ابوظبي – جمال المجايدة / نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ضمن أنشطته وفعالياته العلميَّة والثقافيَّة المميزة، محاضرة بعنوان: "التدخلات الإيرانية في المنطقة بين الحقيقة والوهم"، ألقاها الدكتور سلطان محمد النعيمي، الأكاديمي الإماراتي، الخبير في الشؤون الإيرانية، بمقر المركز في أبوظبي.
في بداية المحاضرة تطرق الدكتور سلطان محمد النعيمي، إلى الإشكالية الأساسية التي يعالجها موضوع المحاضرة، المتمثلة في: هل هناك تدخل إيراني في المنطقة أم لا يوجد تدخل؟ وتطرق إلى مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية ذات الصلة بهذه القضية، وأشار إلى مبدأين، هما: عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ووجود علاقات سلمية مع الدول المسالمة. وذكر المحاضر بعض المواقف السابقة التي أثبتت رفض إيران تدخل الدول الأخرى في شؤونها، كاعتراضها على انتقادات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لقمع السلطات الإيرانية للمظاهرات التي خرجت اعتراضاً على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً للبلاد في عام 2009. وهذا يعني أن إيران تعترض على التدخلات الخارجية في شؤونها، لكنها في المقابل تمارس ذلك بحق الآخرين، وترى أن هذا يدخل في نطاق التأثير، وليس التدخل. وهنا تساءل المحاضر: هل تمتلك إيران مقومات التأثير أم لا؟ وكانت إجابته بالإيجاب، مشيراً إلى ما تمتلكه إيران من موارد طبيعية، ومصادر طاقة، وموقع جغرافي مهم في منطقة حيوية، وعدد سكان كبير، ولكن في المجمل، فإن هذا التأثير يجب أن تكون له قواعد وأطر.
ومن ثم انتقل المحاضر إلى مناقشة قضية مهمة بشأن الطريقة التي بدا عليها التأثير الإيراني في المنطقة بعد الثورة الإيرانية في عام 1979، وكيف اختلف هذا التأثير عنه قبل الثورة؛ وذلك بسبب اختلاف أدوات التأثير. فقبل الثورة كان تأثير إيران معتمداً على علاقتها بالغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، في حين ساءت هذه العلاقة بعد الثورة، واتجهت إيران إلى تصدير ما تسميه "الثورة الإسلامية" إلى العالم. ومع مرور الزمن ظهرت هناك تفسيرات إيرانية عدة لمبررات التوجهات الإيرانية أيضاً تجاه العالم، فمنها ما تبنى فكرة بناء "الدولة الإسلامية"، ومنها ما تبنى نشر "الثورة الإسلامية" من أجل تجنب انهيار الجمهورية الإسلامية، ومنها ما تبنى فكرة السيطرة على مناطق أخرى من العالم للدفاع عن الجمهورية الإسلامية ذاتها ضد الأعداء في المناطق البعيدة.
وناقش المحاضر التطورات التي شهدتها الساحة في إيران، مؤخراً، كالاتفاق النووي الذي أبرمته مع مجموعة (5+1)، وكيف حاولت إيران استغلال الاتفاق في تصدير صورة مسالمة لها إلى الخارج، وخصوصاً تجاه دول الجوار، التي أتت في إطارها الزيارة التي قام بها وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى بعض دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لكن ما لبث أن انكشف أن هناك تحركات إيرانية أخرى مناقضة تجاه هذه الدول، كما حدث في حالة "خلية العبدلي" التي اكتشفتها السلطات الكويتية، في شهر أغسطس الماضي، التي أوضحت التحقيقات أن لها ارتباطاً مباشراً بإيران.
وفي نهاية حديثه أكد المحاضر أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تسعى إلى إقامة علاقات سلمية مع دول الجوار كافة، وذكر أن إيران أيضاً تقول ذلك، وأنهى حديثه بالتساؤل: هل الجار قادر على عدم التدخل في شؤون الجار؟


