخربين، وكل محاولة لتشويه الواقع مرفوضة». الشهادات في الحالات الثماني التي تم توجيه الاسئلة للمتحدثين حولها تشير إلى نمط ثابت حيث يقوم الجنود والمستوطنون بالالتفاف حول المصاب أو الميت ويقولون بتصويره. الجنود يقومون بنزع ملابسه ولا يقدمون له العلاج، ويتم اخلاءه بعد 30 ـ 40 دقيقة.

المتحدث باسم الجيش وحرس الحدود قال ايضا «إنه في كل الاحداث المذكورة كانت المسافة بين الجنود والمخربين قصيرة حيث شعر الجنود بالخطر على حياتهم. لذلك اطلقوا النار لتجنب الخطر حسب اوامر اطلاق النار. الاحداث التي تتحدثون عنها والادعاءات حول طبيعة اطلاق النار تم التحقيق فيها، ويتم نقل العبر والدروس للقوات في الميدان، وللنيابة العسكرية. القوات الطبية للجيش في يهودا والسامرة تمنح العلاج لسكان المنطقة، اليهود الفلسطينيين بنفس القدر. في الاحداث الميدانية يتم اجراء تحقيق سريع من خلال قوة فحص العبوات وبعدها يتم تقديم العلاج الطبي، وفي الاماكن التي لم يحدث فيها ذلك تم التأكيد على الاجراء».