خبر : حول الاستبعاد والتقليد \ بقلم: عميره هاس \ هآرتس

الأربعاء 11 نوفمبر 2015 02:18 م / بتوقيت القدس +2GMT



          مجتمعان، الاسرائيلي والفلسطيني، يعيشان حالة من الرفض والاستبعاد. هنا تنتهي المقارنة. التصدق والرفض يساعدان المسيطر الآن، ومن المشكوك فيه أنهما يساعدان في النضال الطبيعي ضد الحكم الاجنبي.

          الفلسطينيون يعانون من الانفصام: من جهة يقبلون مفهوم "انتفاضة السكاكين"، وهناك من يتفاخر بها. فلا يمكن انكار وجود مصابين اسرائيليين بسبب الطعن والدهس. ومن جهة اخرى لا يصدقون التقارير ويشتكون من أن الجيش والشرطة يقومان بفبركة الأدلة.

          الاسرائيليون يستبعدون خوفهم من كل من يظهر كعربي. مجتمع يثق بنفسه وبصحته وقوته لا يقع في هذه الهستيريا الجماعية. يبدو أنه في الاعماق يعرف الاسرائيليون أن لدى الفلسطينيين جميع الاسباب للمقاومة، ومع ذلك فان مسلحينا الرسميين (الشرطة والجنود) هم دائما ابطال في اسرائيل: اشخاص غير معروفين قتلوا بكبسة زر 500 ولد في غزة في العطلة الصيفية، والمعروفين بأنهم يخافون من السكين (خوف حقيقي أو خيالي)، عندها يتم تأكيد القتل لشخص مصاب وملقى على الارض. تغير الاحداث يشير الى أن الموافقة على القتل بدون محاكمة يحصل عليها الجنود والشرطة ليس فقط من المجتمع الهستيري بل ايضا من القادة. بين الخوف والهستيريا، فان المجتمع الاسرائيلي ينفي العنف المتجذر.

          بشكل تلقائي تعتبر وسائل الاعلام الفلسطينيين الذين قتلوا أو أصيبوا على الحواجز "مخربين" – حتى قبل محاولة التأكد اذا كانت هناك سكين بالفعل. من هو المخرب؟ فلسطيني قتل من قبل مسلحين اسرائيليين وتقرير الجيش يقول إنه مخرب. زوج المعلمة ثروت الشعراوي من الخليل التي قتلت على أيدي الجنود واتهمت بمحاولة الدهس – اختنق ومات بسبب الغاز المسيل للدموع في الانتفاضة الاولى. وقد سارعت وسائل اعلام اسرائيلية الى القول إنه "مخرب" وبذلك أُدينت أرملته. نحن دائما ضحايا الدائم. لذلك تعالوا نسيطر على اراض فلسطينية اخرى، وننسى عائلة دوابشة، ونقول إن كل شيء بسبب التحريض. اسرائيل المدمنة على الطرد والاستيطان لا يوجد لها دافع للنبش في تاريخها طالما أنها تقوي الاستيطان.

          التحفظ المبرر والخوف من ظاهرة الاعدام بدون محاكمة، تُمكن الرأي العام الفلسطيني من رفض الواقع: توجد موجة من الشباب، بعضهم اطفال، يذهبون الى الانتحار في محاولة تنفيذ عملية. سيطرة الجيش الاسرائيلي على الأدلة لا تسمح باجراء تحقيق مستقل بخصوص الكثير من الحالات. السهولة التي يقتلون بها لا تسمح للوالدين والمجتمع البحث في دوافع الاولاد. ومن الاسهل نفسيا القول إن اسرائيل تكذب.

          احتقار المحتل هو الدافع لاعمالهم. وغياب قيادة موحدة تحظى بالثقة هو ايضا تفسير للعمليات الفردية. ومع ذلك لماذا هؤلاء الشباب بالذات؟ ولماذا الآن؟ هل يتوقعون أن الاعمال الصبيانية الفردية ستحث الآخرين؟ الى أي حد تشجع الضحايا الآخرين لتقليدهم؟ هل توجد اسباب شخصية وعائلية دفعتهم، وما هي؟.

          بعيدا عن الميكروفونات وبيوت العزاء هناك فلسطينيون يسألون اسئلة مشابهة، وهناك من يعترض على السكاكين – على الحاق الضرر بالمدنيين وعلى موجة التقليد. التضامن مع العائلات الثكلى والغضب تجاه قوات الامن والمستوطنين يُسكت هذه الاصوات، ويشوش حقيقة أساسية: حتى الآن اغلبية الفلسطينيين لا يخرجون الى انتفاضة شعبية شاملة ذات اهداف محددة رغم الاسباب الكثيرة التي توفرها اسرائيل لهم.