خبر : كيف سنحيي يوم الكارثة \ بقلم: نحمايا شترسلر \ هآرتس –

السبت 24 أكتوبر 2015 03:25 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          الخطاب الذي القاه بنيامين نتنياهو في القدس امام نشطاء الكونغرس الصهيوني يضعنا امام مشكلة عسيرة: كيف سنحيي يوم الكارثة التالي؟

 

          حتى الان درجنا على عرض افلام قاسية عن آلة الابادة النازية وشهادات مفزعة للناجين. اعتقدها، لبراءتنا، بان ادولف هتلر كان هو الذي بادر الى "الحل النهائي"، والشعب الالماني تعاون معه بسرور. أخطأنا. فقد علمنا نتنياهو هذا الاسبوع بان هتلر بالاجمال اراد طرد اليهود، ولكن في اللقاء الذي عقده مع مفتي القدس، الحاج امين الحسيني، في تشرين الثاني 1941، قال له الاخير: "احرقهم" – فضرب هتلر على جبينه وقال، والله، هي فكرة، كيف لم افكر فيها من قبل؟

 

          هتلر، حسب نتنياهو، كان بالاجمال موظف التنفيذ لدى المفتي. ولان المفتي هو "شخصية مقدرة في المجتمع الفلسطيني، ويعرض كأب الامة" وابو مازن هو مواصل دربه، فان كل الفلسطينيين مذنبون بابادة الملايين الستة، مثلما هم مذنبون ايضا في باقي المشاكل التي وقعت على اسرائيل، منذئذ وحتى اليوم.

 

          اضاف نتنياهو وقال، ان موجة العمليات الاخيرة هي نتيجة "التحريض"، الذي بدأ به المفتي ومستمر اليوم ايضا. واضح ان الحديث يدور عن تحريض. فكلنا نعرف ان وضع الفلسطينيين ممتاز. مستوى معيشتهم عالٍ، هم سعداء، لا توجد سلطة احتلال، لا قمع، لا تنكيل، لا مصادرة اراضي، لا بناء على ارض خاصة، لا تفتيشات ليلية، لا حظر تجول، لا حواجز، لا بطالة، فقر وضائقة، لا مجار تتدفق في الشوارع ولا مستوطنين يحرقون الناس، المنازل، المساجد والاشجار. هذا مجرد "تحريض" عديم الاساس هو الذي أخرجهم الى موجة العمليات الحالية، ومثلما يقول نتنياهو: "يجب التعرف على الحقائق التاريخية".

 

          إذن تعالوا نتعرف. كراهية اليهود الممتدة مئات السنين هي ممارسة مسيحية، لا اسلامية. الاجراءات المتشددة، اعمال الشغب، الاهانات، اعمال القتل، محاكم التفتيش والطرد، كل هذه قام بها المسيحيون، وليس المسلمون. هتلر بلور فكرة ابادة اليهود منذ أن كتب "كفاحي" في 1923، كجزء من النظرية العنصرية. وخطة "الحل النهائي" طرحت في 1941، بل وجرى البدء بتنفيذها في الاتحاد السوفييتي فور الاجتياح الى هناك، في شهر حزيران 1941. وبشكل عام، هناك حاجة الى عقل مشبوه على نحو خاص من أجل القول ان هتلر، الذي كل جوهره قتل وابادة، كان بحاجة الى مشورة من مفتي عربي ما من الشرق الاوسط كيف يعالج اليهود.

 

          ليس هذا سوى أن السبب للقصة المريضة هو بحث يائس من نتنياهو عن مذنب ما في الورطة التي ادخلنا اليها، والتي تجد تعبيرها في موجة العمليات التي تجتاح البلاد. فبدلا من أن يشرح لماذا حطم كل فرصة للتسوية مع ابو مازن، يفضل ان يتهم الفلسطينيين بكل شيء، بما في ذلك بالكارثة. وهو يحرض ضدهم ويحاولة جعلهم وحوشا، هتلريين، كي يكون واضحا بان السبب الحقيقي للانتفاضة الحالية ليس الاحتلال وليس القمع، بل رغبتهم التاريخية في ابادتنا.  في العالم كله يسود حرج كبير من اقوال نتنياهو. وقد سخر باقواله وتعرضت للنقد من كل صوب. وسارعت حكومة المانيا الى الرد: "المسؤولية عن هذه الجريمة ضد الانسانية هي مسؤوليتنا"، ولكن نتنياهو لم يكن مستعدا لان يتنازل عن المفتي. حتى في المانيا، الى جانب انجيلا ميركيل، واصل وكرر بعضا من اقواله الترهات.

 

          قبيل يوم الكارثة التالية لا بد سيقنعنا بان نضع جانبا الافلام القديمة والقليلة عن هتلر والنازية، وبدلا منها نبث افلاما جديدة عن المفتي والفلسطينيين. وفور ذلك سيتوجه الى مهمته الاساس: بناء بيت في سلوان، وطريق التفافي الى ايتمار. إذ أن المذنب في العمليات وجده: هتلر الجديد، الحاج امين الحسيني.