خبر : إدارة الظهر للتاريخ \ بقلم: آفي شيلون \ هآرتس -

الخميس 29 أكتوبر 2015 01:42 م / بتوقيت القدس +2GMT



          إحدى الكلمات المختلف عليها التي قالها شمعون بيرس انه لا داعي لدراسة التاريخ. بيرس الذي يقرأ الكتب ويعطي نفسه أهمية بالغة لم يقصد الاستخفاف بالماضي. وقام بتفسير اقواله من خلال خبرته كسياسي يسعى دائما لتغيير الواقع: "لماذا نتذكر؟ الماضي ليس جيدا. ومليء بالتراجيديا والحروب". حصل بيرس على الانتقادات والاستخفاف لاقواله. ولكن ليس صدفة ان معظم المنتقدين جاءوا من اليمين حيث الدمج بين الدين والقومية والسعي الى نسيان الجانب السلبي بين التاريخي والسياسي.

          الاونة الاخيرة كانت عيدا للمؤرخين. وادعاء بنيامين نتنياهو عن اقناع المفتي لهتلر بان يدمر اليهود حول المؤرخين الى شخصيات معروفة للحظة. امتلأت وسائل الاعلام بالاوصاف والتحليلات من قبل المهنيين حول خلفية المحرقة. صحيح أن التاريخ هو مجال حيوي ومهم وفهمه يساعد على تحليل الحاضر ولكن ان كنت سياسي اسرائيلي فان تشرب احداث التاريخ في وعيك هو أيضا عبء قد يمنع التطور من أجل مستقبل أفضل.

          آباء الحركة الصهيونية وجدوا صعوبة في تطبيق الحلم، لولا انهم كانوا جريئين بان يبعدوا تاريخ الشعب اليهودي. وليس صدفة ان ادعى حاييم هزز "ليس لدينا تاريخ، اذهبوا للعب كرة القدم". لم يسعى هزز الى عدم المعرفة وانما ضرورة الانتشاء والاعتراف بان الاهتمام بالتاريخ اليهودي لن يسمح للشعب اليهودي بان يتجدد.

          هذا هو المفتاح لفهم العلاقة التي حاول نتنياهو ايجادها بين المفتي وهتلر. حقيقة أنه اخطأ واختلق حوار لم يكن موجود تم التطرق اليها كثيرا. وهو ليس السياسي الاول الذي يشوه أدلة تاريخية من أجل تبرير طريقه. المشكلة في خطابه في السياق المبرر له: صحيح أن المفتي كان معادي للاستيطان اليهودي في ارض اسرائيل وكل مؤرخ مستقيم يعرف ان الصراع أعمق واعقد من مسألة الحدود. رغم أنه كانت في الماضي فرص تم تفويتها كان بامكانها ان تخلق التعايش، فانه منذ سنوات العشرين على الاقل معظم القادة الفلسطينيين انكروا القومية اليهودية العصرية.

          مع ذلك يمكن ايضا تحديد جذور التعالي وادارة الظهر للقادة الصهيونيين من اليسار واليمين تجاه الفلسطينيين. محمود عباس، مثلا، لن يجد صعوبة في اخراج اقوال لايزنكوت عن سياقها والذي قال ان "نحن اليهود لا توجد لنا اية صلة مع ما يسمى الشرق، شكرا لله".

          يجب البحث بالتاريخ وتعلمه. لكن القادة الذين يريدون حل الصراع يجب أن يبتعدوا عنه والنظر الى الامام. ونتنياهو لم يتحدث كابن مؤرخ وانما كسياسي يغرق الحاضر بالتاريخي من أجل تقييد المستقبل. بن غوريون ايضا عرف وأحب التاريخ لكنه استطاع التغاضي عنه كقائد. عندما تحدث عن مفهوم "المانيا اخرى" انتقده الكثيرين على تناسي المحرقة. المانيا اليوم هي الصديقة الاقرب لاسرائيل. النسيان – هو درس تاريخي ايضا.